منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم
 كيف تتذوق القرآن الكريم؟ R2a20texcj3r
منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم
 كيف تتذوق القرآن الكريم؟ R2a20texcj3r
منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم

إنتظروا منا الأعمال المميزة يوميا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
(https://rafik4educ.yoo7.com/) أين تجد العديد من الملفات الأخرى في منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم يمكن تحميلها من روابط مباشرة و بسهولة تامة مجانا ، من أجل إستمرار الموقع و إستفادتنا من العديد من المزايا الأخرى من طرف صاحب الاستضافة للموقع نرجوك أن تقوم بالضغط على الاعلانات الموجودة في الموقع عند زيارتك له.مع تحيات مدير الموقع :حسام الدين وتواصلوا معنا عبر البريد الالكتروني :houcem43@gmail.com
Cool Blue Outer
Glow Pointer

 

  كيف تتذوق القرآن الكريم؟

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
الأستاذ لشهب يونس
المدير العام

المدير العام
الأستاذ لشهب يونس


الأوسمة وسام الاداري المميز
 كيف تتذوق القرآن الكريم؟ 41627710
الجنـسية : gzaery
المزاج المزاج :  كيف تتذوق القرآن الكريم؟ Pi-ca-20
الـبـلـد : الجزائر
نوع المتصفح : fmfire
الهواية : chess
المهنة : studen
الجنس : ذكر
الْمَشِارَكِات الْمَشِارَكِات : 21381
العمر العمر : 30
تاريخ التسجيل : 01/02/2009
السٌّمعَة السٌّمعَة : 751
نقاط نقاط : 1045613
توقيع المنتدى : توقيع المنتدى + دعاء

 كيف تتذوق القرآن الكريم؟ Empty
مُساهمةموضوع: كيف تتذوق القرآن الكريم؟    كيف تتذوق القرآن الكريم؟ Icon_minitimeالأحد يونيو 24, 2012 3:46 am

 كيف تتذوق القرآن الكريم؟ 851345



بسم الله الرحمان الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله









كيف تتذوق القرآن الكريم؟


هذا
مقال طويل وجاد، يلزم لاستيعابه قراءته عدة مرات، ولكني برغم ذلك أطالبكم
بالصبر عليه.. ذلك أنه يؤسس لكيفية تذوق جماليات القرآن الكريم.. وهو عرض
لكتاب "التصوير الفني في القرآن الكريم" الذي حاول فيه سيد قطب أن يضع أيدينا على مفاتيح بلاغة القرآن الكريم، وتوصل إلى قاعدة "التصوير الفني" التي سار عليها في تفسير "الظلال" الذي
شهد تطبيق هذه النظرية.. وبالنسبة لي فقد استفدت جدًّا من هذا الكتاب الذي
غيَّر إحساسي بآيات القرآن تمامًا وجعلني أتشرب روعته وجماله.

لقد
استحوذ القرآن على العرب وأجمع الكل على الانبهار به: المؤمنون به
والكافرون.. اضطرب له الوليد بن المغيرة ولم يؤمن، فيما أسلم عمر بن
الخطاب رضي الله عنه على الفور.

لقد
نظر البعض في جملة مزاياه ثم أجابوا، لكن هذا لا يفسر انبهارهم بقلائل
السور التي لم يكن فيها تشريع ولا غيب ولا علوم.. في عصر الصحابة تحرجوا
من تفسيره واهتموا بالعمل به.. وفي عصر التابعين نما التفسير نموًّا
مضطردًا، ولكنهم كانوا يقتصرون على توضيح المعنى اللغوي، ثم أخذ البحث
يغرق في مباحث فقهية وجدلية ونحوية وصرفية وتاريخية وأسطورية بدلاً من
البحث عن الجمال الفني الأصيل فيه.. وتفاقم الأمور سوءًا في عصور الانحطاط.

وفي
كل الأحوال فإن إدراكهم لمواضع الجمال بقي متفرقًا دون أن يصلوا إلى مرحلة
إدراك الخصائص العامة أو الأسلوب الموحد.. هذا الشيء الذي يمكن أن نطلق
عليه: التصوير الفني في القرآن الكريم..

إن لهذا الكتاب طريقة
موحدة في التعبير عن مقاصده، سواء كان هذا القصد تبشيرًا أو تحذيرًا، قصة
وقعت في الماضي أو حادثًا سيقع في المستقبل، وصفًا للحياة الدنيا أو
الأخرى، هذه الطريقة الموحدة هي التصوير الفني في القرآن الكريم.

الصورة في أسمى معانيها
إن
التصوير هو الأداة المفضلة في القرآن الكريم فهو يحوّل المعنى إلى صورة
فإذا هي تصبح واقعًا أمامك، والأمثلة هي كل القرآن تقريبًا فيما عدا
التشريع..

على سبيل المثال: حينما يريد القرآن أن يعبر عن "معنى" أن الكافرين لن ينالوا قبولاً من الله فإنه لا يقولها مباشرة وإنما حولها إلى صورة:

{إِنَّ
الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُواْ عَنْهَا لاَ تُفَتَّحُ
لَهُمْ أَبْوَابُ السَّمَاء وَلاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ
الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ
}...

(الأعراف : 40)،

والجمل
هو الحبل الغليظ، فيدع للذهن البشري أن يتخيل صورة حبل غليظ لا يدخل في
فتحة الإبرة الدقيقة مهما حاولت، وبذلك يتأكد المعنى المطلوب حينما تحول
من معنى ذهني إلى صورة فنية..

وحينما يريد أن يعبر عن ضياع أجر الكافرين فإنه لا يعبر عنها بطريقة تقريرية وإنما برسم صورة فنية:

{مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ}...

(إبراهيم : 18)،

فيدع للذهن أن يتخيل حركة الريح تذرو الرماد فيتبدد بددًا..

ويريد أن يقول إن الصدقة التي تبذل رياء لا تثمر عند الله فيصورها هكذا:

{فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا}...

(البقرة : 264)،

فيرسم
لنا الخيال صورة حجر صلب غطته طبقة رقيقة من التراب فظنت فيه الخصوبة،
فإذا بوابل من المطر يتركه صلدًا بدلاً من أن يهيئه للخصوبة والنماء.

أما الوجه الآخر فهي الصدقات التي تبذل ابتغاء مرضاة الله فيصورها هكذا:

{كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصَابَهَا وَابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَهَا ضِعْفَيْنِ فَإِن لَّمْ يُصِبْهَا وَابِلٌ فَطَلٌّ}...

(البقرة : 265)،

فالوابل مشترك في الحالتين، ولكنه في الحالة الأولى يمحق ويمحو وفي الحالة الثانية يربي ويخصب.

وإذا أراد أن يقول إن الله وحده يستجيب لمن يدعوه فيما لا تملك الآلهة الثانية شيئًا يجعلها في هذه الصورة:

{وَالَّذِينَ
يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَسْتَجِيبُونَ لَهُم بِشَيْءٍ إِلاَّ
كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاء لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ
بِبَالِغِهِ
}...

(الرعد : 14)،

وهي صورة للحماقة في أجلى صورها.

ويعبر القرآن عن ضياع عمل المشركين بقوله تعالى:

{وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاء فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ}... (الحج : 31)،

وقس على ذلك القرآن كله فيما عدا التشريع، فهو لا يكتفي بذكر المعنى الذي يريده، بل يجعله في صورة مجسمة مرسومة.

التعبير النفسي والمعنوي


وكما استخدم التصوير في المعاني المجردة كالكفر والإيمان والتوحيد والشرك، فإنه استخدمها للتعبير عن حالات نفسية ومعنوية كالآتي:-

فحينما يكون المعنى هو حيرة غير المؤمنين تأتي الآية:

{وَنُرَدُّ
عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ
الشَّيَاطِينُ فِي الأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى
الْهُدَى ائْتِنَا
}...

(الأنعام : 71)،

فليته كان صاحب قصد موحد ولو في طريق الضلال، ولكن هناك على الجانب الآخر من يدعوه إلى الهدى، وهو بين الغواية والدعاء حيران متلفت.

وحينما يعبر عن حالة نفسية مثل تزعزع العقيدة تأتي الآية:

{وَمِنَ
النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ
اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ
خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ
}...

(الحج : 11)،

وهي صورة ترسم حالة التزعزع بأوضح مما يؤديه لفظ التزعزع؛ لأنها تنطبع في الحس في صورة محسوسة.

أما مشاهد القيامة وصور العذاب والنعيم فقد كان لها من التصوير الفني أوفى نصيب.. فهذا مشهد من مشاهد الحشر:

{خُذُوهُ فَغُلُّوهُ * ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ * ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا فَاسْلُكُوهُ}...

(الحاقة 30 – 32)،

وكذلك:

{يَوْمَ
تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ
ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى
وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ
}...

(الحج : 2)

مشهد حافل يموج بالهول لا يقاس بالحجم والضخامة فقط وإنما بوقعه في النفوس.

حركة الجماد!


وقليل من صور القرآن هو الذي يعرض صامتًا ساكنًا، أما أغلب الصور ففيها حركة وتخلع على الجماد حياة مثل {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ}.. يتنفس فتتنفس معه الحياة ويدبّ النشاط في الأحياء.. والأرض والسماء عاقلتان يوجه إليهما الخطاب: "ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعًا أو كرهًا قالتا أتينا طائعين". وهذه جهنم النهمة المتغيظة التي لا يفلت منها أحد ولا تشبع بأحد "إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظًا وزفيرًا".

أما إذا قرأت سورة الناس تجد صوتك يحدث وسوسة كاملة تناسب جو السورة.

وهناك مقابلات دقيقة في الأشكال تناسب صور النعيم والعذاب:

{كَلاَّ
إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا * وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ
صَفًّا صَفًّا * وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ
الإِنسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى
}...

(الفجر 21- 23)..

في
وسط هذا الروع الذي يشبه العرض العسكري توجد أشكال منتظمة الدقات منبعثة
من البناء اللفظي الشديد، وعلى العكس تمامًا يأتي الإيقاع رخيًّا متموجًا
في قوله تعالى:

{يَا
أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ
رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي
}...

(الفجر 27 -30).

تنوع القافية وشكل الإيقاع!


وقد تتنوع القافية في السورة الواحدة لتناسب المعنى الذي تريده فمثلاً في سورة مريم يكون هكذا: {ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا}... إلخ،

{وَاذْكُرْ
فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا
شَرْقِيًّا * فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا
إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا
}... إلخ،

وفجأة يتغير النسق تمامًا

{ذَلِكَ
عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ * مَا
كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ سُبْحَانَهُ إِذَا قَضَى أَمْرًا
فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ

وكأنه
باستخدام النون أو الميم يصدر حكمًا بعد نهاية قصة، ولهجة الحكم تقتضي
إيقاعًا رصينًا بدل إيقاع القصة الرضي المسترسل، وكأنما لهذا السبب كان
التغير، خصوصًا أنه بمجرد الانتهاء من إصدار الحكم عاد إلى النظام الأول
في القافية والفاصلة:

{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا}... إلى آخر الآيات.

نفس الشيء تلاحظه في سورة النبأ بدأت السورة بقافية النون والميم مناسبة جو التقرير:

{عَمَّ
يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ * الَّذِي هُمْ فِيهِ
مُخْتَلِفُونَ * كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ * ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ *
أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ مِهَادًا * وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا
}... إلخ.

كذلك في سورة النازعات تجد إيقاعًا سريع الحركة قصير الموجة شديدة الارتجاف:

{يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ}...

(النازعات : 6- 9)،

ثم تتغير الموجة لتصبح بطيئة الحركة متوسطة الطول تناسب الجو القصصي:

{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى}... (النازعات : 15- 17).

وهناك شكل الدعاء المتموج الطويل الخاشع:

{رَبَّنَا
مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ *
رَبَّنَا إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ
}...

(آل عمران : 191 – 192).

وقد
يضع التعبير القرآني إطارًا للصورة، ثم يطلق من حولها الإيقاع المناسب
لهذا الإطار، ففي سورة الضحى يكون هناك جو من الحنان اللطيف والرحمة
الوديعة من خلال نظام لطيف العبارة رتيب الحركات، فلما أراد إطارًا لهذا
الحنان اللطيف جعله من الضحى الرائق والليل الساجي، أصفى آنيين من آونة
الليل والنهار.

وهناك شكل آخر خشن عنيف فيه دمدمة وفرقعة.. تناسب
الجو الصاخب المعفر الذي تنشئه القبور المبعثرة والصدور المحصّل ما فيها
بقوة، وجو الجحود وشدة الأثرة كما في سورة العاديات:

{وَالْعَادِيَاتِ
ضَبْحًا * فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا * فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا *
فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعًا * فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا * إِنَّ الإِنسَانَ
لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ * وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ * وَإِنَّهُ
لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ * أَفَلا يَعْلَمُ إِذَا بُعْثِرَ مَا فِي
الْقُبُورِ * وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ * إِنَّ رَبَّهُم بِهِمْ
يَوْمَئِذٍ لَّخَبِيرٌ
}

فإذا أراد لهذا إطارًا مناسبًا اختاره من نفس الجو الصاخب المعفر الذي تثيره الخيل، فكان الإطار من الصورة والصورة من الإطار.

وقد تأتي صورتان لكل منهما إطارها المناسب:

{
وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ
الذَّكَرَ وَالأُنثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى * فَأَمَّا مَن أَعْطَى
وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى *
وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى *
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى
}...

(الليل : 1 - 10)،

فهنا
صورة فيها الأسود والأبيض، من أعطى واتقى، ومن بخل واستغنى، وفي الإطار
كذلك الأسود والأبيض، الليل إذا يغشى هذه المرة (وليس إذا سجى)، والنهار
إذا تجلى (المقابل لليل إذا يغشى)، وهنا الذكر والأنثى المتقابلان في
النوع والخلقة، فذلك إطار مناسب للصورة.. أما الشكل المصاحب فلا هي أعلى من

{وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى}...

(الضحى : 1 - 2)،

ولكنها ليست عنيفة قاسية كسورة العاديات؛ لأن الجو للسرد والبيان أكثر مما هو للهول والتحذير.

وحدة الرسم المعجز


وهناك
وحدة الرسم تحتم التناسق بين أجزاء السورة، فإذا قرأت سورة الفلق وجدت أن
الجو المراد إطلاقه هو جو التعويذة، بما فيه من هيمنة وخفاء؛ لذلك ناسبه
جو الشر والليل يتغلغل ظلامه، ونفث الساحرات في العقد، والحسد الباطني
المطمور في ظلام النفس.. فالجو كله ظلام وغموض ناسبه استخدام لفظ الفلق،
وهو مرحلة تجمع بين النور والظلمة ولها جوها الغامض المسحور.

وقد
عبّر القرآن عن الأرض قبل نزول المطر مرة بأنها هامدة ومرة بأنها خاشعة،
وقد يفهم البعض أنه مجرد تنويع في التعبير، لكن الحقيقة أن السياق اختلف
في المرتين.. ففي السياق الأول جو بعث وإحياء وخلق ناسبه وصف الأرض بأنها
هامدة، ثم تهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج..

{يَا
أَيُّهَا النَّاسُ إِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا
خَلَقْنَاكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ
}... (الحج : 5)،

ثم قال تعالى في نهاية الآية:

{... وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاء اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ}.

أما السياق الثاني فجو عبادة وخشوع ناسبه تصوير الأرض بأنها خاشعة:

{وَمِنْ
آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوا
لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن
كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ * فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِندَ
رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لا
يَسْأَمُونَ * وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا
أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ.
..}...

(فصلت : 37 – 39)،

ثم لا يزيد على الاهتزاز والرَّبْء الإنبات والإخراج كما زاد هناك؛ لأنه لا محل لهما في جو العبادة والسجود.

تصوير اللمسات العريضة


ويستخدم القرآن في التصوير اللمسات العريضة:

{أَفَلا
يَنظُرُونَ إِلَى الإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ
رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ * وَإِلَى الأَرْضِ كَيْفَ
سُطِحَتْ
}...

(الغاشية : 17-20)،

فهذه
ريشة تجمع بين السماء والأرض والجبال والجمال في مشهد واحد مستمد من
الطبيعة والحياة، ملحوظ فيه الضخامة والأجزاء الموزعة بين الاتجاه الأفقي
في السماء المرفوعة والأرض المبسوطة، والاتجاه الرأسي في الجبال المنصوبة
والإبل الصاعدة السنام.

وقد تتسع الرقعة في الزمان والمكان والحاضر
والغيب ما بين الساعة البعيدة المدى والغيث البعيد المصدر، وما في الأرحام
الخافي عن العيان، والرزق المغيب في المجهول وموضع الموت، لكنها تجمع كل
أطرافها عند نقطة الغيب المجهول:

{إِنَّ
اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا
فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا
تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ
...}...

(لقمان : 34).

وهكذا
تتكشف للناظر في القرآن بعض آفاق من التناسق والاتساق فمن نظم فصيح إلى
سرد عذب إلى معنى مترابط إلى لفظ معبر، إلى تصوير محسوس إلى موسيقى منغمة
إلى اتساق في الأجزاء والإطار والموسيقى والإخراج.. وبهذا كله يتم الإبداع
ويتحقق الإعجاز.
============
أون إسلام















































_________________


 كيف تتذوق القرآن الكريم؟ 011




الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://www.facebook.com/RafikEducation/
 
كيف تتذوق القرآن الكريم؟
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» قاموس القرآن الكريم - طرق استنباط الإحكام من القرآن الكريم
»  تعلم كيفية حفظ القرآن الكريم في شهر - كتاب لشرح كيفية حفظ القرأن الكريم في شهر
» كيف تحفظ القرآن الكريم
»  الإفك في القرآن الكريم
»  ~~ أهمية حفظ القرآن الكريم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم :: ˆ~¤®§][©][ المنتديات الإسلامية ][©][§®¤~ˆ :: القرآن الكريم-
انتقل الى:  
حقوق المنتدى

الساعة الانبتوقيت الجزائــر
جميع الحقوق محفوظة لمنتديات الرفيق للتعليم
Powered by phpBB2 ® Rafik4Educ.yoo7.com
Rafik4Educ.yoo7.com
حقوق الطبع والنشر©2009 - 2019

»»يرجى التسجيل بايميل صحيح حتى لا تتعرض العضوية للحذف و حظر الآى بى
.:: لمشاهدة أحسن للمنتدى يفضل جعل حجم الشاشة (( 1024 × 780 )) و متصفح فايرفوكس ::.

جميع المواضيع و الردود تعبر عن راي صاحبها ولا تعبر عن رأي إدارة منتديات الرفيق للتعليم بــتــاتــاً
»»إبراء ذمة إدارة المنتدى ، امام الله وامام جميع الزوار والاعضاء ، على مايحصل من تعارف بين الاعضاء او زوار على مايخالف ديننا الحنيف ، والله ولي التوفيق


للتسجيل اضغط هـنـا