الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1045433 توقيع المنتدى :
| موضوع: نعيم الجنة الأربعاء يونيو 13, 2012 3:06 pm | |
| |
بسم الله الرحمن الرحيم نعيم الجنه ...خطبه مكتوبه لفظيلة الشيخ صالح المغامسي ...حفظه الله
نعيم الجنة صالح بن عواد المغامسي
الحمد لله الذي تقدست عنالأشباه ذاته ودلت على وجوده آياته ومخلوقاته وأشهد أن لا إله إلا الله وحدهلا شريك له في السماء عرشه و في كل مكان رحمته وسلطانه وسع الخلائق خيره و لميسع الناس غيرهو أشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله شهد الذئب بنبوته وشهد القمر برسالته وتفرق السحاب إكراما لإشارته بعثه الله جل وعلا على حين فترة منالرسل ودروس من الكتب فأدى الأمانة وبلغ الرسالة وجاهد في الله حق جهاده حتى آتاهاليقين فصل الله وسلم وبارك وأنعم عليه كما وحد الله وعرف به ودعا إليه اللهموعلى آله و أصحابه وعلى سائر من اقتفى أثره واتبع منهجه بإحسان إلى يوم الدينأما بعد ..
أيها المؤمنون: فإنه ما من وصية أبلغ ولا من أمر أعظم منقول الله جل وعلا : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ} [الحج2] . ثم أعلموا عباد الله أن نبيكم صلى الله عليه وسلم مرّ على رجل منأصحابه ومع نبيكم معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه فأخذوا يتذاكرون الدعاء فكان من جملة ماقاله ذلك الصحابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه : ( أما وإني لا أحسندندنتك ولا دندنت معاذ ولكنني أسأل الله الجنة وأستعيذ به من النار ) فقال صلىالله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال: ( حولها ندندن ) أي ما تسأله الله جل وعلا هوما نسأله أنا ومعاذ إياه .
أيها المؤمنون : قد يظن البعض أن الحديث عنالجنة أمر تقليداً مكرراً تكاد تسأمه بعض النفوس ولا ريب أن هذا خلاف الفطرة وخلافهدي محمد صلى الله عليه وسلم و أصحابه وهل أرّق الصالحين وأقض مضاجع المتقين إلاأنهم يخافون أن يُمنعوا من دخول الجنة وهل عاش الأنبياء والمرسلون وأتباعهم منالأخيار عبر الدهور والعصور إلا وهم يسألون الله جل وعلا أن يدخلهم الجنة وهل خيرصلى الله عليه وسلم عند موته حتى يتسنى له البقاء والخلد في الدنيا بأعظم من أن يقال لهالخلد في الدنيا ثم الجنة فاختار صلى الله عليه وسلم لقاء ربه ثم الجنة وهل وعدالله جل وعلا عباده الأبرار وأتباعه الأخيار ممن آمن به من لدن آدم إلى أن تقومالساعة بعطاء هو أعظم أو أجل من الجنة {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [السجدة17] . وهل عاقب الله جل وعلا أحد ممن عصاه بأعظم من حرمانه مندخول الجنة أعاذنا الله و إياكم من الخذلان والحرمان .
أيها المؤمنون : الجنة خلقها الله جل وعلا في ظاهر أقوال العلماء وظاهر القرآن خلقها الله جل وعلا بيدهوهي الدار التي أعدها الله تبارك وتعالى لأوليائه وأهل طاعته . وقد اختلف العلماء فيالجنة التي أدخلها الله جل وعلا أبانا آدم عليه السلام يوم خلقه قال الله جل وعلا في سورةالبقرة : {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}[البقرة35]. فقال كثيرٌ منهم " إن المقصود بها جنة المأوىجنة الخلد التي وعدها الله جل وعلا عباده المتقين بعد بعثهم " . وقال آخرون من أهلالعلم من أهل السنة وغيرهم قالوا : " إنها ليست جنة الخلد وليست جنة المأوى التيوعدها الله جل وعلا عباده بعد البعث ولكنها جنة إمّا في السماء الدنيا وإمّا في الأرض " .
واستدلواعلى ذلك بأمور منها : أن الله جل وعلا أخرج آدم منها وقالوا : " الأصل أن الجنة دار خلد فكيفأُخرج آدم منها "وقالوا ضمن أدلتهم : " أن الله جل وعلا كلّف فيها آدم وابتلاه بأن لايأكل من الشجرة و الجنة الأصل أنه لا تكليف ولا ابتلاء فيها " وقالوا : " إن الشيطان دخلإليها فوسوس إلى آدم والأصل أن الشيطان لا يدخل الجنة " . إلى جملة من الأدلة والبراهين عندهم . والظاهر والله أعلم أن كل ذلك جرى بقدر الله ولا نجزم بهوالأظهر الذي دل عليه القرآن أنها جنة الخلد لأن الله عز وجل قال : {وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} والألف واللام فيها للعهد وليس في عهد من يقرأ القرآن وذهنه إلا أنهاجنة الخلد إذ لم يذكر القرآن جنة غيرها في كلام الله جل وعلا .
كما أن من جملةالأدلة : أن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم في الصحيح أخبر : ( أن أهل الموقف منأهل الجنة يوم القيامة من المؤمنين يأتون أباهم آدم فيقولون : يا أبانا استفتح لناالجنة فيقول آدم عليه السلام : وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم ) فظاهر قولهعليه السلام : (وهل أخرجكم من الجنة إلا خطيئة أبيكم )أنها جنة المأوى التي وعدها اللهجل وعلا عباده وأياً كان الأمر فإن المسلمين متفقون على أن الجنة التي وعدها اللهعباده المؤمنين هي جنة المأوى وجنة الخلد في السماء السابعة وأنها مخلوقة موجودةالآن قدر الله لها أنها لا تبيد ولا تفنى .
أيها المؤمنون : هذه الجنة أخبرالنبي صلى الله عليه وسلم أنها قيعان وأن أعظم غراسها سبحان الله والحمد لله ولاإله إلا الله و الله أكبر , فقد صح عنه صلوات الله وسلامه عليه أنه قال : ( لما عرجبي لقيت خليل الله إبراهيم فأوصاني قائلاً : يا محمد أقرئ مني أمتك السلاموأخبرهم أن الجنة قيعان وأن غراسها سبحان الله و الحمد لله و لا آله إلا الله واللهأكبر ) .
هذه الجنة أيها المؤمنون عظم شوقها إلى بعض عباد الله الصالحين قال صلى اللهعليه وسلم كما في الخبر الصحيح قال : (إن الجنة لتشتاق إلى ثلاثة إلى علي وعمار وسلمان )رضوان الله جل وعلا عليهم .
ولا يعني ذلك أن الجنة لا تشتاق إلى غيرهم فإنالحديث في سياق الخبر وليس في سياق الحصر فلا ريب أن الجنة تشتاق إلى أبي بكر وعمروغيرهما من عباد الله المؤمنين ولكن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر فقط عن ثلاثةليبين مال هؤلاء الثلاثة من عظيم القدر و جليل المكانة عند ربنا تبارك وتعالى .
هذهالجنة يُمنع عنها أقوام بالكلية فلا يدخلونها أبداً رغم ما فيها من الفضل و ما جعلالله فيها من الرحمة و ما فيها من نعيم الله الذي لا ينفذ وقرة العين التي لا تنقطع .وهؤلاء والعياذ بالله هم أهل الكفر والإشراك قال الله جل وعلا : { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ} [المائدة72 ] . فمن أشرك بالله أو كفر به جل وعلا فإن الجنة عليه حرام. حراماً تحريماً مؤبداً فإن الله جل و علا أخبر أنه ما بعث الرسل ولا أنزل الكتبولا خلق الجن والإنس ولا أُقيم سوق العرض ولا خلقت السماوات والأرض إلا ليوحدسبحانه ويعبد دون سواه فمن خالف هذا الأمر الرباني الإلهي الذي أجراه الله علىالأمم كلها كان حرام عليه بقدر الله أن يدخل الجنة قال الله جل وعلا عن أهل معصيتهبعد أن بين سبب عذابهم والنكالِ بهم وحرمانهم من نعمة الله قال : {إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ } [الصافات35] .
فمن ذلت عينه وقلبه وخشعت نفسه أمام هذهالكلمة وفق لكل خير ومن منعها ولم يجد لها مكاناًً أو مساقاً في قلبه فالجنة عليهحرامبكلام رب العالمين جل جلاله جعلنا اللهوإياكم ممن يؤمن به ويعبده وحده دون سواه . هؤلاء من حرم الله عليهم الجنةتحريماً مؤبداً .
ومن الناس من ذل لهذه الكلمة لكنه عصى النبي صلى الله عليه وسلمعصى الشرع في أمور كثيرة فهؤلاء لا يمكن لهم أن يدخلوا الجنة ابتداءً ولو ماتواعلى التوحيد قال صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنة عاق لوالديه) .الجنة من أعظمالمنازل ولا يدخلها إلا ذو قلب سليم وكيف تجتمع سلامة قلب مع عقوق لوالدة حملتكتسعة أشهر أو عقوق لوالد رباك ورعاك . عقوق الوالدين من أعظم ما يمنع رحمة الله جلوعلا ولهذا قال صلى الله عليه وسلم : ( لا يدخل الجنة عاق لوالديه) .
الخمر أم الخبائث حرمها الله في كتابه وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم وهيمظنة كل شر وسبب كل بلاء وقد قال صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنة مدمن خمر)ولو مات على لا إله إلا الله إلا أن يكون قد تاب قبل وفاته فإن الخمر والعياذ باللهحرّمها الله وحرمها رسوله صلى الله عليه وسلم ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلمبسببها عشراً من الناس ولم يرد في الشرع كله أن النبي صلى الله عليه وسلم لعن بسبب شيء معين عشراً من العبادإلا ما ورد في لعن الخمر وشاربها و بقية العشرة أعاذنا الله وإياكم من ذلك كله.
قد يكون للإنسان جار ولكن ذلك الجار والعياذ بالله فيه من الخلل و الزلل ما يجعلك لاتأمن أنت ولا زوجتك ولا أبناؤك ولا بناتك ذلك الجار تخاف على بناتك وأبنائك إذاسافرت يؤذيك في كل شيء من موقف سيارتك إلى عرضك وأهل بيتك هذا الجار حرم الله عليه على لسان رسوله أن يدخل الجنة قال صلى الله عليه وسلم : (لا يدخل الجنة من لا يأمنجاره بوائقه)أعاذنا الله وإياكم من سوء الجار .
كما أخبر صلى الله عليهوسلم أنه لا يدخل الجنة ابتداءً قاطع الرحم . والإنسان والعياذ بالله إذا غلبت عليهالأنانية وحب الذات وحرم منه أقرباؤه حرم منه أعمامه وأخواله وعماته وخالاتهالفقير والبائس والمسكين وذو الحاجة منه حرموا من عطائه إما بحجج واهية كاشتغال بطلبعلم أو بحضور محاضرات أو بتجارة أو بأمثال ذلك من الحجج الواهية . قال صلى اللهعليه وسلم في الخبر الصحيح : ( لا يدخل الجنة قاطع) أي لا يدخل الجنة قاطع رحملأن الرحم اشتق الله لها جل وعلا اسم من أسمائه وقال: ( أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطعمن قطعك ) . فهؤلاء وأمثالهم ممن نص الشرع عليهم حرم الله جل وعلا عليهم دخول الجنةابتداءً .
كما حرم الله دخول الجنة ابتداءً على من في قلوبهم كبر . ومن عرف الله جلوعلا وجليل منزلته وما له جل وعلا من رداء الكبرياء والعظمة امتنع على أن يتكبر وتواضعللرب تبارك وتعالى وعرف للعباد حقوقهم التي أوجب الله جل وعلا عليهم قال صلى الله عليهوسلم : (لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر) .
وعلى النقيض من ذلكثمة أقوال وأعمال صالحة تكون سبباً في دخول الجنة من أعظمها وأولها ما روى بعضالأئمة بسند حسن أن نبينا صلى الله عليه وسلم يكون أول من يقرع باب الجنة وأول منيدخلها فإذا امرأة تزاحمه صلوات الله وسلامة عليه على دخول الجنة فيقول لها صلىالله عليه وسلم : ( ومن أنت ؟ أي ما الذي جعلك بهذه المكانة فتقول له : يا رسول اللهأنا امرأة كنت قائمة على أيتام لي ) فهذه لبؤسها و ضعفها وعجزها وتركها لشهوةنفسها رغبة في القيام بشؤون أبنائها من اليتامى جعلها الله جل وعلا تزاحم سيد الخلقصلى الله عليه وسلم في دخول الجنة .
الوضوء إسباغه و الصلاة بعده من أعظمأسباب دخول الجنة فإن نبينا صلى الله عليه وسلم أراه الله الجنة مراراً يدخلهاصلوات الله وسلامه عليه وكلما دخل الجنة سمع صوت نعلي بلال بن رباح رضي الله عنهوأرضاه فقال صلى الله عليه وسلم لبلال : (أخبرني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإننيما دخلت الجنة قط إلا وسمعت خشخشة نعليك بين يدي ) فقال : ( يا نبي الله أما وقد سألتفإني كنت لا أتوضأ وضوء فأسبغ فيه الوضوء إلا صليت لله جل وعلا في أي ساعة من ليل أونهار ما كتب الله لي أن أصلي ) رضي الله عن بلال وألحقنا الله به في الصالحين كما أنالوضوء نفسه من غير صلاة قال صلى الله عليه وسلم : (من أسبغ الوضوء ثم قال أشهد أنلا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللهم أجعلني من التوابين واجعلني منالمتطهرين فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء) .
كما أن من أعظم أسبابدخول الجنة وعلو المنازل فيها كفالة اليتيم قال صلى الله عليه وسلم : (من كفل يتيماًكنت أنا وهو في الجنة كهاتين) وجمع صلى الله عليه وسلم وفرق بين أصبعيه السبابةوالوسطى . كل هذا عباد الله بعض مما دل الشرع عليه من أسباب دخول الجنة .
ومماينبغي أن يعلمه كل عبد أن المؤمن إذا كتب الله جل وعلا له الجنة نسي كل بؤس كانعليه في الدنيا ظمأ الهواجر قيام الليل إنفاق المال عونك لأخيككثرتك للتسبيح صبرك على البلاء كل ذلك يُنسى إذا أدخل الجنة .
أدخلنا الله جلوعلا وإياكم الجنة . أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ * جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ * وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ * الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِن فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } [فاطر35] . جعلنا الله وإياكم ممنيقول هذا يوم القيامة عند دخول الجنة .
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعنيوإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم الجليللي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم..
*** الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد .
عبادالله: فإن القرآن لما حث أتباعه على المسارعة في الخيرات والمسابقة في الطاعاتطمعاً في دخول جنات الرحمن ما أراد الله بذلك ولا أراد رسوله صلى الله عليه وسلمأن يسابق الإنسان إلى الموت وأن يسرع إلى التخلص من حياته فإن الأجل أمر لا يكلفالعبد به هذا أمر قدري خارج عن التكليف والله جل وعلا يقول : { فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ }[الأعراف34].
ولم يرد في الشرع ما يدفع المؤمن إلى أن يتمنى الموت إلا في حالات يذكر فيهادعاءاً مخصوصا . أما الأصل في المؤمن أنه يسارع في الخيرات ويسابق في الطاعات ويعملالعمل الصالح هذا الذي كلفنا الله به .
أخرج الإمام أحمد في المسند من حديث أبي أمامهرضي الله عنه وأرضاه قال : ( وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرققنا ـ أي أثرفينا حديثه ـ فبكى سعد رضي الله عنه وأرضاه فأكثر من البكاء ثم قال سعد ـ أي سعد ابنأبي وقاص ـ قال : ( يا ليتني مت ) فقال صلى الله عليه وسلم : ( يا سعد لا تقل هذا فإنكأن كنت قد خلقت للجنة فمهما طال من عمرك وحسن من عملك فهو خير لك ) .
وهذا توجيهنبوي كريم منه صلوات الله وسلامه عليه المؤمن مطالب بأن يسارع في الخير ويعمل الصالحوليس مطالب بأن ينهي نفسه ويقتلها ويظن أن وراء ذلك الجنة قال صلى الله عليه وسلم : (بادروا بالأعمال سبعاً فهل تنتظرون إلا فقراً منسياً أو غنىً مطغياً أو مرضاًمفسداً أو هرماً مفنداً أو موتاً مجهزاً أو الدجال فشر غائب يُنتظر أو الساعة فالساعةأدهى وأمر ) .
فقوله صلى الله عليه وسلم : ( بادروا بالأعمال ) أي سارعوا في الأعمالالصالحة قبل أن يمنعكم عنها مانع ثم ذكر عليه الصلاة والسلام جملة من الموانعفالفقر ينسي لأن الإنسان إذا كان فقيراً انشغل بقوته ورزقه ودفع دينه ومنعه ذلكمن أن يعبد الله على الوجه الأكمل والنحو الأتم بالغالب .
وإذا كان غنياً طغى عليه غناهفانشغل بعقاراته و تجارته وأسهمه وأرباحه وشغله ذلك عن طاعة الرب تبارك وتعالى علىالوجه الأكمل والنحو الأتم . وإن كان مريضاً عجز عن الحج والعمرة والصيام وأمثال ذلكمن الطاعات لمرضه . وإن كان هرماً دخل في الخرف فلا يدري الليل من النهار فكيفسيصلي ويصوم . وإن كان الموت فهو مجهز قاض عليه و به تطوى صحائف الأعمال إلاما استثناه الشارعمنه . والدجال لا فتنة أعظم منه . والساعة نهاية الأمر وقيام الحسابوكل ذلك لا عمل فيه .
فهذا جزء من التوجيه النبوي الكريم بالمسارعة للخيرات وقد نقلالأخيار عن معاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه أنه لما حضرته الوفاة بكى فقيل له : " مايبكيك يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم " فقال : " أبكي على ظمأ الهواجر ـ أي أبكي على أنني لن أستطيع أن أصوم بعداليوم ـ أبكي على قيام ليل الشتاء ـ لأنني بعد موتي لا أستطيع أن أقوم بعد اليومـ أبكي على مزاحمة العلماء بالركب ـ لأن حضور مجالس العلماء وحضور مجالس تدارس القرآنكل ذلك مما تُغشى بها السكينة وتنزل به الملائكة ويعظم به الأجر ـ " . فلم يتأسف معاذ رضي اللهعنه على دينار ولا درهم ولا على زوجة ولا على ولد ولكن تأسف على ما سيفوته منعمل الصالح رغم أنه رضي الله عنه وأرضاه من أعظم الصحابة قدراً وأجلهم مكانة وأكثرهمعلماً رضي الله عنه وعن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أجمعين .
ألا وأعلمواعباد الله أنكم في يوم الجمعة سيد الأيام فصلوا فيه وسلموا على سيد الأنام {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} . اللهم صلي على محمد ما ذكره الذاكرون الأبرار وصلي على محمد ما تعاقب الليل والنهاروارض اللهم عن أصحاب محمد من المهاجرين والأنصار . اللهم ورحمنا معهم بمنك وكرمكوعفوك يا عزيز يا غفار اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل ونعوذ بكربنا من النار وما قرب إليها من قولوعمل اللهم كما جمعتنا على هذا الفرشاجمعنا برحتك في ظلال العرش يا ذا الجلال والإكرام اللهم وفق إمامنابتوفيقك وأيده بتأييدك اللهم وفقه لهداك وجعل عمله في رضاك اللهم وادرأ عن أمةالإسلام غوائل الفتن وطوارق المحن وقها اللهم شر الكفار وكيد الفجار يا ذا الجلالوالإكراماللهم أحفظ المؤمنين في فلسطين والعراق وفي سائر البلدان يا ربالعالمين اللهم انصر دينك وكتابك وأولياءك وعبادك الصالحين وأبرم لهذه الأمةأمر رشد يُعز فيه أهل طاعتك و يهدى فيه أهل معصيتك ويأمر فيه بالمعروف وينهى فيهعن المنكر ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار .
عبادالله: إن الله يأمر بالعدل والإحسان و إيتاء ذي القربى وينهي عن الفحشاء و المنكروالبغي يعظكم لعلكم تذكرون فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم واشكروه على نعمهيزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون .
الخطبه موجوده في ملف في الرفقات لمن يريد التحميل
لا تنسونا من صالح دوعائكم
| | |
|