الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 29 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1041873 توقيع المنتدى :
| موضوع: ان تقطف الوردة من دون ان تقتل العطر؟؟؟'"' الجمعة مايو 25, 2012 7:45 pm | |
|
|
أن تقطف الوردة من دون أن تقتل العطر ترجمة الإبداع (خيانة) لا يطالها قانون
|
[center]ياسين عدنان المغرب لقد فتح القارئ العربي في العقود الأخيرة أكثر من نافذة على الاَداب والثقافات العالمية عبر الترجمة، والكثيرون توقفوا عن اتهام الترجمة كنشاط فكري ولغوي بالخيانة، بعدما تأكدت حاجتنا إلى (خياناتها) الجميلة من أجل ضمان انفتاح عميق على ثقافة الاَخر وخياله. لكن مع ذلك، ألا تنطوي ترجمة الأدب على وجه الخصوص على تعسيف على النص الأصلي؟ وهل يكفي التضلع في اللغة لإنجاز ترجمة عمل أدبي؟ ثم ما حدود الأمانة والخيانة في ترجمة الإبداع؟ طرحت هذه الأسئلة على نخبة من الأدباء العرب البارزين الذين كانت الترجمة دائماً جزءاً من نشاطهم الأدبي.
والبداية كانت مع الأديب العراقي الدكتور علي القاسمي الذي أجابنا قائلاً: في منتصف الستينيات من القرن الماضي دعت الجامعة الأمريكية في بيروت الشاعر أحمد الصافي النجفي للقاء طلبتها وتوقيع بعض دواوينه، ووجّه الطلاب إليه عدداً من الأسئلة، وكنت واحداً منهم، فطرحت عليه السؤال الاَتي: ما الذي جعل ترجمتكم لرباعيات الخيام من أروع الترجمات العربية لهذا العمل الأدبي؟ وفوجئت بإجابته حين قال: إنني لم أترجم الخيام، وإنما كنت أنا الخيام اَنذاك، أحيا على طريقته، بعد أن تقمصت روحه روحي، وسكنت أفكاره عقلي، فأبدعت معانيه شعراً عربياً أصيلاً.
ولم أدرك مغزى إجابته حتى تعلمت أن للترجمة ثلاثة أنواع: ترجمة تحصيلية، وترجمة توصيلية، وترجمة تأصيلية. ويشرح الدكتور القاسمي الفرق بين الترجمات الثلاث قائلاً: الأولى تسعى لتحصيل معاني المفردات والجمل، والثانية تروم توصيل المعنى إلى القارئ من دون أن تتقيد بالمدلول الحرفي للمفردات أو التراكيب المحددة للعبارات والثالثة ترمي إلى تأصيل النص المنقول في الثقافة المتلقية ليصبح جزءاً منها يتمثله القارئ ويبدع فيه. ومعظم الترجمات الأدبية لا تستطيع أن تسمو إلى مرتبة الإبداع السامقة وتحافظ عليه في أثناء عملية النقل التي تشبه إبحاراً من مرفأ إلى اَخر على الشاطئ المقابل عبر خضم من العواصف الشديدة والأمواج العاتية. وهكذا قد يبتعد المترجم عن مضمون النص الأصلي وشكله، فيصدق على عمله القول الإيطالي السائر (الترجمة خيانة). وهذا ما دعا الأستاذ جوليو سيزار سونتويو، أستاذ الترجمة بجامعة ليون في أسبانيا، إلى القول في مقدمة كتابه الموسوم ب (جرائم الترجمة) إنه لا يفهم لماذا لا تعجّ المحاكم بالمترجمين ولا تزخر السجون بهم، مادام العديد منهم يقترف جرائم السرقة وشكرا والتزوير والجهل. لكن الأديب المغربي محمد برادة يرفض فكرة الزج بالمترجمين في السجون، ويدعو بالمقابل إلى تفهم خصوصية ترجمة الإبداع التي لا يجب أن نحاكمها بصرامة. . (فما يميز ترجمة النصوص الإبداعية عن ترجمة النصوص العلمية، يقول برادة، هو أن المترجم في هذه الحالة يتحول إلى كاتب له نصيب من الإبداع. فضلاً عن ذلك فإن ترجمة النصوص الإبداعية تقتضي نوعاً من التعاطف ومن (التبني) للنص المترجم. وهذا هو الذي يجعل الكثيرين يقولون إن ترجمة الإبداع هي بالضرورة كتابة تضيف إلى النص أو تشوهه). لكن ماذا عن الاختلافات القائمة بين لغة وأخرى في ما يتعلق بتركيب الجمل وطرائق التعبير؟ هنا يجيب محمد برادة قائلاً: أعتقد أن ثراء الترجمة يتحقق أساساً من خلال الحرص على نقل هذه الاختلافات. فأنا لا أميل إلى الترجمة التي تعيد صياغة النص المترجم في أسلوب وتراكيب عربية مألوفة، أي أن الاختلاف القائم بين لغة وأخرى على مستوى التعبير يجب أن يكون حاضراً وملموساً لدى قارئ النص المترجم. وأعتقد شخصياً أن لغتنا العربية قد اغتنت كثيراً في السنوات الأخيرة من الترجمة. لكن، هل الترجمة عملية واحدة لدى جميع المترجمين؟ خاصة في ثقافتنا العربية الراهنة التي تفتقر إلى تحديد دقيق لشروط الترجمة ومؤهلات المترجم؟ الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى الشاعر المصريرفعت سلام الذي يعتقد أن (ثمة في الترجمات المعاصرة ما يرقى إلى أن يكون إبداعاً، وثمة ما يتدنى إلى حد الجريمة المرتكبة في حق العمل ومؤلفه وقارئه; فهي إبداع، يوضح رفعت سلام، عندما يستطيع المترجم التوصل إلى (كيمياء) العمل الإبداعي الذي ينوي ترجمته، ويتمكن من صياغته في لغته الجديدة من دون أن يفقد سحره السري، الكامن بعيداً فيما وراء الشكل الخارجي، كأنه عمل إبداعي حقيقي باللغة الجديدة. فالترجمة ليست معرفة بالألفاظ ومعانيها (هناك من يترجمون نصاً شعرياً ترجمة صحيحة لغوياً، لكنها باردة أو ميتة)، بقدر ما هي (حساسية) خاصة تقتضي الشعري أو الشاعري في لغة توازي سلاسة اللغة الأصلية. فالترجمة - في هذه الحالة - إبداع لغوي جديد في مقابل الإبداع الأصلي، أو بالتوازي معه، استناداً إليه، أو انطلاقاً منه. وماذا لو وجدنا أنفسنا بصدد اختلاق عمل جديد باسم الإبداع في الترجمة؟ ألا نكون هنا قد تورطنا في خيانة سافرة للعمل الأصلي؟ يجيب رفعت سلام قائلاً: طبعاً هذه خيانة سافرة، فالمترجم مشروط بالعمل الأصلي ومحكوم به تماماً، وبين الالتصاق بالنص الأصلي والابتعاد عنه في فعل الترجمة; أي بين (الأمانة) و(التفريط) ثمة مسافة (سرية) دقيقة. فللمترجم أن يمنح نفسه للنص الأصلي، لا أن يستلبه لحسابه الشخصي أو الأدبي. يجب أن يكون هو في خدمته لا أن يستخدمه ويتعالى عليه فتواضع المترجم إزاء النص الأصلي ليس قيمة أخلاقية، بل هو طريق إلى الإبداع واكتشاف السري. ولا حديث عن الترجمة عموماً من دون معرفة عميقة بالمؤلف، ومجالاته الحيوية، الحياتية والثقافية والتاريخية، وانتماءاته المختلفة، وتيارات العصر المواكبة، وتمايزه وخصوصياته الثقافية وتوجهاته الإبداعية، والإلمام بأعماله الأخرى. فهذه المعرفة شرط أولي لترجمة عمل معين باعتبارها الأداة للسيطرة على عالم المؤلف وإشاراته ورموزه. هذه المعرفة العميقة بالمؤلف يؤكدها أيضاً الشاعر المغربي المهدي أخريف الذي ارتبط اسمه لدى قراء العربية باسم الشاعر البرتغالي الكبير فرناندو يسوا، هذا الشاعر الصعب الذي يتحاشاه المترجمون، فيما اختار أخريف أن يتخصص فيه، حيث ترجم عدداً مهماً من دواوينه واَخرها عمله الضخم (كتاب اللاطمأنينة). يقول خريف: سيكون من قبيل المجازفة والتجني أن يتصدى مترجم لنقل عمل إلى العربية من دون معرفة عميقة وشاملة بالعالم الإبداعي والظروف التاريخية والنفسية لمؤلفه، ولا أخفيك أن ترجمتي ليسوا كانت في الحقيقة تتويجاً لعلاقة شعرية وطيدة امتدت سنوات طويلة. كانت صداقة >يسوا قد تمكنت مني تماماً حينما بدأت أترجم نصوصه الأولى، فعبر ترجمته كنت أحاول خلق امتداد لذاتي الشعرية عبر ذات شاعر اَخر هو أحد أعظم مبدعي هذا القرن بلا جدال. ولقد فوجئت وفوجئ معي مسؤولو هيئة قصور الثقافة والمجلس الأعلى للثقافة بمصر، وكذا الإخوة في وزارة الثقافة المغربية، بالإقبال الشديد الذي حظيت به ترجماتي ليسوا التي صدرت عنهم من طرف المثقفين وعموم القراء. وأنا أعزو هذا النجاح إلى أن القراء قد اقتنعوا بأنني لا أترجم لهم نصوصاً فحسب، بل أنقلهم من موقع الصداقة إلى تجربة شاعر كبير صار اليوم أقرب أصدقائي إلى نفسي وأكثرهم ملازمة لي. ولا يخفي أخريف أن معرفته العميقة بعالم يسوا قد مكنته من الاشتغال على نصوصه بحرية، حيث يقول: كنت في العديد من المواقف أتجاوز دور المترجم، وكثيراً ما وجدت نفسي أمشي على الحبال الخطرة للّغة; تماماً كأُلعبان، خالقاً وخارقاً في اَن واحد العديد من القواعد والصيغ الصرفية والتركيبية المرسخة في اللغة العربية، كل ذلك من أجل الارتقاء بالترجمة إلى مستوى يضارع الأصل. ولأن الارتقاء بالترجمة إلى مستوى الأصل ليس متاحاً دائماً، فإن العديد من التجارب الأدبية تثير شهية أكثر من مترجم; كل واحد يعتقد أنه أقدر على النفاذ إلى عمق هذه التجربة من زملائه، ولأن تجربة الأديب اللبناني صلاح ستيتية الذي يعد أحد أكبر شعراء اللغة الفرنسية في وقتنا الحالي، قد أثارت اهتمام العديد من المترجمين العرب، فإننا سألناه عن الفرق بين هذه الترجمات، فكان جوابه كالاَتي: تُرجمتُ شخصياً من طرف أدونيس وكاظم جهاد وجاك الأسود ورواد طربيه والدكتور مصباح الصمد والدكتور مروان فارس واَخرين، وأعتقد أن كل ترجمة من هذه الترجمات تختلف عن الأخرى بأشياء ترتبط بشخصية المترجم وحساسيته، إضافة إلى مدى إتقانه للغتين. . فمثلاً في تقديمه لأعمالي الشعرية الكاملة التي أصدرها بالعربية في ما يقارب المئة صفحة، قام المترجم جاك الأسود بانتقاد جميع الترجمات الأخرى على أساس أنها غير دقيقة. وإذا به يأتي بترجمة قد تكون دقيقة لغوياً إلى حد كبير، لكن هذا لا يعني أنها موفقة شعرياً; ففي الترجمة الإبداعية علينا ألا نتوقف فقط عند الدقة اللغوية. بل الأهم في اعتقادي هو الدقة الشعرية. وهناك عبارة حلوة لأدونيس في هذا السياق يقول فيها: على الترجمة أن تقطف الوردة من دون أن تقتل العطر. . لأن أهم شيء في الوردة في النهاية هو عطرها، كذلك النص الأدبي، إذا أفقده المترجم روحه، فإن قراءته هنا ستصير مجرد مضيعة للوقت. إن بعض المترجمين يقتلون العطر في أثناء قطفهم الوردة ما يجعلنا نتفهم دعوة جوليو سيزار سونتيو لتقديمهم إلى المحاكمة. لكن قبل ذلك، علينا أن نحاسب أنفسنا أولاً، فنحن لا نعطي هؤلاء المكانة اللائقة بهم. . وعادة ما ننظر إليهم على أنهم أدباء من الدرجة الثانية أو أنصاف مبدعين. أما مؤسساتنا الثقافية فهي لا تحترم مجهوداتهم، وعادة ما تتركهم يواجهون لوحدهم ظروف النشر المزرية التي تصل ببعضهم أحياناً إلى وضعية (المتسول). إن ترجمة الإبداع تساهم بشكل جوهري في إغناء المخيلة وتوسيع المدارك وترسيخ قيم الانفتاح، فمتى تحس مؤسساتنا الثقافية العربية بأن هذه المهمة من صميم مسؤوليتها، فتوفر بالتالي للمترجم شروطاً أفضل لممارسة عمله بتألق يرقى بإنتاجه إلى مقام الإبداع؟
|
|
[/center] | |
|
ايبروا عضو نشيط
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 71 العمر : 28 تاريخ التسجيل : 23/05/2012 السٌّمعَة : 1 نقاط : 87703 توقيع المنتدى :
| موضوع: رد: ان تقطف الوردة من دون ان تقتل العطر؟؟؟'"' الجمعة مايو 25, 2012 8:08 pm | |
| | |
|