الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 29 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1041653 توقيع المنتدى :
| موضوع: الشفقة الإلهية السبت ديسمبر 24, 2011 6:41 pm | |
| الشفقة الإلهية |
الشفقة الإلهية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته تأمل معي هذا الحديث لتدرك بعضًا من أبعاد الشفقة والرأفة الإلهية بعباده والتي تزداد وتزداد عند ابتلائهم. عن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: «إذا مات ولد العبد قال تعالى لملائكته: قبضتم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول، قبضتم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه بيت الحمد». رواه الترمذي (1021). أما يوم القيامة فالتكريم الخاص ينتظر أهل البلاء الذين نجحوا في مادة الصبر. يقول صلى الله عليه و سلم : «يود أهل العافية يوم القيامة حين يعطي أهل البلاء الثواب لو أن جلودهم كانت قُرِّضت في الدنيا بالمقاريض». حسن، أخرجه الترمذي وأورده الألباني في صحيح الجامع ح (8177). الابتلاء بالذنب والحرمان من الطاعة ومن المظاهر العجيبة للرحمة الإلهية ابتلاؤه لعباده بالذنب، والحرمان من الطاعة، بتركهم لأنفسهم وعدم إعانتهم وتوفيقهم للقيام بالطاعة والإقلاع عن الذنب، فيستشعروا وقتها مدة فضل ربهم عليهم، وأنهم به لا بأنفسهم، وأنه لو تخلى عنهم طرفة عين لهلكوا، ولضلوا، ولوقعوا في أشد المعاصي. وفي المقابل لو استمر إمدادهم بالتوفيق والإعانة اللازمة للقيام بالطاعة، وترك المعصية، فمن المتوقع أن يتسرب إلى نفوسهم داء العُجب، فيعجبوا بأعمالهم، وبصلاحهم، ويغترون بذلك، ويظنون أن لهم مكانة خاصة عند الله بهذا الصلاح وهذه الأعمال، ويحتقرون غيرهم من المقصرين، فتكون هذه الطاعات سببًا لارتدائهم رداء الكبر، ومن ثمَّ استدعائهم لغضب الله وعقابه المُستحق للمتكبرين. لذلك كان الابتلاء بالذنب، والحرمان من الطاعة من لطف الله الخفي بعبده، بل من دلائل حبه له أحيانًا. جاء في الحديث: «يقول الله عز وجل: وإن من عبادي من يطلب بابًا من العبادة فأكفه عنه كيلا يدخله العجب، إني أدبر أمر عبادي بعلمي بما في قلوبهم، إني عليم خبير» . أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أنس مرفوعًا. ولعلنا بذلك ندرك مغزى قوله صلى الله عليه و سلم : «لو لم تكونوا تذنبون، لخفت عليكم ما هو أكبر من ذلك العُجب العُجْب». صحيح الجامع الصغير (5303). ومما يؤكد هذا المعنى ما قاله صلى الله عليه و سلم للصحابة «لو أنكم تكونون على كل حال على الحالة التي أنتم عليها عندي لصافحتكم الملائكة بأكفهم، ولزارتكم في بيوتكم، ولو لم تذنبوا، لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم». صحيح، رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع (5253). الرحمة الواسعة إن رحمة الله بعباده ولطفه الخفي بهم ليس له حدود ولا يمكن للعقل البشري أن يدرك أبعاده، ويكفي أنه سبحانه وتعالى كتب على نفسه الرحمة، ففي الحديث «إن الله حين خلق الخلق كتب بيده على نفسه أن رحمتي تغلب غضبي». صحيح، رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع (1755). وجاء في الأثر أن بني إسرائيل قالت لموسى عليه السلام : «هل يصلي ربك؟ قال موسى: اتقوا الله يا بني إسرائيل. فقال الله يا موسى: ماذا قالت لك قومك؟ قال: يا رب قد علمت، قالوا: هل يصلي ربك؟ قال: فأخبرهم أن صلاتي على عبادي أن تسبق رحمتي غضبي, لولا ذلك لأهلكتهم». كنز العمال رقم 10399. ومن أعظم الأدلة التي تؤكد هذا المعنى: رحمته سبحانه بالعصاة له والكافرين به، فهو سبحانه لم يمنع عنهم رزقه رغم عصيانهم وابتعادهم عن طريقه، ولم يُعجل نهايتهم فلعلهم يعودون إليه في لحظة من اللحظات (إِنَّ اللهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ) [البقرة: 143]. ويكفينا في ذلك ما حدث من فرعون من طغيان فاق الحدود، ومع ذلك أمهله الله عز وجل وأرسل إليه موسى وهارون عليهما السلام (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولاَ لَهُ قَوْلاً لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى) [طه: 43، 44] فظلا يحاورانه ويثُبتان له بالأدلة الدامغة ألوهية الله وربوبيته على خلقه، ولكنه أبى واستكبر.. وكان ما كان من تتبعه لموسى في البحر إلى أن أغرقه الله عز وجل.. في هذه اللحظات- لحظات النهاية، وبعد أن أصبح الغيب عنده كالشهادة قال (آمَنتُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [يونس: 90]. شهادة لا تنفع في هذا الوقت، وقت الغرغرة ونزع الروح، ورؤية الملائكة، ومع ذلك فإن جبريل عليه السلام كان له موقف عجيب انطلق من إدراكه لمدى سعة الرحمة الإلهية، وانطلق كذلك من بغضه الشديد لفرعون وأفعاله الطاغية، وكبره وإصراره على الكفر رغم ما رأى من آيات مبصرة. يقول صلى الله عليه و سلم : «لما أغرق الله فرعون، قال: آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل، قال جبريل: يا محمد! فلو رأيتني وأنا آخذ من ماء البحر فأدسه في فيه مخافة أن تدركه الرحمة». صحيح، أورده الإمام أحمد، والترمذي، وصححه الألباني في صحيح الجامع (5206).
هدي الاسلام
| | |
|