الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 29 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1041593 توقيع المنتدى :
| موضوع: في ظلال قوله تعالى {ولتستبين سبيل المجرمين} الخميس يوليو 07, 2011 3:42 am | |
| في ظلال قوله تعالى {ولتستبين سبيل المجرمين} الحمد لله الذي خلّص قلوب عباده المتقين من ظُلْم الشهوات ، وأخلص عقولهم عن ظُلَم الشبهات أحمده حمد من رأى آيات قدرته الباهرة ، وبراهين عظمته القاهرة ، وأشكره شكر من اعترف بمجده وكماله واغترف من بحر جوده وأفضاله وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر الأرضين والسماوات ، شهادة تقود قائلها إلى الجنات وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله ، وحبيبه وخليله ، والمبعوث إلى كافة البريات ، بالآيات المعجزات والمنعوت بأشرف الخلال الزاكيات صلى الله عليه وعلى آله الأئمة الهداة ، وأصحابه الفضلاء الثقات وعلى أتباعهم بإحسان ، وسلم كثيرا أما بعد : فإن اصدق الحديث كتاب الله ، وأحسن الهدي هدي [ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ــــ أعاذنا الله وإياكم من النار ــــ أعوذ بالله من الشيطان الرجيم {وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ الآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} [center] أما ختام هذه الآية : (ولتستبين سبيل المجرمين) فهو شأن عجيب ! . . إنه يكشف عن خطة المنهج القرآني في العقيدة والحركة بهذه العقيدة ! إن هذا المنهج لا يعني ببيان الحق وإظهاره حتى تستبين سبيل المؤمنين الصالحين فحسب . إنما يعني كذلك ببيان الباطل وكشفه حتى تستبين سبيل الضالين المجرمين أيضا . . إن استبانة سبيل المجرمين ضرورية لاستبانة سبيل المؤمنين . وذلك كالخط الفاصل يرسم عند مفرق الطريق ! إن هذا المنهج هو المنهج الذي قرره الله - سبحانه - ليتعامل مع النفوس البشرية . . ذلك أن الله سبحانه يعلم أن إنشاء اليقين الاعتقادي بالحق والخير يقتضي رؤية الجانب المضاد من الباطل والشر ; والتأكيد من أن هذا باطل محض وشر خالص ; وأن ذلك حق محض وخير خالص . . كما أن قوة الاندفاع بالحق لا تنشأ فقط من شعور صاحب الحق أنه على الحق ; ولكن كذلك من شعوره بأن الذي يحاده ويحاربه إنما هو على الباطل . .وأنه يسلك سبيل المجرمين ; الذين يذكر الله في آية أخرى أنه جعل لكل نبي عدوا منهم (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين). . ليستقر في نفس النبي ونفوس المؤمنين ,أن الذين يعادونهم إنها هم المجرمون ; عن ثقة , وفي وضوح , وعن يقين . إن سفور الكفر والشر والإجرام ضروري لوضوح الإيمان والخير والصلاح . واستبانة سبيل المجرمين هدف من أهداف التفصيل الرباني للآيات . ذلك أن أي غبش أو شبهة في موقف المجرمين وفي سبيلهم ترتد غبشا وشبهة في موقف المؤمنين وفي سبيلهم . فهما صفحتان متقابلتان , وطريقان مفترقتان . . ولا بد من وضوح الألوان والخطوط . . ومن هنا يجب أن تبدأ كل حركة إسلامية بتحديد سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين . يجب أن تبدأ من تعريف سبيل المؤمنين وتعريف سبيل المجرمين ; ووضع العنوان المميز للمؤمنين . والعنوان المميز للمجرمين , في عالم الواقع لا في عالم النظريات . فيعرف أصحاب الدعوة الإسلامية والحركة الإسلامية من هم المؤمنون ممن حولهم ومن هم المجرمون . بعد تحديد سبيل المؤمنين ومنهجهم وعلامتهم , وتحديد سبيل المجرمين ومنهجهم وعلامتهم . بحيث لا يختلط السبيلان ولا يتشابه العنوانان , ولا تلتبس الملامح والسمات بين المؤمنين والمجرمين . . وهذا التحديد كان قائما , وهذا الوضوح كان كاملا , يوم كان الإسلام يواجه المشركين في الجزيرة العربية . فكانت سبيل المسلمين الصالحين هي سبيل الرسول [ صلى الله عليه وسلم ]ومن معه . وكانت سبيل المشركين المجرمين هي سبيل من لم يدخل معهم في هذا الدين . .ومع هذا التحديد وهذا الوضوح كان القرآن يتنزل وكان الله - سبحانه - يفصل الآيات على ذلك النحو الذي سبقت منه نماذج في السورة - ومنها ذلك النموذج الأخير - لتستبين سبيل المجرمين ! وحيثما واجه الإسلام الشرك والوثنية والإلحاد والديانات المنحرفة المتخلفة من الديانات ذات الأصل السماوي بعد ما بدلتها وأفسدتها التحريفات البشرية . . حيثماواجها الإسلام هذه الطوائف والملل كانت سبيل المؤمنين الصالحين واضحة , وسبيل المشركين الكافرين المجرمين واضحة كذلك . . لا يجدي معها التلبيس ! ولكن المشقة الكبرى التي تواجه حركات الإسلام الحقيقية اليوم ليست في شيء من هذا . . إنها تتمثل في وجود أقوام من الناس من سلالات المسلمين , في أوطان كانت في يوم من الأيام دارا للاسلام , يسيطر عليها دين الله , وتحكم بشريعته . . ثم اذا هذه الارض ,واذا هذه الاقوام , تهجر الاسلام حقيقة , وتعلنه اسما . وإذا هي تتنكر لمقومات الإسلام اعتقادا وواقعا . وإن ظنت أنها تدين بالإسلام اعتقادا ! فالإسلام شهادة أن لا إله إلا الله . . وشهادة أن لا إله إلا الله تتمثل في الاعتقاد بأن الله - وحده - هو خالق هذا الكون المتصرف فيه . وأن الله - وحده - هو الذي يتقدم إليه العباد بالشعائر التعبدية ونشاط الحياة كله . وأن الله - وحده - هو الذي يتلقى منه العباد الشرائع ويخضعون لحكمه في شأن حياتهم كله . . وأيما فرد لم يشهد أن لاإله إلا الله - بهذا المدلول - فإنه لم يشهد ولم يدخل في الإسلام بعد . كائنا ماكان اسمه ولقبه ونسبه . وأيما أرض لم تتحقق فيها شهادة أن لا إله إلا الله - بهذاالمدلول - - فهي أرض لم تدن بدين الله , ولم تدخل في الإسلام بعد . . وفي الأرض اليوم أقوام من الناس أسماؤهم أسماء المسلمين ; وهم من سلالات المسلمين . وفيها أوطان كانت في يوم من الأيام دارا للإسلام . . ولكن لا الأقواماليوم تشهد أن لا إله إلا الله - بذلك المدلول - ولا الأوطان اليوم تدين لله بمقتضى هذا المدلول . . وهذا أشق ما تواجهه حركات الإسلام الحقيقية في هذه الأوطان مع هؤلاء الأقوام ! أشق ما تعانيه هذه الحركات هو الغبش والغموض واللبس الذي أحاط بمدلول لا إله إلاالله , ومدلول الإسلام في جانب ; وبمدلول الشرك وبمدلول الجاهلية في الجانب الآخر . . أشق ما تعانيه هذه الحركات هو عدم استبانة طريق المسلمين الصالحين , وطريق المشركين المجرمين ; واختلاط الشارات والعناوين ; والتباس الأسماء والصفات ; والتيه الذي لا تتحدد فيه مفارق الطريق ! ويعرف أعداء الحركات الإسلامية هذه الثغرة . فيعكفون عليها توسيعا وتمييعا وتلبيساوتخليطا . حتى يصبح الجهر بكلمة الفصل تهمة يؤخذ عليها بالنواصي والأقدام ! . .تهمة تكفير "المسلمين" !!! ويصبح الحكم في أمر الإسلام والكفر مسألة المرجع فيها لعرف الناس واصطلاحهم , لا إلى قول الله ولا إلى قول رسول الله ! هذه هي المشقة الكبرى . . وهذه كذلك هي العقبة الأولى التي لا بد أن يجتازهاأصحاب الدعوة إلى الله في كل جيل ! يجب أن تبدأ الدعوة إلى الله باستبانة سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين . . ويجب ألا تأخذ أصحاب الدعوة إلى الله في كلمة الحق والفصل هوادة ولا مداهنة .وألا تأخذهم فيها خشية ولا خوف ; وألا تقعدهم عنها لومة لائم , ولا صيحة صائح:انظروا !إنهم يكفرون المسلمين ! إن الإسلام ليس بهذا التميع الذي يظنه المخدوعون ! إن الإسلام بين والكفر بين . . الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله - بذلك المدلول - فمن لم يشهدها على هذا النحو ; ومن لم يقمها في الحياة على هذا النحو , فحكم الله ورسوله فيه أنه من الكافرين الظالمين الفاسقين . . المجرمين . . (وكذلك نفصل الآيات , ولتستبين سبيل المجرمين). . أجل يجب أن يجتاز أصحاب الدعوة إلى الله هذه العقبة ; وأن تتم في نفوسهم هذه الاستبانة ; كي تنطلق طاقاتهم كلها في سبيل الله لا تصدها شبهة , ولا يعوقها غبش ,ولايميعها لبس . فإن طاقاتهم لا تنطلق إلا إذا اعتقدوا في يقين أنهم هم "المسلمون" وأنالذين يقفون في طريقهم ويصدونهم ويصدون الناس عن سبيل الله هم "المجرمون" . .كذلك فإنهم لن يحتملوا متاعب الطريق إلا إذا استيقنوا أنها قضية كفر وإيمان . وأنهم وقومهم على مفرق الطريق , وأنهم على ملة وقومهم على ملة . وأنهم في دين وقومهم في دين: (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين)
من الكتاب الماتع في ظلال القرآن للسيد قطب رحمه الله رحمة واسعة. لا تنسونى من دعواتكم أخوكم في الله [/center]
| |
|