الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1045713 توقيع المنتدى :
| موضوع: مجنون يعلم ................(4) ......بقلمي الخميس يونيو 28, 2012 3:59 am | |
| |
كنت شابا لطيفا وديعا رقيق الحواشي لا أباشر انسانا بأذى ولا أرد الإساءة بمثلها
لكن ما أن طحنتي الايام ومضغتني لياليها ورماني الدهر بكل مرذول الطبع ، ومن هو من سفلة الناس ، واليوم صار من ذوي الشأن
لأن زمننا الاعور جاد علينا بين الفينة والاخرى بكل عتل زنيم ما الله به عليم
فتبدلت بعض طباعي فقد عرف الغضب طريقه الى قلبي ، وعرفت يدي كيف تلطم وجوها تستحق رؤوسها أن تطحن لا ان يكتفى بالبصق بوجهها
قابلت (س) وهو أحد النكرات التي غافلت النحاة لتاخذ بين المعارف مكانا ، ولو أدخلت عليه كل أدوات التعريف لما قبل التعريف
وكانت صولة بيني وبينه اشتد الخلاف وتعالت الأصوات وأخذ الغضب وتمكن من قلبي
فأحسست كأن نارا تشتعل في جسدي ، و صدري يفور كالمرجل ومن ثم تخرج من فمي كلمات حروفها من نار
يتطاير لهبها وسنا برقها يذهب بالابصار ، كأن الدنيا محصورة بيني وبينه وليس علي ألا أن تتناوله يدي لكن وا أسفاه حيل بيني وبينه
أصبح لون الدنيا في عيني أحمرا كالدم ، وملأ السماء دخان أسود متراكب بعضه فوق بعض تنزل منه أعمدة الى الأرض
كأنها أعاصير هائجة تنذر بالموت لك من يكون قريبا من إحدى دوائرها
أصبح الصخر والحجر والحيطان وأعمدة الكهرباء وكل شيء حولي يصدر منه أصوات المتميز من الغيظ له صرير وزفير ترسلها أمواج أمواج
لتلامس طبلة اذني لتدق طبول الحرب في عقلي ، فما هو الا ان رأيت أعمدة اللهب تنقذف من مقلتي حتى رأيت كائنا هو في مخيلتي إبليس
ما على وجه الارض أشأم ولا أقبح منظرا منه ، ممسك بيده سيفا ويقول لي : اضربه ... اقتله ... اقتله .. فتكرر صوته في أذني
ثم استفقت على صوت المؤذن وهو ينادي الله اكبر الله أكبر ، فولى الشيطان وله ضراط...
كان خصمي مدورا كالكرة له أنف مفلطح أخذ مداه بين شحمتي أذنه ، وفمه صغير كأنه حبة فلفل !!
وبطنه ممتده مترين للأمام وفي عينيه حول وغبش ،
كنت أراه خنزيرا لا من بني البشر وهكذا يصنع الغضب ....فلما افترقنا
خرجت من داري مغضبا وبينما أنا على هذه الحال وجدت في طريقي صاحبنا المجنون فما أن رآني ابتسم وحياني فقد قرأ سطور الغضب في وجهي
ثم قال لي : أحدثك ؟ قلت اليك عني ، فمالي ولحديث المجانين !! فضحك وقال : حدثنا :الجاحظ قال :
قال ابو الحسن دعا بعض السلاطين مجنونين ليحركهما فيضحك مما يجيء منهما فلما أسمعاه وأسمعهما غضب
ودعا بالسيف فقال أحدهما لصاحبه كنا مجنونين فصرنا ثلاثة!!!!
فزمهرت عيناي وكلح وجهي عليه ، فقال : أريت مجنون مثلي والله ....
هون عليك فالغضب أول جندي من جنود أبلبس ، يلعب بقلب الغاضب كما يلعب الصبي بالكرة ، يتقاذفها يمنة ويسرة
وقد وصفت حالك بأبلغ وصف لا أستطيعه أنا المجنون ، انظر الى نفسك ، انظر الى ارتعاش يديك ، ودقات قلبك ،
أمَا شعرت كأن جبلا على صدرك ؟ فقلت بلى.
فقال : لو استطعت قتله أمَا قتلته ؟ قلت : بلى
قال : وهكذا يجعلك الغضب من حطب جهنم ، وهناك فلتدع ثبورا وتصلى سعيرا
الغضب للنفس ومن أجل النفس موبق لها وموردها الهلكة ، وعند ذاك فلينفعك الغضب
الغضب المحمود غضب لله وحده ، والرسول العظيم لم بغضب لنفسه قط ، لكن اذا انتهكت محارم الله غضب غضبة يرتعد لهولها قلوب الشجعان
وهكذا تكون من جند الرحمن لا من جند الشيطان
واعتبر بمن دفعه غضبه ان يودي بنفسه
اجعل لقلبك بابا لتخرج منه الى وديان الذكر ، وتصهره بنار التفكر ، وتغسله بماء التضرع ، وتخرج حظ نفسك من قلبك
عند ذاك سترى كل من حولك يداعبك ويناجيك ويضاحكك، ومن حاول التنقص منك ضحكت عليه لأنك فوق نفسك..
لا تغضب لاتغضب لا تغضب
فقلت له : انا المجنون لا انت رحمك الله ..
|
| |
|