الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1045613 توقيع المنتدى :
| موضوع: سلسلة السهل المفيد في تفسير القرآن المجيد [بقية الربع الثالث – من الحزب الثالث عشر] الأحد ديسمبر 04, 2011 10:26 am | |
| سلسلة السهل المفيد في تفسير القرآن المجيد [بقية الربع الثالث – من الحزب الثالث عشر] [size=16][size=21]الجزء السابع سورة : الأنعام من : [/size] ( أول السورة الكريمة.....) [/size] ][size=21]بقية الربع الثالث – من الحزب الثالث عشر] [/size] بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله عز وجل :
{ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ } [الآية 1]
(الحمد) هو الوصف بالجميل على جهة التعظيم والتبجيل (لله)أى : ثابت لله تعالى , فليعلم الجميع بذلك ؛ ليحمدوه (الذى خلق السموات والأرض) أى : أوجدهما من العدم وخصهما سبحانه بالذكر من بين الكائنات ؛ لأنهما أعظم المخلوقات للناظرين وقدم السماوات ؛ تشرفها ؛ ولأنها متعبد الملائكة , ولم يقع فيها معصية , ولتقدم وجودها (وجعل) أى: خلق (الظلمات) وهى كثيرة كظلمة الجهل , وظلمة الكفر , وخلق كذلك (النور) وهو واحد ؛ لأن الحق واحد , مهما تعددت صور الباطل وإله بهذا الوصف : يستحق أن يحمد , وأن يعبد فهل كان الأمر من الخلق كذلك ؟ كلا حمد وعبد البعض : وهم الذين آمنوا (ثم الذين كفروا) مع قيام هذه الأدلة , على وحدانية الله , وعلى قدرته (بربهم) أى : عن حمد ربهم وعبادته والإيمان به (يعدلون) أى يسوُّون به غيره , ويشركون معه غيره
* * *
والذين كفروا يفعلون ذلك مع أنه سبحانه :
{ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى عِندَهُ ثُمَّ أَنتُمْ تَمْتَرُونَ } [الآية 2]
أى: (هو) الله (الذى خلقكم من طين) بخلق أبيكم آدم منه (ثم قضى) أى : كتب وقدر (أجلا) أى: موعدا لكم , تموتون عند انتهائه وهناك – كذلك – (أجل مسمى)آخر محدد ومقدر (عنده) لبعثكم , لا علم لكم به (ثم أنتم) أيها الكفار, بعد هذا الخلق , الذى أنتم ثمرته , وبعد هذا الأجل , الذى ترون غيركم يموت عنده , كما تنتظرونه أنتم , (تمترون) أى : تشكون , وتكذبون بالبعث خاصة : بعد علمكم بأنه – عز وجل – خلقكم ابتداء , ومن قدر على الابتداء – وهذا أمر بديهى – كان على الإعادة أقدر
* * *
والذين كفروا يكذبون بالبعث
{ وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَوَاتِ وَفِي الأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ } [الآية 3]
أى : (وهو الله ) المعروف بالألوهية , والمستحق للعبادة وحده (فى السموات وفى الأرض) وهو الله (يعلم سركم وجهركم) ما تسرون به , وما تجهرون به , بينكم وبين أنفسكم , أو بينكم وبين بعضكم البعض (ويعلم) كذلك (ما تكسبون) من خير ؛ فيثيب عليه خيرا , ومن شر؛ فيجزى عليه شرا (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ) [الزلزلة 7 , 8]
* * *
فوق كل هذا بالنسبة للذين كفروا !!
{ وَمَا تَأْتِيهِم مِّنْ آيَةٍ مِّنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ إِلاَّ كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ } [الآية 4]
والمعنى : أنه بعد كفرهم بآيات الله , وإعراضهم عنها كلية , كما أنهم كانوا يشكون : كانت الآيات تستمر فى العرض عليهم , رغبة فى إيمانهم ولكنهم 00 كانوا دائما معرضين عنها , لا يأبهون لها , ولا يلتفتون إليها , استكبارا وعنادا ولكن لماذا هذا الموقف منهم ؟
{ فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } [الآية 5]
والمعنى : لأنهم كذبوا , وأعظم شىء كذبوه , وكذبوا به هو (الحق) أى : القرآن (لما جاءهم) وتحداهم , وعجزوا 0 على كل حال : (فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون) أى : فسيعلمون أخبار القرآن , وأنباء ظهوره , وعلوه , وانتشار مبادئه , كما سيعلمون يوم القيامة , حينما يأتيهم العذاب , قيمة (ما كانوا به يستهزؤن) وهذا : تهديد لهم وتخويف , ودعوة للتفكير فى حالهم , وضرورة مراجعة موقفهم من القرآن
*****
وإذا كانت الدعوة فى الآية الفائتة بالتهديد والوعظ والتخويف فهناك: دعوة كذلك , وتهديد بضرب المثل فلنقرأ قوله تعالى :
{ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مِّن قَرْنٍ مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِم مِّدْرَاراً وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَأَنشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْناً آخَرِينَ } [الآية 6]
والمعنى : فليؤمنوا , وإلا أهلكناهم بانقضاء آجالهم , وأنشأنا من بعدهم قوما آخرين يؤمنون , ولا يضرنا ذلك شيئا , بل إذا لم يؤمنوا هم الخاسرون (ألم يروا) فى أسفارهم لتجاراتهم (كم) أى : كثيرا ممن (أهلكنا من قبلهم) من الأمم السابقة , كقوم نوح , وعاد , وثمود , وقوم لوط , وقوم شعيب , عن طريق المعاينة , ورؤية الآثار , أو عن طريق سماع الأخبار كقوم فرعون وغيرهم (من قرن) أى : مدة انقضاء أهل كل عصر هؤلاء الذين رأيتم آثارهم , أو سمعتم أخبارهم : كنا قد (مكناهم فى الأرض) قوة وسعة , وبسطة , وأعطيناهم (ما لم نمكن لكم) أى : ما لم نعطكم ونمكن لكم به فى الأرض (و) كذلك (أرسلنا السماء) أى : المطر (عليهم مدرارا) كثيرا متتابعا , منه يشربون , وبه يزرعون (و) كذلك (جعلنا الأنهار تجرى من تحتهم) أى : من تحت أشجارهم , ومساكنهم يعنى : عاشوا فى الخصب بين الأنهار والأشجار والثمار ومع ذلك !! لم يؤمنوا أتدرون ماذا حدث لهم ؟ (فأهلكناهم) أى : أهلكنا أهل كل قرن من تلك القرون , وذلك (بذنوبهم) أى بسبب ذنوبهم , ولم تغن عنهم كثرتهم , ولا ما هم فيه من قوة وثراء وأنتم كذلك : يا أهل مكة , بل يا كل الكفار إن لم تؤمنوا, وتكفوا عن العناد : سنهلككم كما أهلكناهم وأيضا : سنأتى من بعدكم بقوم آخرين , كما .. (أنشانا من بعدهم) أى : الذين كفروا (قوما آخرين) يؤمنون , فيسعدون
*****
ولكن !! يبدو أنه لا أمل فى إيمان المعاندين من أهل مكة , ولا المعاندين من الكفار فى كل عصر حيث يقول تعالى :
{ وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } [الآية 7]
والمعنى : ولأن طبيعتهم – أى المعاندين لله ولرسوله – جاحدة فهم لا يؤمنون حتى (ولو نزَّلنا عليك) يا محمد (كتابا فى قرطاس) أى : كلاما مكتوبا فى ورق , كما اقترحوا , مما يشير إليه قوله تعالى على ألسنتهم (ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه)[الإسراء 93] (فلمسوه بأيديهم) بعد نزوله , واللمس باليد : أقوى دلائل التأكد والتثبت وهذا يقتضى : اليقين بصحة نزول القرآن من عند الله , وضرورة الإيمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فهل – بعد ذلك – يؤمنون ؟ لا بل : (لقال الذين كفروا) لشدة عنادهم وجحودهم : (إن هذا إلا سحر مبين ) أى : سحر واضح , سحرنا به محمد , وما هو بنبى
* * *
وليس هذا فقط بل زادوا فى عنادهم
{ وَقَالُوا لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكاً لَّقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لاَ يُنظَرُونَ } [الآية 8]
والمعنى : لو نزلنا عليك كتابا مكتوبا فى ورق , ولمسوه بأيديهم وعاندوا , وقال الذين كفروا منهم (إن هذا إلا سحر مبين) : لزادوا فى عنادهم , واقترحوا أشياء أخرى , تعجيزا له صلى الله عليه وسلم , كما فى قوله تعالى : (وقالوا) أى : الذين كفروا منهم (لولا أنزل عليه ملك) أى : هلا أنزل عليه ملك , بمعنى : يا ليته أنزل عليه ملك ولا جواب لـ (لولا) هذه منهم ولكن الجواب عليهم من الله تعالى بما يكشف استمرار عنادهم حيث يقول أولا : (ولو أنزلنا ملكا) كما اقترحوا وطلبوا , فلم يؤمنوا : (لقضى الأمر) بهلاكهم (ثم لا ينظرون) أى : لا يمهلون لتوبة , أو معذرة كعادة الله فيمن قبلهم , من إهلاكهم عند تنفيذ مقترحهم إذا لم يؤمنوا
* * *
{ وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكاً لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ } [الآية 9]
يعنى : ولو استجبنا لهم , وأنزلنا ملكا كما طلبوا (لجلعناه رجلا) أى: لجعلنا الملك الذى طلبوه على صورة الرجل ؛ ليتمكنوا من رؤيته, حيث لا قوة للبشر على رؤية الملك (و) لو أنزلناه , وجعلناه رجلا ؛ ليتمكنوا من رؤيته : (للبسنا عليهم) أى : لخلطنا عليهم , وزدناهم ضلالا على ضلالهم وذلك بسبب (ما يلبسون) على أنفسهم , بأن يقولوا ما هذا إلا بشر مثلكم , وليس ملكا كما طلبنا , مع أنه ملك
*****
ثم يتوجه الخطاب والكلام إلى الحبيب صلى الله عليه وسلم , فيقول له ربه , مثبتا , ومطمئنا
{ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِءُونَ } [الآية 10]
والمعنى : لا تحزن يا محمد من موقفهم هذا , وعنادهم , واستهزائهم , فلست وحدك فى ذلك (ولقد استهزئ برسل) من إخوانك , الذين أرسلوا (من قبلك) ولم يفلتوا من عقاب الله (فحاق بالذين سخروا منهم) أى : فنزل وحاق بهؤلاء الساخرين المعاندين المكذبين , جزاء استهزائهم (بما كانوا به) من الرسل (يستهزئون) فكيف بمن يستهزئ بك , أو بما جئت به ؟ !!
* * *
خوفهم يا محمد بمصائر من سبقهم من المكذبين0
{ قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ ثُمَّ انظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُكَذِّبِينَ } [الآية 11]
أى : (قل) لهم (سيروا فى الأرض) علاجا لتكذيبكم (ثم انظروا) واعتبروا(كيف كان عاقبة المكذبين) للرسل من قبلكم , حتى لا تكذبوا مثلهم
* * *
ثم لهم أيضا ..
{ قُل لِّمَن مَّا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ قُل لِّلَّهِ كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ لاَ رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } [الآية 12]
والمعنى : (قل) يا محمد , دعوة لهم , متسائلا : (لمن ما فى السموات والأرض)؟ وأجب فورا : حيث لا خلاف حول هذه القضية و(قل لله) حتى وإن لم يقولوا ذلك ثم قل : (كتب) ربكم (على نفسه الرحمة) أى : قضى , فضلا وعطفا, ودون إلزام وفى ذلك : تلطف وترغيب فى دعوتهم للإيمان وبعد الترغيب : يكون الترهيب , فى قوله (ليجمعنكم إلى يوم القيامة) ليجازيكم بأعمالكم , وعنادكم , إن بقيتم على الكفر ويوم القيامة هذا (لا ريب فيه) فهو آت لا محالة , وعقابكم – إن بقيتم على الكفر – حاصل حاصل على كل حال (الذين خسروا أنفسهم) بتعريضها للعذاب والمهانة (فهم لا يؤمنون) بيوم القيامة فلا تبتئس يا محمد من أجل هؤلاء المعاندين . ***** بقلم فضيلة الدكتور عبد الحي الفرماوي رئيس قسم التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر المصدر : موقع هدي الإسلام .
| |
|