حالة اسبانيا وقت الفتح |i!i!i|
حالة اسبانيا وقت الفتح
حالة اسبانيا وقت الفتح.
كانت المملكة القوطية تجوز
دور انحلالها قبل ذلك بأمد طويل ، وكان المجتمع الإسباني يعاني صنوف الشقاء
والبؤس ، وقد مزقته عصور طويلة من الظلم والإرهاق والإيثار.
ولم يكن القوط
في الحقيقة أمة بمعنى الكلمة ، فإنهم لم يمتزجوا بسكان الجزيرة ، ذلك الامتزاج
الذى يجعل الغالب والمغلوب ، والحاكم والمحكوم ، أمة واحدة.
بل كان القوط
يستأثرون بمزايا الغلبة والسيادة ، وينعمون بإحراز الإقطاعات
والضياع الواسعة ، ومنهم وحدهم الحكام والسادة والأشراف.
أما سواد الشعب الأعظم ، فقوامه طبقة
متوسطة رقيقة الحال ، وزراع شبه أرقاء يلحقون بالضياع ، وأرقاء للسيد عليهم
حق الحياة والموت.
والى جانب السادة والأشراف ، يتمتع رجال الدين بأعظم
قسط من السلطان والنفوذ ، ذلك أن القوط كانوا أتقياء مؤمنين رغم خشونتهم
، وكان للأحبار عليهم أيما تأثير ، وقد استطاعوا أن يوجهوا القوانين والنظم ، وأن
يصوغوا الحياة العقلية والاجتماعية ، وفقا لمثل الكنيسة وغاياتها.
ثم استغلوا هذا
النفوذ في إحراز الضياع وتكديس الثروات ، واقتناء الزراع والأرقاء.
وهكذا
كانت ثروات البلاد كلها تجمع في أيدى فئة قليلة ممتازة من الأشراف ورجال
الدين ، اختصت بترف العيش ومتاع الحياة ، وكل نعم الحرية والكرامة والاعتبار.
أما الشعب فقد كان في حالة يرثى لها من الحرمان والبؤس ، يعاني أمر ضروب
الظلم والعسف والإرهاق ، ويُخص وحده دون الطبقات الممتازة ، بأعباء المغارم
والضرائب الفادحة ، ومشاق العمل ، والسخرة في ضياع الأشراف والأحبار
، وتسلبه فروض العبودية والرق ، كل شعور بالعزة والكرامة.
ولم يكن الشعب
كما قدمنا سوى كتلة مهيضة من طبقة فقيرة وسطى ، ومن جمهرة من الزراع شبه
الأرقاء والأرقاء ، ومع ذلك فقد كان يقع عليه إلى جانب هذه الفروض والمغارم
_______
= في كثير من التحريف والخلط (ج 4 ص 212 و213) .
وقال ابن حيان بعد أن ذكر أصل اسم
اسبانيا 5 " وغلب على هؤلاء الإشبانيين من عجم رومة أمة يدعون البشتولقات (الوندال) وملكهم طلويش
بن بيطة وذلك من بعث المسيح.
ثم دخلت عليهم أمة القوط " (نقله المقرى في نفح الطيب ج 1 ص
69 ) .
وأقرب الروايات إلى الصحة هى رواية ابن خلدون ، فهو يقول متفقا مع الرواية اللاتينية :
" إن القوط قد امتلكوا القطر الأندلسي لمئتين من السنين قبل الإسلام.
بعد حروب كانت لهم مع
اللطنيين ، حاصروا فيها رومة ثم عقدوا معهم السلم على أن تنصرف القوط إلى الأندلس " (ج 4 ص 116) .
الكتاب : دولة الإسلام في الأندلس ( الجزء الأول )
تأليف : محمد عبد الله عنان
العصر الأوَّل - القسم الأوَّل
من الفتح إلى بداية عهد الناصر