لماذا نتعلم ؟
قد يتبادر إلى ذهن الطلبة وهم في رحلة ذهابهم وإيابهم اليومية من وإلى المدرسة، سؤال: لماذا هذا الكم الهائل من المعلومات التي نتلقاها يومياً؟ وهل من فائدة مرجوة من ذلك؟ هنا تأتي الإجابة الجلية من خلال معنى العلم؟ وهل هو ملزم؟ وما هي مكانته في الإسلام؟.
العلم في اللغة نقيض الجهل، عَلِمَ علماً وعَلُمَ هو نفسه، ورجل عالم وعليم من قوم العلماء «لسان العرب». واصطلاحاً: العلم إدراك الشيء بحقيقته. يقول الله تعالى في كتابه الكريم: «وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولا». فالآية تنهى عن اتباع ما لم يقم به علم، يستند إلى حجة سمعية أو رؤية بصرية أو براهين عقلية.
وهادي البشرية عليه الصلاة والسلام يقول: «إن مَثَلُ العلماء كمثل النجوم يُهتدى بها في ظلمات البر والبحر، فإذا انطمست النجوم أوشك أن تضل الهُداة»، رواه أحمد، وقوله صلى الله عليه وسلم «طلب العلم فريضة على كل مسلم» رواه ابن ماجة.
فطلب العلم لا يتوقف إلا في الممات، وطلب العلم من صفات الأنبياء عليهم السلام، حتى يكونوا هداةً لقومهم. قال تعالى عن إبراهيم عليه السلام: «يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيّا»، وقال تعالى عن يوسف عليه السلام: «وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيث»، وغيرهم من الأنبياء عليهم السلام.
والعلم يرفع من قدر المتعلم، ولو كان هدهداً، كما جاء في قصته مع سليمان عليه السلام، عندما غاب عن مجلسه فتوعده بالعقاب، إن لم يأتِ بالصدق، فقال تعالى عن الهدهد: «أَحَطْتُ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ وَجِئْتُكَ مِنْ سَبأٍ بِنَبأٍ يَقِينٍ»، وغيره من الحيوانات التي ذكرت في القرآن، فرُفع شأنها.
ولم يرفع الحيوانات فقط، وإنما كل من يبحث عن الحقيقة والمصداقية. قال تعالى في سورة المجادلة: «يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ». وهنا تكريم لأهل الإيمان والعلم، بمنحهم الدرجات الرفيعة في الدنيا والآخرة.
بعد هذا العرض المبسط عن أهمية العلم، نعرّج على المنزلة العظيمة التي يتحلى بها طالب العلم، كما جاء في السنة المطهرة:
«من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» رواه البخاري ومسلم.
«إن الله لم يبعثني مُعَنتاً ولا مُتَعَنِّتاً بعثني مُعلماً مُيَسّراً» رواه مسلم.
«خيار أمتي علماؤها» رواه أحمد.
«بلّغوا عني ولو آية» رواه البخاري.
«فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم» رواه الترمذي.
اللهمّ علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، واجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين.
|