الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1045633 توقيع المنتدى :
| موضوع: آيات الله في الشتاء للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله الإثنين ديسمبر 12, 2011 6:00 am | |
| آيات الله في الشتاء للشيخ عبدالرزاق بن عبدالمحسن البدر حفظه الله |
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله خطبة الجمعة ليوم 16/10/1423هـ
بعنوان: آيات الله في الشتاء
الحمد لله حمد الشاكرين أحمده سبحانه على نعمه المتوالية وعطاياه المتتالية ونعمه التي لا تعد ولا تحصى , أحمده جلا وعلا وأثني عليه الخير كله لا نحصي ثناء عليه هو سبحانه كما أثنى على نفسه وأشهد ألا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليما كثيرا . أما بعد أيها المؤمنون عباد الله اتقوا الله تعالى ثم اعلموا رحمكم الله أن من الأمور العظيمة النافعة للعبد في هذه الحياة التفكرّ في آيات الله والتأملَّ في عجائب مخلوقاته فإن ذلك عباد الله يزيد الإيمان ويقوي اليقين ويُعْظمُ الصّلة برب العالمين ﴿إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار﴾ آل عمران: ١٩٠ – ١٩١.
عباد الله ومن آيات الله العظيمة اختلافُ الأحوال ليلٌ ونهار حرٌّ وبرد شتاء وصيف ربيع وخريف ولله الحكمة البالغة في ذلك، وتأمَّل رعاك الله نعمة الله على عباده في دخول الشتاء على الصيف والصيف على الشتاء كيف يكون بالتدرُّج والمهلة ولو كان دخول أحدهما على الآخر مفاجأةً لأضرَّ بالأبدان وأهلكها ولأفسد النبتات وأتلفها فما أعظمها من نعمة وما أجلها .
عباد الله ولله آيات عظيمة تكثر في الشتاء كالرعد والبرق والصواعق والمطر والبَرَد, يقول الله تعالى: ﴿ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال﴾ الرعد: ١٣ وثبت في المسند وسنن الترمذي وغيرهما عن ابن عباس رضي الله عنها قال " أقبلت يهودُ على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا " يا أبا القاسم نسألك عن أشياء إن أجبتنا فيها اتبعناك و صدَّقناك وآمنا بك قال فأخذ عليهم ما أخذ إسرائيل على نفسه قالوا الله على ما نقول وكيل فسألوه أسئلة وقالوا في جملة أسئلتهم أخبرنا عن الرعد ما هو قال: " الرعد ملك من الملائكة مَوْكولٌ بالسحاب بيديه أو في يده مخراقٌ من نار يزجر به السحاب والصوت الذي يسمع منه زجره السحاب إذا زجره حتى ينتهيَ إلى حيث أمره الله". قالوا: صدقت. ويقول الله جلا وعلا في شأن المطر والبرد ﴿ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار﴾ النور: ٤٣ – ٤٤. عباد الله والبرد الشديد من زمهرير جهنم كما أن الحرَّ الشديد من سمومها في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: "اشتكت النار إلى ربها فقالت يا رب أكل بعضي بعضا فجعل لها نفسين نفساً في الشتاء ونفساً في الصيف فشدة ما تجدون من البرد وشدة ما تجدون من الحر من سمومها " فهلا ذكرنا عباد الله ذلك بالنار ومن يتحمل البرد والحر الشديد في الدنيا فكيف بحر جهنم و زمهرير ها أجارنا الله وإياكم منها .
عباد الله لقد حملنا نفوسنا هموما كثيرا تتعلق بالدنيا هموم السنين والأزمنة وهموم الغلاء والرُّخْص وهموم الشتاء قبل أن يجيء وهم الصيف قبل أن يجيء هموم متلاحقة فماذا أبقينا في قلوبنا من هم الآخرة وأهوالها وأحوالها وفي الدعاء المأثور " اللهم لا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا " .
عباد الله ومع دخول الشتاء هل تذكَّر أهلُ الجِدَةِ واليسار إخوانهم الفقراء وذوي الحاجة ممن يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ممن لمس البرد الشديدُ أجسامَهم واخترقت شدتُه عظامهم ألا اتقينا حر جهنم وزمهرير ها بالعطف على هؤلاء وفي الحديث " اتقوا النّار ولو بشقِّ تمرة " والتمرة عباد الله لحافٌ يفيد هؤلاء في البرد كما أن الغطاء لحاف والثوب الدافئ لحاف والمعطف لحاف فتصدق يا من وسع الله عليه ولو بشيء يسير فربما يكون في نظرك حقير وهو عند ذلك الفقير المحتاج كبيرٌ عظيم ولا تحقرن من المعروف شيئا .
عباد الله والشتاء غنيمة باردة للعباد والمطيعين فنهاره قصير يسهل صيامه وليله طويل يهون قيامه يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه " الشتاء غنيمة العابدين " وقال ابن مسعود رضي الله عنه " مرحبا بالشتاء تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام " وقال الحسن البصري رحمه الله " نعم زمان المؤمن الشتاء ليله يطول يقومه ونهاره قصير يصومه " هذه مشاعر السلف رحمهم الله في الشتاء فرحٌ وغبطةٌ همة ونشاط، جِدٌّ واجتهاد فيما يقرِّب إلى الله وأما أحوال كثير من الناس في هذا الزمن ففي تضيع الفرائض والواجبات وغَشَيان المحرمات والمكروهات والاجتراء على حدود ربِّ الأرض والسموات والسهر الطويل في الليل على ما يُغضِبُ الله ويُظلِمُ القلوبَ ويُضعِفُ نور الإيمان , اللهم أصلح أحوالنا وأحوال المسلمين ورُدَّنا إليك ربنا ردًّا جميلا، واهدنا سبل السلام وأخرجنا من الظلمات إلى النور واجعل لنا إلهنا في تعاقب الليالي والأيام عبرة و مُدَّكرًا وفي توالي الشهور والفصول والأعوام عظة ومعتبرًا أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم .
| | |
|