ما حكم إرسال السلام مع الحجاج للنبي صلى الله عليه وسلم ؟.
الجواب:
الحمد لله
هذاالفعل غير مشروع ، ولم يكن هذا من فعل أهل القرون الفاضلة ، ولا عقلاءالمسلمين ؛ لأنه يمكن لأي أحدٍ أن يسلِّم على النبي صلى الله عليه وسلم فيأي مكانٍ كان ، وقد تكفَّل الله تعالى بتوصيل هذا السلام مع ملائكة جعلالله هذا الأمر وظيفتهم ، وعليه : فإن من يسلم على النبي صلى الله عليهوسلم في أي مكان فإن سلامه سيصل يقيناً ، فأين هذا من تكليف زائر للمدينةالنبوية بالسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا يُدرى أيصل أم لا، ولا يُدرى أيذكر أم ينسى ؟
فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهقال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن لله ملائكة سياحين فيالأرض يبلغوني من أمتي السلام ) رواه النسائي (1282) وصححه الألباني في "صحيح الترغيب " (1664) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالرسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تجعلوا بيوتكم قبوراً ، ولا تجعلواقبري عيداً ، وصلُّوا عليَّ فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم ) رواه أبو داود(2042) وصححه الألباني في " صحيح الجامع " (7226) .
قال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر البراك حفظه الله - عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية - :
إرسالالسلام على النبي صلى الله عليه وسلم مع مَن يسافر إلى المدينة : لا أصلله ، فلم يكن من عادة السلف الصالح من الصحابة رضي الله عنهم ، والتابعين، وأهل العلم إرسال السلام ، ولم ينقل عن أحد منهم شيء من ذلك ؛ لأنه صلىالله عليه وسلم يُبلَّغُ صلاة أمته وسلامها عليه ، كما في الحديث الصحيح :( لا تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قُبُورًا ، وَلا تَجْعَلُوا قَبْرِي عِيدًا ،وَصَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ صَلاتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ )أخرجه أبو داود (2042) ، وفي لفظ : ( فإنَّ تَسْلِيمَكُمْ يَبْلُغُنِيأَيْنَمَا كُنْتُمْ ) أخرجه أبو يعلى (469) .
وعلى هذا : فالتعبدبإرسال السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم : بدعة ، بل ولا يشرع إرسالالسلام إلى الميت ، وإنما يسلم على الميت من يزوره ، كما كان النبي صلىالله عليه وسلم يزور أهل البقيع ويسلم عليهم ويدعو لهم ، ويُعلِّمُ أصحابهرضي الله عنهم كيف يقولون إذا زاروا القبور ، كقوله صلى الله عليه وسلم :( السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَوَالْمُسْلِمِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَلاحِقُونَ ، أَسْأَلُاللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ ) أخرجه مسلم (975) وقال لعائشة رضيالله عنها : ( قُولِي : السَّلامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَمِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْلَلاحِقُونَ ) أخرجه مسلم (974) ، وإنما يبلغ السلام من الغائب للحي .
والمقصود: أن الله يسَّر على هذه الأمة أن يصلُّوا ويسلِّموا على نبيِّهم صلى اللهعليه وسلم ، ويكثروا من ذلك في أي بقعة من الأرض ، وقد ورد أن الله وكّلبقبره صلى الله عليه وسلم ملائكة يبلغونه من أمته صلاتهم وسلامهم عليه ،صلى الله عليه وسلم ، والله أعلم.
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
ومعهذا نقول : أنتَ لو سلَّمتَ عليه في أقصى الدنيا فإن سلامك سوف يبلغه ؛لأن الله وكَّل ملائكة سيَّاحين في الأرض إذا سلَّم أحدٌ على الرسول صلىالله عليه وسلم نقلوا السلام إلى الرسول عليه الصلاة والسلام ، فنحن الآنإذا قلنا : " اللهم صلِّ وسلِّم على رسول الله " : نُقل سلامنا إليه ، فيالصلاة تقول : " السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته " يُنقلالسلام إليه . . .
سمعتُ بعض الناس يقول في المدينة : إن أبيوصَّاني أن أسلِّم على الرسول ، وقال : سلِّم لي على الرسول ، وهذا غلط ،والرسول صلى الله عليه وسلم ليس حيّاً حتى يُنقل سلام الحي له ، ثم إذاسلَّم أبوك على الرسول نَقل سلامَه مَن هو أقدر منك على إبلاغه وأوثق منك، وهم الملائكة .
إذن : لا حاجة إلى هذا ، ونقول : أنت في مكانك، في أي مكان من الأرض تقول " السلام عليك أيها النبي " وسيبلغه بأسرع منهذا وأوثق وأحسن .
"مجموع فتاوى الشيخ ابن عثيمين" (23/416، 417) .