۩╠ ضياع تراث المسلمين : الحلقة الثانية- علماء أتلفوا كتبهم - ╣۩ بقلمي

ضياع تراث المسلمين : الحلقة الثانية- علماء أتلفوا كتبهم -





ذكرت في الحلقة السابقة جملة من أسباب ضياع تراث المسلمين ، وسأقوم

في باقي الحلقات إن شاء الله بذكر هذه الأسباب مفصلة مع الإختصار وتجنب

الإطناب .

وموضوع هذه الحلقة سيكون عن العلماء الذين أتلفوا كتبهم بأنفسهم ، إما بحرق

أو دفن أو غير ذلك ، ولتجنب الإطالة سأذكر مثالين على ذلك حتى تتضح

الصورة إن شاء الله ، مع ذكر الأسباب التي دفعتهم إلى ذلك.

وقد ذكرت لنا كتب التاريخ عددا كبيرا من العلماء الذين أقدموا على هذا الصنيع ،

ومن الجهابذة الذين نقل عنهم هذا الفعل : علي بن محمد المعروف بأبي حيان

التوحيدي ، وهو من فلاسفة وأدباء القرن الرابع الهجري ، كان صاحب علم غزير

ومعرفة واسعة . قال الإمام السيوطي في بغية الوعاة : قال ياقوت -يقصد

الحموي-: كان متفننا في جميع العلوم من النحو واللغة والشعر والأدب والفقه

والكلام . وقال أيضا : أحرق كتبه في آخر عمره لقلة جدواها و ضنّا بها على

من لايعرف مقدارها . . . فلعل النسخ الموجودة الآن من تصانيفه كتبت عنه

في حياته وخرجت عنه قبل حرقها .(بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة

ج/2.ص:190 ط :دار الفكر)

من خلال كلام السيوطي رحمه الله يتضح لنا حجم العلم الذي ضاع على

المسلمين بإحراق أبي حيان لكتبه ، فقد كان من كبار علماء عصره .

وممن نقل عنه أنه أتلف كتبه أبو عمرو بن العلاء ، قال فيه ابن خلكان في وفيات

الأعيان : كان أعلم الناس بالقرآن والعربية والشعر . وقد قيل أنه دفن كتبه

خوفا على نفسه.

وهناك أمثلة مشابهة كثيرة لا يتسع المجال لذكرها .



وإذا نظرنا في الأسباب التي كانت وراء إتلاف هؤلاء الفضلاء لكتبهم سنجدها

متعددة فمنهم من أتلفها خوفا من سلطان جائر ومنهم من خاف من الإتهام بالزندقة

وبعضهم ظن أنها ستبعده عن الصراط القيوم والبعض الآخر تدمر من عدم إقبال الناس

عليه وعلى كتبه. فنسأل الله أن يتجاوز عنا وعنهم.

......................................

الحلقة السابقة لمن أراد أن يطلع عليها:

۩╠ ضياع تراث المسلمين : الحلقة الأولى- مقدمة في جملة الأسباب- ╣۩ بقلمي

......................................

أتمنى أن أكون قد وفقت في صياغة الموضوع

وشكرااا