الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1045633 توقيع المنتدى :
| موضوع: اثار الاستعمار فى تشويه التاريخ. الأحد مايو 20, 2012 4:00 pm | |
| اثار الاستعمار فى تشويه التاريخ. |
السلام عليكم اثار الاستعمار فى تشويه التاريخ.
مصر في ظل الاحتلال البريطاني ( 1299 - 1332 هـ/ 1882 - 1914 م) . ادعت بريطانيا على لسان ممثلها في مصر إيفلن بيرنخ ( اللورد كرومر) بعد الاحتلال عام 1299 هـ/ 1882 م بأن مهمتها في مصر هي العمل على تحسين حال الفلاح ورفع الظلم عن كاهله ، وأظهر صداقته للفلاحين وأطلق عليهم "أصحاب الجلابيب الزرقاء" وحاول التخفيف عليهم من بعض الضرائب . وكان الهدف من انتهاج تلك السياسة إزاء الفلاحين، وهم يمثلون أغلبية شعب مصر ، ما قاموا به من دور بارز في مساندة الثورة العرابية نتيجة لسوء أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية ، وكثرة الضرائب ، وفرض السخرة ، واستبداد الحكام ، وطلبا في تحسين أحوالهم . وفي عهد الخديوي إسماعيل ( 1279 - 1296 هـ/1863 - 1879 م ) سرى في البلاد نوع من اليقظة والوعي ، وذلك لانتشار الصحف والمجلات ، ولتعاليم جمال الدين الأفغاني، ونشاط تلاميذه، وكان للفلاح نصيب منها، ووجد الفلاحون في عرابي الأمل الذي يرتجى، لاسيما وأن أوضاعهم الاقتصادية الحادة التي مرت بالبلاد. وكان لخطورة الدور الذي قام به الفلاحون في الثورة أن عزمت سلطات الاحتلال على تصفية قوتهم والعمل على إضعافهم . بل إن ما قاموا به قد أفزع كبار ملاك الأرض. ولذا وجدوا من مصلحتهم التعاون مع سلطات الاحتلال حفاظا على مصالحهم. ومن تم رأت بريطانيا ان تعتمد على طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية في تثبيت دعائم وجودها في مصر، وأن تربط مصلحتهم بمصلحتها. وبدأت تلك السلطات بتصفية كاملة للثورة في الريف المصري، فاعتقلت من الفلاحين ما يربو على 29.000 نسمة.
كما قامت السلطات بفصل حوالي 250 من صغار ضباط الجيش من أبناء الفلاحين، وجرودهم من رتبهم جزاء عصيانهم - وبدأت تخيم على البلاد فترة من الظلام في أعقاب فشل الثروة، ونفي وسجن وتشريد القائمين بها. ونظرا لتعارض مصالح هذه الطبقة مع مصالح السواد الأعظم من الفلاحين فقد آثرت سلطات الاحتلال الوقوف إلى جانب كبار ملاك الأرض في أحيان كثيرة مضحية بجمهرة الفلاحين. وهنا ظهر التناقض واضحا بين أقوال هؤلاء المحتلين وتصرفاتهم الفعلية، فأدرك الفلاحون خداع المحتلين. ولما كانت مصر دولة مدينة للعديد من الدول والمؤسسات المالية الأجنبية أصبحت بريطانيا بحكم إدارتها للبلاد مسؤولة أمامها عن سداد الديون وأقساطها. ولذا بدأت تعمل على زيادة مساحة الأرض الزراعية، وأن تتبع سياسة التخصص الاقتصادي بالاعتماد على الزراعة ولا سيما زراعة القطن اللازم لمصانعها، أي أنها سخرت اقتصاد مصر لخدمة الاقتصاد الإنجليزي. ومن ثم بدأت بإصلاح القناطر الخيرية سنة 1304هـ/ 1886م وأنشأت قناطر أسيوط عام 1321هـ/ 1902م وخزان أسوان في العام نفسه، وقناطر زفتى في العام التالي، فزادت بذلك مساحة الأراضي الزراعية في مصر من 4.758.000 فدان عام 1299هـ/ 1882م إلى 5.4000.000 فدان في عام 1323هـ/ 1905م . وكان المستفيد الأول من هذه المشروعات بريطانيا أولا، ثم طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية، وحملة سندات الدين المصري. بينما لم يستفد صغار الفلاحين شيئا يذكر، وذلك لكثرة الضرائب، وقلة إنتاجية الأرض واستبداد وظلم كبار ملاك الأراضي لهم. حدث كل ذلك في الوقت نفسه الذي أخذ المعتمد البريطاني في مصر يتشدق بصداقته للفلاحين أصحاب الجلاليب الزرقاء، وبأوضاعهم التي تحسنت كثيرا في ظل الإدارة الإنجليزية. وإذا كانت سلطات الاحتلال قد خفضت بعض الضرائب في مستهل حكمها وألغت البعض الآخر، فقد أثبتت الدراسات التي أجريت حول هذا الموضوع، بأن ما تم بشأن الإلغاء إنما يرجع إلى أن نفقات جبايتها تبتلع معظم العائد منها. ومع ذلك ظلت الضرائب المفروضة ثقيلة، وبلغت جملة الحجوزات الإدارية التي وقعت عليهم في الفترة من 1310-1321هـ/ 1893-1903م 323.259 حجزا، ونفذ البيع بالمزاد في 2.640 حالة، بلغت مساحة الأرض المباعة فيها 53.880 فدانا، وتوالت بعد ذلك الحجوزات التي تقدر بعشرات الآلاف في السنوات التالية. وترتب على ذلك ضياع الكثير من الملكيات الصغيرة سدادا للديون، وانتقلت ملكية تلك الأراضي إلى الأعيان ومشايخ القرى وبعض اليونانيون والسوريون. وفي عام 1301هـ/ 1884 م يوجه اللورد كرومر ضربة أخرى إلى صغار الفلاحين وذلك بإلغاء مجانية التعليم، فحرم بذلك أبناء الفقراء منهم والذين يمثلون السواد الأعظم من الشعب المصري من تلقي العلم، بحجة أن من يرغب في العلم فعليه إثبات ذلك بدفع نفقاته. وأدى انتشار الجهل بين الفلاحين إلى سوء أوضاعهم الاجتماعية والمادية والصحية. ولم تكن سلطات الاحتلال تعبأ بما يصيب الفلاحين من أمراض، لأن سياستها الصحية كانت وقائية فحسب وليست علاجية. أما عن حادثة دنشواي 1324هـ/ 13 يونيه 1906م التي أسقطت القناع عن وجه كرومر، وأظهرت زيف ادعاءاته بالعطف على الفلاحين والعمل على إصلاح أوضاعهم، فالحادثة تمثل غضبة الفلاحين من قوات الاحتلال التي كانت دائمة التوغل في أرجاء الريف المصري فيما بين القاهرة والإسكندرية، لإرهاب الفلاحين والقضاء على روح التدمر والغضب من تلك القوات ومن سياسة المحتل الزراعية التي أثرت كبار ملاك الأراضي، فزادت دخولهم، واتسعت ملكياتهم، بينما كادت تنقرض الملكيات الصغيرة، فزادت دخولهم، واتسعت ملكياتهم، بينما كادت تنقرض الملكيات الصغيرة، فضلا عن كثرة عدد المعدمين. فجذور الحادثة ترجع إلى السنوات السابقة عليها، وما عاناه الفلاحون من سلطات الاحتلال. وخلاصة الحادثة أن بعض الضباط الإنجليز وهم في طريقهم من القاهرة إلى الإسكندرية قد توقفوا عند بلدة منوف، وأبدى بعض الضباط ورغبتهم لمأمور المراكز في الصيد في قرية دنشواين فوافق على طلبهم وأعد لهم المركبات اللازمة لذلك؛ هناك توغل أحد الضباط داخل القرية، وصوب طلقاته على أحد أجران القمح، فصاح به أحد الفلاحين بأن يكف عن إطلاق النار وإلا احترق الجرن، فلم يأبه لتحذيره وواصل طلقاته فقتل امرأة وأشعل النار في أحد الأجران، فتجمع أهل القرية للإمساك به، فهب زملاؤه لنجدته، وجرى ضابطان آخران في اتجاه معسكرهما للالتجاء به، وكان الحر شديدا فسقط ميتا من ضربة الشمس . وما إن علمت سلطات الاحتلال بالحادث حتى طاش صوابها، وعزمت على الانتقام من الفلاحين وأن تنزل بهم أشد أنواع العقاب، فقبضت على 250 فردا وحاصرت القرية بقوات كبيرة العدد، وقدم المتهمون للمحاكمة أمام المحكمة المخصوصة، وأقيمت المشانق في القرية قبل أن ينتهي التحقيق، مما يدل على النية المبيتة لضرب الحركة الوطنية في هؤلاء المتهمين. واستغل الزعيم مصطفى كامل هذه الحادثة لمهاجمة السياسة البريطانية في مصر وفي أوربا بكل شدة وعنف منددا بعدالة الإنجليز في دنشواي. وصدر الحكم بإعدام أربعة فلاحين شنقا ونفذ الحكم داخل القرية، وحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة على اثنين، وبالأشغال الشاقة لمدة 15 عاما على واحد، وبالأشغال الشاقة لسبع سنوات على ستة، وبالحبس والشغل مدة سنة والجلد خمسين جلدة على أربعة، وبالجلد خمسين جلدة على خمسة أفراد. حدث هذا رغم أن تقرير الطبيب الشرعي الإنجليزي قد أثبت أن الوفاة كانت بسبب ضربة الشمس، وليست نتيجة عدوان وقع عليه. لا ريب أن الحادثة قد أثبتت بما لا يدع مجالا للشك زيف ما تغنى به كرومر طوال فترة وجوده في مصر، من صداقته للفلاحين، وعطفه عليهم والعمل على إصلاح أحوالهم ومعاملته بالعدل. فما دونه كرومر في كتابه Modern Egypt عن سياسة بريطانيا في مصر به تشويه لتاريخ تلك الفترة وقلب للحقائق. ومما يؤسف له أن الكثيرين من المؤرخين الأجانب والعرب قد نقلوا عنه، بصفته مصدرا هاما من مصادر تاريخ تلك الفترة. ولذا كان على بريطانيا، بعد أن تعرت سياسة كرومر أمام المصريين، أن تسحبه من مصر، وأن تستبدله بغيره عنه في الأسلوب ولكن لا يختلف عنه في الغاية. ويمكننا القول أن هذه الحادثة أدت إلى نشاط الحركة الوطنية، وإلى سيادة روح التذمر والبغض لدى كل المصريين، ولا سيما الفلاحين. ولذا لم يكن من قبيل الصدفة أن تقوم ثورة 1337 هـ/ 1919 على أكتاف الفلاحين في مرحلتها الأولى، وكانت عنيفة ومدمرة. ونظرا لأن سلطات الاحتلال كانت تخشى من انتقام الفلاحين بعد تلك الحادثة إذا ما أتيحت لهم الفرصة المناسبة، فقد لجأت في سنتي 1334 - 1335 هـ/ 1915 - 1916م إلى نزع ما بأيديهم من أسلحة بلغت ما لا يقل عن مائة قطعة مختلفة الأنواع والأحجام (1) فقل ما بأيديهم من أسلحة، ترتب على ذلك كثرة ما سقط من ضحايا خلال ثورة 1337 هـ/ 1919 م. من الأمثلة السابقة سيتضح لنا أن الدول الاستعمارية كثيرا ما لجأت إلى تزييف الحقائق التاريخية وتشويهها، كي تتفق مع أهدافها ومع سياستها الاستعمارية التي رسمتها لحكم الشعوب المقهورة، والتي تهدف في المقام الأول تحقيق مصالحها أولا وقبل كل شيء. وأن منطق القوة الغاشمة قد دفعها إلى العبث بكل شيء، بمقدسات تلك الشعوب وبقيمها، وعاداتها وتقاليدها، وتاريخها، ومثلها الأعلى في ذلك "الغاية تبرر الوسيلة "
| | |
|
ايبروا عضو نشيط
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 71 العمر : 28 تاريخ التسجيل : 23/05/2012 السٌّمعَة : 1 نقاط : 91463 توقيع المنتدى :
| موضوع: رد: اثار الاستعمار فى تشويه التاريخ. الجمعة مايو 25, 2012 8:29 pm | |
| | |
|