أزمة صواريخ كوبا _ الجزء الثاني _
رحلات U-2 والاكتشاف
صورة استطلاعية لصواريخ نووية سوفييتية
في كوبا. ويرى الشاحنات والخيام
للتعبئة والصيانة
وصلت الدفعة الأولى من صواريخ SS-3 باليستية متوسطة المدى في مساء 8
سبتمبر، وتبعتها الدفعة الثانية بتاريخ 16 سبتمبر. وقد أتم السوفييت بناء 9
مواقع لتلك الصواريخ، 6 لصواريخ SS-4، وثلاث مواقع لصواريخ SS-5 ذات مدى
2,400-ميل (3,900 كم). الترسانة المخطط لها كانت 40 منصة، ستزداد 70 ٪ في
حالة الضربة الأولى. ولاحظ السكان الكوبيين ذلك وأرسلوا مئات التقارير إلى
ميامي، وقد اعتبرتها المخابرات الأمريكية انها مزيفة.
بتاريخ 8 أكتوبر
وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال الرئيس الكوبي إزفالدو دورتيكوس
(1919-1983) خلال خطابه: إذا تعرضنا لهجوم، سندافع عن أنفسنا. وسأقولها مرة
أخرى، لدينا ما يكفي من الوسائل لدفاع عن انفسنا، فلدينا أسلحة حاسمة، وإن
كنا لانفضل أن نحوز تلك الأسلحة أو استعمالها. هناك العديد من القضايا
ليست بذات علاقة مع الصواريخ ولكنها لم تكتشف حتى يوم 14 أكتوبر، عندما
أظهرت طائرات ال U-2 بناء لمواقع الصواريخ SS-4 بالقرب من سان كريستوبال
بغربي كوبا.
خطط ردة الفعل الأمريكية
إطلع كيندي على الصور في 16 أكتوبر، فاجتمع مع اللجنة التنفيذية
لمجلس الأمن الوطني، وهم 14 شخصا بالإضافة لأخيه روبرت في الساعة 9:00
صباحا، ولم يكن للحكومة أي خطة عمل للرد على مثل هذا التهديد، والسبب هو أن
المخابرات الأمريكية كانت مقتنعة بأن السوفييت لن يضعوا أي صواريخ نووية
في الأراضي الكوبية. وقد ناقشت تلك اللجنة خمس خطوات قابلة للتنفيذ:
لن يعملوا أي شيء.
استعمال الضغوط الدبلوماسية لحث الإتحاد السوفييتي على إزالة صواريخه.
استخدام القصف الجوي لضرب الصواريخ.
غزو عسكري شامل.
حصار بحري لكوبا، وقد أعتمد استخدامه بحظر أكثر تشدد.
وقد
اتفق جميع الأعضاء بأن الحل الوحيد هو عمل هجوم واسع النطاق وغزو كوبا.
واعتقدوا بأن السوفييت لن يحركوا ساكنا لوقف الغزو الأمريكي لكوبا، ولكن
كيندي كان متشككا بذلك قائلا:
«هؤلاء أكثر منا نحن، الذين يستطيعون ترك هذه الأمور تمر بسلام بدون عمل
شيء. وبعد كل ما فعلوه فهل يسمحوا لنا بأخذ صواريخهم وقتل خبرائهم ثم
يتركوننا دون فعل شيء؟ فإذا لم يفعلوا شيئا بكوبا فبالتاكيد سيفعلونها في
برلين»
خلص كيندي بأن الهجوم الجوي سيجعل السوفييت مقتنعين بأنهم أخذوا الضوء
الأخضر لاحتلال برلين. بالإضافة إلى ذلك فإن حلفاء الولايات المتحدة
سيكونون مقتنعين أيضا بأنهم خسروا برلين لأن الولايات المتحدة لم تتمكن من
وضع حل سلمي للقضية الكوبية.
كنيدي مع وزير دفاعه ماكنمارا
دعم روبرت ماكنمارا الحصار البحري بشكل قوي مع إمكانيات عسكرية محدودة لإبقاء الأمريكان مسيطرين على الوضع.
وبتاريخ 18 أكتوبر قابل كيندي وزير الخارجية السوفييتي أندريه جروميكو
الذي شدد على أن لايوجد أسلحة هجومية في كوبا وأن الوجود السوفييتي هو فقط
لإصلاح الأراضي والدفاع. ولكن كيندي كان مطلعا وبشكل واسع على القدرات
السوفييتية عن طريق المنشق السوفييتي (أولغ بنكوفسكي). وبالتحديد فهو على
علم بأن السوفييت يمضون ببطء في تطوير صواريخ عابرة للقارات لذا سيستفيدون
من وضع صواريخ في كوبا ذات مدى متوسط وهي (SS-4 Sandal حسب تسمية الناتو
واسمها الحقيقي هو R-12 Dvina) و(SS-5 Skean حسب تسمية الناتو واسمها
الحقيقي هوR-15 Chusovaya) كمقابل لصواريخ PGM-19 Jupiter الموجودة بتركيا
وإيطاليا وصواريخ PGM-17 Thor متوسطة المدى بالمملكة المتحدة. لكن توزيع
الصواريخ عابرة القارات الأمريكية كان من التنظيم بحيث أن الصواريخ متوسطة
المدى مهملة ولا تستخدم إلا كأوراق مساومة.
تمكنت رحلات U-2 التجسسية بتاريخ 19 أكتوبر من تصوير 4 مواقع عمليات.
وقد أرسلت الفرقة المدرعة الأولى إلى ولاية جورجيا وتم رفع درجة التأهب في
خمس فرق عسكرية إلى الدرجة القصوى. ووزعت القيادة الجوية الاستراتيجية
(SAC) قاذفات القنابل B-47 قصيرة المدى على مطارات مدنية، وجعلت قاذفات
القنابل بي-52 تحلق عاليا وبشكل مستمر، وكليهما في حالة تأهب قصوى عند
الهجوم، النقطة المهمة لطائرات البي 52 هي أنها غير معرضة لخطر الهجوم على
قاعدتها. أما تشتيت طائرات B-47 فيجعل مهمة العدو الافتراضي صعبة جدا لكي
يهاجم جميع المطارات التي تحتوي على قاذفات قنابل.
أظهر اجتماع آخر
للجنة التنفيذية لمجلس الأمن الوطني بأن عدد ضحايا الضربات الجوية سيكون ما
بين 10,000 إلى 20,000 شخص. وقد اكتشفت رحلة استطلاع أخرى قاذفات وصواريخ
عابرة بالساحل الشمالي لكوبا، مما أعطى كيندي الأوامر بحصار كوبا. وعندما
استفسر منه الإعلام عن طبيعة تلك الأسلحة الهجومية قال لهم بأنه حظر تلك
التقارير إلى ما بعد خطابه للأمة، وقد أبلغ بريطانيا وباقي الحلفاء بنفس
الليلة.
تنفيذ الحظر
الحصار بالأعراف الدولية المعتادة هو منع جميع السفن من الدخول إلى
المنطقة المحاصرة، ويعتبر نوع من أنواع الحروب. لذلك فالحظر يكون أكثر
انتقائية كما بتلك الحالة، ويكون محدودا للأسلحة الهجومية فقط. بينما
الوثائق الرسمية للبحرية الأمريكية تستخدم مصطلح حصار. هنا وثيقة للأدميرال
جورج أندرسون آمر البحرية الأمريكية:
«في البداية كانت المشاركة لفرض حصار بحري ضد أي أسلحة هجومية خلال نطاق
منظمة البلدان الأمريكية ومعاهدة ريو. وقد يتوسع هذا الحصار ليشمل جميع
أنواع البضائع وأيضا النقل الجوي. هذا العمل يدعم الرقابة على كوبا، فمهمة
آمر البحرية الأمريكية هي المتابعة عن كثب لما يسمى تنفيذ الحظر»
للتمييز ما بين حظر الأسلحة الهجومية مقابل حظر المواد الأخرى، وفي
إشارة إلى أن الحصار التقليدي لم يكن هدفه الأساسي. بما أن الحظر يجري
بالمياه الدولية فالرئيس كيندي أخذ الموافقة من (منظمة البلدان الأمريكية)
للعمل العسكري حسب نصوص معاهدة ريو للدفاع عن نصف الكرة الغربي.
اشتراك أمريكا اللاتينية بالحظر من خلال ابلاغ قائد عمليات جنوب المحيط
الأطلسي [COMSOLANT] بإشراك الأرجنتين بمدمرتين حيث ستكون في ترينيداد في 9
نوفمبر، بالإضافة إلى غواصة وكتيبة مشاة بحرية مع توفير رافعة إن تطلب
الأمر لها. وابلغ قائد [COMSOLANT] أيضا بإرسال فنزويلا لمدمرتين وغواصة
ستكون جاهزة للإبحار في 2 نوفمبر. حكومة ترينيداد وتوباكو عرضت قاعدتها
البحرية للاستخدام من قبل دول أمريكا خلال الحظر. ووفرت جمهورية
الدومينيكان سفينة حراسة. وأبلغت كولومبيا باستعدادها لتجهيز وحدات وسترسل
ضباط عسكريين إلى الولايات المتحدة لمناقشة الاستعدادات. وقد وفر سلاح
الطيران الإرجنتيني 3 طائرات إضافية للمشاركة بعمليات الحظر