منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم
 مشاهد وشواهد من القدس R2a20texcj3r
منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم
 مشاهد وشواهد من القدس R2a20texcj3r
منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم

إنتظروا منا الأعمال المميزة يوميا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
(https://rafik4educ.yoo7.com/) أين تجد العديد من الملفات الأخرى في منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم يمكن تحميلها من روابط مباشرة و بسهولة تامة مجانا ، من أجل إستمرار الموقع و إستفادتنا من العديد من المزايا الأخرى من طرف صاحب الاستضافة للموقع نرجوك أن تقوم بالضغط على الاعلانات الموجودة في الموقع عند زيارتك له.مع تحيات مدير الموقع :حسام الدين وتواصلوا معنا عبر البريد الالكتروني :houcem43@gmail.com
Cool Blue Outer
Glow Pointer

 

  مشاهد وشواهد من القدس

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الأستاذ لشهب يونس
المدير العام

المدير العام
الأستاذ لشهب يونس


الأوسمة وسام الاداري المميز
 مشاهد وشواهد من القدس 41627710
الجنـسية : gzaery
المزاج المزاج :  مشاهد وشواهد من القدس Pi-ca-20
الـبـلـد : الجزائر
نوع المتصفح : fmfire
الهواية : chess
المهنة : studen
الجنس : ذكر
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 21381
العمر العمر : 29
تاريخ التسجيل : 01/02/2009
السٌّمعَة السٌّمعَة : 751
نقاط نقاط : 1041713
توقيع المنتدى : توقيع المنتدى + دعاء

 مشاهد وشواهد من القدس Empty
مُساهمةموضوع: مشاهد وشواهد من القدس    مشاهد وشواهد من القدس Icon_minitimeالإثنين يوليو 23, 2012 11:24 am

 مشاهد وشواهد من القدس 851345


مشاهد وشواهد من القدس

تؤلفُ
الهضبة الفلسطينية، ما بين مرج ابن عامر، شمال وسط فلسطين، ومنطقة بئر
السبع جنوباً، مجموعة التلال والسلاسل الجبلية، تفصلُ بينها الخوانق،
وتكثر فيها الكهوفُ والتضاريسُ الوعرة. تعرّضت الهضبة إلى التصدّع في
أطرافها، وخاصّةً في منحدراتها الشرقية، على شكل حروفٍ وعرة شديدة
الانحدار، تطلّ على وادي الأردن والبحر الميت. أمّا المنحدرات الغربيةً
فتهبط ببطءٍ نحوَ الساحل.
وعبر شريطٍ ضيقٍ، يمثّل عتبةً منخفضةً
نسبياً، شكّلت القدسُ معبراً يصل الطريق الساحلي بالطريق الداخلي. شريط
صاعدٌ يصل أريحا بالقدس، وشريط هابطٌ يصلُ القدس بيافا.
شكّلَ
هذا الشريطُ أحد المعابِر الرئيسة للتواصلِ البشري في حقب التاريخ القديم،
بين حضارات دول ما بين النهرين ومصر، وحضارات دول الجزيرة العربية وقد
دلَّت التنقيبات التي أجريت في تل السلطان على أنَّ أريحا من أقدم مدن
العالم, وترجع إلى ما قبل العصر الحجري في الألف السادسة قبل الميلاد، وقد
اكتُشف فيها أقدم فخارٍ وأقدم نحتٍ في العالم، وقِدَمُ أريحا قِدَمَ
الكنعانيين، منحوها اسمها، فهي مدينة
القمر بلغتهم، ومنبت الروائح العطرية. ويافا كذلك، من أقدم مدن العالم
ذُكِرت في وثائق تحتمس الثالث -ملكِ مصر-. ولوحاتِ تل العمارية، ويعني
اسمها في الكنعانية: مدينة الجمال.
برزت أهميةُ هذا الشريان
الحيوي، الذي ربط ما بين أريحا ويافا، خلال عصر الجفاف الميسيني ما بين
1300-1050 ق.م، حيث انهارت حضارات في القسم الشماليّ والشرقي من حوضِ
البحر الأبيض المتوسط. شهدت المرتفعات نزوحاً سكانياً، من المنحدرات
ومواقع منابع المياه، وهجرات من المناطق التي أخذت تتجه إلى التصحّر،
ومرتفعات القدس مثالٌ لهذا الحراك السكاني.
صعد اليبوسيون من "بني
كنع"، أي الكنعانيون، مرتفعات القدس، وكانوا المؤسسين لـ"يبوس" على بعد
ثلاثمائة متر تقريباً من جنوب منصة الحرم القدسي الحالية، وذلك منذ بدايات
القرن السابع قبل الميلاد.
دلّت التنقيبات التي قامت بها كاثلين كينيون
خلال عامي 1961-1962م، وما تلاها من تنقيبات، على قيام اليبوسيين، ببناء
مصاطب مدعمةٍ بأسس حجرية ضخمة وأبنية على السفح الشرقي من الانحدار، كما
أشارت إلى نشوء مجتمع زراعي نشط، زرع أشجار الزيتون والكرمة، إضافة إلى
الحبوب.
إنّ بقايا الأبنية، والمعابد والمدافن المكتشفة، لا تختلف عن
مثيلاتها التي عثر عليها في الفترة نفسها، في جبيل ومجدو وعمريت، وتعطي
إشارات إلى وحدة حضارية تضمّ الفضاء الجغرافي الواحد.
لم تحافظ القدس
على استقرارها النسبي، وخضعت على الدوام لمتغيرات الصراعات المحلية
والإقليمية، وكان موقعها ووفرة محاصيلها، من زيت الزيتون والخمور والحبوب،
مطمَعاً للغزاة على مسار التاريخ. هذه المتغيّرات تضعنا أمام مشاهد
متعددة، سنلقي الضوء على بعضها مما يعتبر لحظات حاسمة في تاريخها، مع
إيراد الشواهد التي تقارب ذلك.

المشهد الأول:
اجتياح قورش
الفارسي بلاد الشام ومصر سنة 515 ق.م، ضمّ جيشه أعداداً من يهود بابل
وفارس، أسكنهم مرتفعات القدس وجزيرة الفيلة في مصر كحاميات عسكرية بمواجهة
المصريين, وخلال الحكم الفارسي الذي امتدّ أكثر من مائتيْ عام، كانت
"يهود" أو "اليهودية" إحدى المقاطعات في التنظيم الإداري لفارس، ولم تعرِف
المنطقة هذه التسمية من قبْل وهذه التسمية وجدت منقوشة على الجرار
الفخارية التي كانت تملأ زيتاً أو خمراً، وتنقل إلى فارس، ضمن المغانم
والأسلاب.
منح قورش الفارسي وحلفاؤه، اليهودَ بوصفهم وكلاء سلطة محتلة،
حرية ممارسة عباداتهم الخاصة, صاغ اليهود سرديةً ظلامية عدوانية، اتخذوا
فيها "يهوه" إلهاً عنصرياً عدوانياً خاصاً بهم. وضعوا لأنفسهم دوراً شاذاً
غربياً، دور الاستعلاء على كلّ الشعوب.
كافأ اليهودُ الفرسَ، بتنسيبهم
للنادي السامي، وبالمقابل طردوا الكنعانيين من هذا النادي وألحقوهم بنسل
حام, ولما انحسر الاحتلال الفارسي عن بلاد الشام ومصر، دخلت المنطقة
الاحتلالين اليوناني والروماني. أبقى اليهود ولاءهم لفارس، يمارسون
الشغبَ، وإحداث الفتن ضد الحكام الجدد.
وفي عام 37ق.م, عيّن الرومان هيرود الآدومي حاكماً لمقاطعة اليهودية. شيّد هيرود معبداً ضخماً على دعاماتٍ ومصاطب حجرية هائلة لتطوير عناصر الطوبغرافية الطبيعية لمنحدرات الموقع، وهي الأساسات لمنصة الحرم القدسي الحالية.
لم تعمرْ قدسُ هيرود
طويلاً بعد موته، فقد انقضّ اليهود على حامية المدينة، وتسلّلوا إلى
معبدها، مما استدعى قدوم "تيطس الروماني" عام 70 ميلادية لإخماد تمردهم,
ولدى تكرار ذلك عام 1132 ميلادية، هاجم "هادريان" المدينة، فدمّرها بما في
ذلك معبد هيرود،
وأنشأ على أنقاضها مدينة جديدة أسماها "إيليا" تقارب حدودها حدود المدينة
القديمة للقدس، مشكّلاً مشهداً جديداً للقدس، "دون يهود"، كما كانت عليه
قبل الاحتلال الفارسي للمدينة, وقد أبقى هادريان على أساسات منصة معبد هيرود.
تعرّضت الأساسات إلى التهدم عبرَ الزلازل المتكررة، ولم يبقَ منها سوى قسم
من أساساتها الغربية فيما سمي بحائط البراق الشريف, والذي يدًعي اليهودُ
تسميته بحائط المبكى.

المشهد الثاني:
عندما بشّر السيد
المسيح عليه السلام برسالته، اتجه إلى قلب القدس وروحها لتخليصها من
اليهودية, وخلال قرون ثلاثة، تلَتْ عهد قسطنطين، كان المشهد الروحي للقدس
يرتسم عبر أربع من أعلى ذراها، وتحت إطلالة أربعة معالم مسيحية بارزة:
هي كنائس "القيامة" و"نيحا العذراء" و"نيا الكبرى" و"الصعود" على جبل الزيتون.
كان
يعكر صفاء هذا المشهد الروحي، احتلال روماني وبيزنطي، وباجتياح فارس للقدس
عام 614 ميلادية، دخلت القدس في نكبة كبرى. أشار إليها القرآن الكريم
"غُلبت الروم في أدنى الأرض، وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين".
وكما
في المشهد الأول، كان اليهود يشكّلون مقدمةَ الجيش الفارسي بقيادة كسرى
الثاني "أبرويز". دُمرت خلال هذا الاجتياح معظمُ الكنائس العربية، وضمنها
كنائس القدس الأربع. جاء في تاريخ مختصر الدول للعلامة غريغوريوس الملطي
المعروف بابن عبري المتوفى سنة 685 للهجرة الموافق 1286 ميلادية: "وأمر
كسرى أنْ يؤخذ رخام الكنائس التي في جميع المدن التي فتحها ويحدّر إلى
المدائن", وقد حدّدت خريطة كبيرة من الفسيفساء غطّت أرضية إحدى الكنائس
القديمة في مأدبا، شرق نهر الأردن، مواقع الكنائس الأربع بدقةٍ بالغة، كما
حدّدت مخططات ولوحات عديدة، حدود مدينة القدس وأهمّ معالمها في تلك الفترة.
وبإسراء
الرسول العربي محمد بن عبد الله، عليه السلام، يكتمل المشهد الروحي للقدس,
من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى سنة 620 ميلادية، ليعطي المشهد إشارات
وتضمينات ودلالات قوية بقرب خلاص القدس. ثم جاءت زيارة عمر بن الخطاب
للقدس سنة 638 ميلادية، ووضعه حجر الأساس لمسجدها الأقصى فوق منصة هيرود، مقابل كنيسة القيامة التي حافظ عليها.
استكمالاً
لسياسة عليا، بدأت بجيوش الفتح، وانتهت بإعلان مشترك وقّع عليه كلّ من
صفرنيوس "بطريرك المسيحيين العرب" في القدس، وعمر بن الخطاب بخلاص القدس
من سلطة المحتل البيزنطي، والوجود اليهودي فيها. شهدت القدس بعد ذلك، سابقة هي الأولى من نوعها وهي اقتران
القدس الروحية بمنح الشرعية للسيادة العربية. فعلى منبر المسجد الأقصى
يأخذ معاوية البيعة من زعماء المسلمين والمسيحيّين على السواء عام 661
ميلادية. ويقوم الخلفاء العظام، بعد ذلك، بإعادة بناء المسطح الأرضي لمنصة
المسجد الأقصى في بناءٍ فريد وجمالٍ لا تخطئه العين. ترسمه على الأرض
والأفق، قبة الصخرة، وسلسلة من المباني المهيبة
إلى الجنوب من مبنى المسجد الأقصى، ما زالت بقايا مهمة فيها، مرئية كشفتها
تنقيبات مازار وبن دوف. هذه الأبنية وتلك، ما زالت تعطي دلالة عن سلطة
المقدس وسيادة المشهد العربي للقدس، على الأرض والحجر والتاريخ.

المشهد الثالث:
بعد
اجتياح الفرنجة للرّها وأنطاكية، وسقوط القدس في الخامس عشر من شهر تموز
عام 1099م، عادت معظم الجموع التي حشدت لهذا الغرض ولأغراض أخرى معروفة،
وبقيت مجموعات محددة من الفرسان والمشاة متمركزة في مراكز الممالك
اللاتينية التي أنشئت، وقلاع منتشرة في مواقع حصينة تتحكم بعقد المواصلات
والتواصل البشري. استمر الاحتلال مائتي سنة، بسبب الإمدادات والحملات التي
كانت تأتي بين فترة وأخرى من جهة، وبسبب ضعف المسلمين وتشرذمهم، ولجوء
الأخ إلى عدوّه يلتمس منه الدعم ضدّ أخيه.. القصد من هذا التقديم، هو
إلقاء الضوء على خلفية المشهد الذي سنستعرضه معاً:
بدأت المقاومة
للاحتلال منذ اللحظة الأولى، لاحتلال أول شبر من الأرض، وتصاعدت مع سقوط
القدس، ورغم تواضع مستواها وتشتّتها، إلا أنها استمرت دون توقف. افتقرت
إلى
حسن الإعداد والتنظيم، واقتصرت على حرب المواقع: مدينة تُهدّد أو تُحرّر،
قلعة تسقط أو تُستعاد، فترة امتدت ثلاثين عاماً، اتسمَت بالكرّ والفرّ،
وتداول النصر والهزيمة, التحول الكبير الذي شهدته المقاومة وأردت التركيز
عليه، كان توليَّ عماد الدين زنكي أمر ولاية الموصل وأعمالها سنة 521هـ
-1127 ميلادية، أيْ بعد 28 عاماً على سقوط القدس بيد الفرنجة. بدأ عماد
الدين بتحقيق الوحدة، ما بين المدن المتناحرة، وما عجز عن تحقيقه
بالمفاهمة، حقّقه بالقوة. وحّدَ حلب وحماة وحمص، وتوجّه بعد ذلك إلى
الرّها (المملكة اللاتينية الأولى)، فأسقطها وطرد الفرنجة منها إلى ما
وراء غرب الفرات.

وضع عماد الدين الأسس لقاعدة انطلاق مقاومة شاملة
امتدّت من شمال بلاد الشام والعراق حتى أطراف دمشق، قدّم نموذجاً للحاكم
الصالح، وقوّى الأمل باسترجاع الأرض وطرْد المحتل، في وقتٍ كانت ترتفع
الأصوات هنا وهناك، بأنّه لا قِبَل لنا بالمواجهة، وللأسف فإنّ بعض
المناطق دخلت التطبيع، تقدّم الغذاء والتموين حتى السلاح لجيوش العدو.
على
أنّ أفضل أثرٍ تركه عماد الدين زنكي بعد استشهاده، هو ابنه نور الدين
محمود. كان واضحاً في ذهن نور الدين منذ انتقلت إليه الولاية، الهدف
الأساسي الذي لا أولوية قبله، تحرير الإنسان، واسترداد الأرض ومنذ تلك
اللحظة، أخذ ببذل الأسباب وإعداد العدّة وفق تصورٍ متكاملٍ، وتجييش
للجميع، دون النظر إلى القوميات والعصبيات والجنسيات والمذهبيات
والديانات، وبلغة عصرنا اصطفاف الجميع حول الوطن الواحد.
وقد كان
للتكوين النفسي والشخصي والصوري لشخصه، ومَنْ حوله من القادة والمسؤولين
الأثر الكبير في تشكيل القيادة الواعية الصادقة، والإحساس بالمسؤولية تجاه
الزمن خوفاً من ضياعه، الإنجاز الأكبر والذي حقّقه عام 549هـ الموافق 1154
ميلادية، ضمّ دمشق لجبهة المقاومة وتحريره جميع الأرض التي كانت تتبع
أنطاكية شرق العاصي.

المشهد الرابع:
بقي الهدف الأكبر، وهو
تحرير القدس. كان يدرك أنّ السبيل إلى تحريرها مع أرض فلسطين يكمن في
إحكام الكماشة حول الجيوش المحتلة ويتحقّق ذلك بتحقيق وحدة مصر مع بلاد
الشام. أنجز صلاح الدين ذلك، وضمّ مصر إلى جبهة المقاومة، وحرّر القدس في
ليلة السابع والعشرين من رجب ليلة الإسراء من عام 583 هجرية الموافق
الثاني من الشهر العاشر سنة 1187ميلادية.
كان لمسلك الغزو الصليبي
الغربي، وذبحه للأرثوزكس البيزنطيين، في البلقان والقسطنطينية، ثمّ
للمسيحيين العرب وعمليات النهب والهدم للكنائس العربية في الطريق إلى
القدس، أثره الكبير في إبعادهم عن السيطرة على الأرض، وأبعدت عنهم حلفاء
محتملين، وفقاً للحسابات الغربية الخاطئة. لقد تبنّت الحملات المتدفّقة
المتتالية، عمقاً توراتياً، هو عمق المركزية الأوروبية الرومانية، كلما
دخلوا أرضاً تفيض بالحليب والعسل، استأصلوا السكان القاطنين، بغضّ النظر
عن جنسياتهم ومعتقداتهم ودياناتهم.
لذلك كان من الطبيعي انخراط
الأقباط الأرثوذكسي العرب في مصر ورعايا الكنائس العربية في بلاد الشام
وأعالي الجزيرة، ضمن مشروع المقاومة الذي بدأه أبناء جلدتهم، عماد الدين
وصلاح الدين فعلى مسار الشواطئ الشرقية للبحر المتوسط، تولّى الغوّاصون من
الأرثوكس الأقباط، أمر مراقبة السفن التي تنقل الفرنجة، ونقل المعلومات
المتعلقة بالإعداد والتسليح إلى صلاح الدين مباشرة. ويوم دخل صلاح الدين
القدس، كان إلى جانبه كوكبة من فرسان المسيحيين العرب بقيادة الكاهن يوسف
بابيط، عمل مستشاراً له، مع قبطيّ آخر هو ابن أبي عالي الذي أنعم عليه
صلاح الدين بلقب الشيخ الرئيس صفي الدولة وكان كاتباً لسرّه. ويمنح صلاح
الدين الأرثوذكس العرب دير مار إلياس المجاور لكنيسة القبر القدس، وكان
الفرنجة قد وضعوا اليد عليه خلال فترة احتلالهم للقدس، ويجتمع السنودس
المقدس للطائفة الأرثوذكسية القبطية، ويقرّر تسمية هذا الدير، بدير
السلطان صلاح الدين، ويشتهر اليوم بدير السلطان، في سابقةٍ هي الأولى في عالم الروح المسيحي، إذْ جرى التقليد أنْ تُسمّى الكنائس والأديرة بأسماء القديسين.
إنّه مشهد اختصّت القدس بإنشائه، اقترن القدس الروحية بمنح الشرعية للسيادة العربية.
لكن
هذا المشهد، لم يدُمْ طويلاً، تجمّع الفرنجة الذين سقطت مدنهم وقلاعهم في
صور، ربما كان تسامح صلاح الدين أحد الأسباب، لكن مسارعة أوروبا إلى إرسال
حملات جديدة ودعمها لتجمّع صور، وصراعات الأخوة، وانفراط عقد المقاومة
التي أنشأها عماد الدين ونور الدين، أعاد القدس لخمسين سنة تلت تحريرها،
ورقةً تتلاعب بها الأهواء والمصالح، تسلم وتُحرر. وتضاعفت النكبة باجتياح
التتار، تنطوي صفحة الأيوبيّين، ويأتي عهد المماليك, يهزمون التتار في عين
جالوت سنة 1260 ميلادية وتحرّر عكا، آخر موقعٍ محتلّ من قِبَل الفرنجة سنة
1292، ثم يأتي العهد العثماني، وتستقر القدس لأربعمائة سنة كاملة خلف
أسوارها الجديدة التي بناها السلطان سليمان القانوني سنة 1536.
هذه عجالة، ضمّتْ أحداث جساماً، لابدّ من المرور عليها، للوصول إلى ما هو أدهى, لقد جاء القرن العشرون!.
جاء القرن العشرون والعالم صريع الجغرافية السياسية التي نشأت وفقاً لقانون إعادة تقسيم العالم وفق مصالح المشروع الإمبريالي قبل الحرب العالمية الأولى وبعدها. وقد مثّلت القدس منذ البداية فكرة الخلاص والمخلّص، لتكون عاصمة للإمبريالية وهي فكرة
برزت في أواخر القرن التاسع عشر ويتحكّم مريدوها بمركز القرار العولمي في
واشنطن. وقد استُهدِفَت القدس للابتلاع لما تملكه من قوى روحية وهوية
عربية متميزة، كما وضح من المشاهد التي جرى الحديث حولها.
لذلك كان مشهد إغراق القدس بالاستيطان الصهيوني
خلال المائة عام الماضية هدفاً عملت له الرأسمالية الغربية وبوصفة أولية،
ثم تابعته الولايات المتحدة كراعية للإمبريالية الرأسمالية العولمية فيما
بعد.
شكّل حي موسى مونتفيوري عام 1855، أول غزو استيطاني
لقلب مدينة القدس، وخلال ثلاثين عاماً مكّن الانتدابُ البريطاني الصهاينة
من وضع اليد على القدس الغربية بأكملها، مع ما مساحته 55% من مساحة فلسطين
الإجمالية. وخلال الخمسة والثلاثين عاماً عقب احتلال الضفة الغربية وغزة
وأرض الجولان العربية, عملت الإدارات الصهيونية وعلى تهويد لمدينة من خلال عدة محاور أبرزها:
المحور الأول: تفكيك المشهد السكاني والعمراني للمدينة.
المحور
الثاني: توطين مئات الألوف من اليهود، لإحداث تبديل سكاني، دون انتظار
بناء أحياء استيطانية جديدة، كما قال بن غوريون: المهم أنْ يكون يهود هناك.
المحور الثالث: إحاطة المناطق والأحياء العربية، بأحزمة استيطانية، لابتلاع أرض القرى والبلدات المحيطة بالقدس.
المحور الرابع: إنجاز عملية غلاف القدس، لدمج ما تبقّى من أرض القدس العربية ومحيطها، كان وما يزال عصيّاً على الاستيطان الصهيوني،
وتقتضي هذه العملية، إنشاء مجموعة جدران يزيد طولها عن سبعين كيلو متراً،
يتلوى كالثعبان داخل الأحياء العربية.. هذه الجدران عملت على عزل أكثر من
380000 عربي داخل أسوار وجدران نطاق صهيوني مباشر، وربطت أكثر من 200000 صهيوني استوطنوا أحياءً وضواحي عربيةً بالكيان الصهيوني المباشر.
المحور
الخامس: إنشاء المركز التجاري للقدس ضمن القدس القديمة، وإنشاء شبكة الطرق
السريعة والعقد الالتفافية، ومحطة للقطارات السريعة. تخترق القدس من
جهاتها الأربع، وتربط ما بين مدن الساحل بالغور، والجليل الأعلى بالنقب في
الجنوب.
المحور السادس: التضييق على السكان العرب لحملهم على الهجرة.
المحور السابع: فصل الضفة الغربية إلى قسمين منفصلين كمرحلة أولى، والعمل في المستقبل على تحويلها إلى جزر عائمة في محيط استيطاني صهيوني مرعب.
مشهد القدس اليوم هو المشهد الذي رسمته الصهيونية والإمبريالية، هو مركز لقدس "عالمية عولمية" تبتلع ثلث الضفة الغربية، هو مركز لشبكة عنكبوت صهيونية، قال عنها تيدي كولك رئيس بلدية القدس السابق: إنّه لن يستطيع سوى العنكبوت اليهودي أنْ يتحرّك عبرها.
وهو
مشهد القدس المستقبلي في عهدة إيهود أولمرت، خليفة شارون والمرشح لرئاسة
الحكومة "الإسرائيلية" لفترة ما بعد شارون، حامل ملف تهويد القدس كرئيس
لبلدية القدس ما بين 1993-2003، ولنتذكر قوله المشهور: "متى يتحقق الوعد
الإلهي لنا، بقدسٍ بلا عرب ولا أغيار".

المشهد الخامس والأخير:
لقد انتهت المشاهد الأربعة إلى نهاية مفزعة، هي حال المشهد العربي الفاجع.
المشهد
الذي بدأ بنكبة سايكس بيكو، وقد يرجعه الكثير إلى ما هو أسبق. وانتهى
بنكبتيْن على الأقل فلسطين والعراق والدور آت على سورية أو السودان
والأحداث حول دارفور تؤشر لذلك.
العرب كلهم منكوبون، وهم الأمة الوحيدة
المنكوبة في هذا القرن، وصلوا إلى قاع المهانة تمزقاً وإفلاساً، والقول
للدكتور شاكر مصطفى رحمه الله:
أقول أمِنْ قاعٍ أهبط؟
أمِنْ مهانة أوضع؟
نعم
بانعدام الإرادة والتقدم والفعل، تتراكم عوامل القهر والتراجع وتتخامد
الحركة. هو قانون في الفيزياء والرياضيات، لكننا نجد تطبيقاته في حراك
الشعوب وحركة التاريخ.
الجرافات التي هاجمت جدران سجن أريحا بتاريخ 13 آذار لعام 2006 شكلت مشهداً ما يزال ماثلاً أمام مخيلتنا.
مشهد اختزل كل المشاهد التي عرضناها عبر مسار التاريخ كله.
مشهد انتزع من سيناريو قرأناه مراراً.
غزاة
شرسون قدِموا من المجاهل، يدّعون حق ملكية أرض، يقودهم شخصٌ نسيت اسمه
لكثرة الممثلين والمتفوقين عليه عبر التاريخ تمكنوا من إحراق أسوار أريحا،
ثم اقتحموها وقتلوا كل مواطنيها، رجالاً ونساءً، صغاراً وكباراً،
واستحوذوا على كل مقتنيات أهلها.
إنه مثال على سيناريوهات متتابعة عشناها بمرارة في دير ياسين, قبية، نحاليم، قانا، ضمن قائمة طويلة لا تسعها الموسوعات.
يمثل
مشهد أريحا الأخير، رغبة دفينة في نفوس فاعليه بواقعية ما جاء في سرديتهم
الظلامية ويعوّض عن تكذيب التاريخ لادّعاءاتهم، وما أفصحت عنه الحفريات
والأرض عن رفض لمقولاتهم.
يمثل المشهد الأخير انتصاراً للشرعية الدولية
ولتقانة العولمة، على الحق والعدالة فحسب الرواية الرسمية استطاع
المراقبون من أمريكان وبريطانيين، أنْ يختفوا بآلياتهم ومعداتهم، حتى
بأغراضهم الخاصة الشخصية خلال خمس دقائق فقط, حيث لم يكتشفْ غيابهم إلا
بعد وصول العربات المصفحة والدبابات وفوقها الطائرات، وبدء قصفها لأسوار
المقاطعة والسجن.
لقد غادرت الشرعية الدولية الموقع، في اللحظة الحاسمة!.
نعود إلى المشهد:
رجالنا
المقاومون، أحمد سعدات، اللواء فؤاد الشوبكي، عاهد أبو غلمة, باسل الأسمر،
أودعوا السجون الفلسطينية عبر اتفاقيات مذلة، ليخرجوا تحت الأضواء عُزْلاً
أمام الرشاشات الصهيونية.
شباب الأمن الوطني، يخرجون أشباه عراة، وأيديهم إلى الأعلى، إشارة
استسلام، بتعمّد واضح لإذلالهم، لأنهم رموز السلطة التي رعت الانتخابات
وحافظت على صناديق الاقتراع واحترمت الديمقراطية التي أوصلت خيار شعبنا
باستمرار المقاومة إلى السلطة. هذا المشهد، كغيره من المشاهد، يعلن وضوح
الشمس:
لقد أقفل الأمريكان والصهاينة، كافة الأبواب والمنافذ،
أمام أيّ حل، وببساطة قطع هؤلاء حبل التفاوض. فلا مدريد ولا أوسلو، ولا
خارطة للطريق.
أقول: خلال ساعات قليلة من انتهاء المشهد، كان مجلس
الأمن تجمع ليمنح الشرعية لأبطال عملية مداهمة أريحا، ويرد مشروع القرار
الذي قدمه ممثلو النظام العربي الرسمي لإدانة دولة "إسرائيل"، تماماً كما
فعلوا ليلة إعلان دولة "إسرائيل" في 15 أيار من عام 1948.
ألم يأنِ للذين ما يزالون يعلقون الآمال على أوراق الشرعية الدولية,
ألم يأْنِ للذين ما يزالون يرون شرعيتهم خرائط الانتداب وأوسلو وواي بلانتيشن,
ألم يأنِ للذين ما يزالون يفتّشون عن مواقع لهم على خارطة الطريق,
ألم يأنِ للأمة,
أنْ تتخذ موقف مواجه.. فإنْ لم تستطع فمقاومة، وإنْ لم تستطع فمقاطعة ولو بمقاطعة بضائع.

_________________


 مشاهد وشواهد من القدس 011




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/RafikEducation/
 
مشاهد وشواهد من القدس
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم :: ˆ~¤®§][©][ المنتديات الإسلامية ][©][§®¤~ˆ :: أدب وشعر-
انتقل الى:  
حقوق المنتدى

الساعة الانبتوقيت الجزائــر
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات الرفيق للتعليم
Powered by phpBB2 ® Rafik4Educ.yoo7.com
Rafik4Educ.yoo7.com
حقوق الطبع والنشر©2009 - 2019

»»يرجى التسجيل بايميل صحيح حتى لا تتعرض العضوية للحذف و حظر الآى بى
.:: لمشاهدة أحسن للمنتدى يفضل جعل حجم الشاشة (( 1024 × 780 )) و متصفح فايرفوكس ::.

جميع المواضيع و الردود تعبر عن راي صاحبها ولا تعبر عن رأي إدارة منتديات الرفيق للتعليم بــتــاتــاً
»»إبراء ذمة إدارة المنتدى ، امام الله وامام جميع الزوار والاعضاء ، على مايحصل من تعارف بين الاعضاء او زوار على مايخالف ديننا الحنيف ، والله ولي التوفيق


للتسجيل اضغط هـنـا