الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 29 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1041653 توقيع المنتدى :
| موضوع: فــي المعقــــل والــــدار السبت يوليو 07, 2012 11:33 am | |
| |
في المعقل والدار
عرض لي فكر أثار العزيمة، إلى مشاهدة الآثار القديمة، فأعددت الزاد، وسرت أجوب البلاد،و أصل العنق بالوخد و الزميل و أكتحل من إثمد الفلاة بميل بعد ميل. فبينما أنا أترامى لنيل المرام، لاح لي بناء على أيهم خشام فتوجهت مسرعاً للوقوف عليه، واجتهدت إلى أن توصلت إليه، فرأيت معقلاً يسبي العقول، ويجر على السحاب فضل الذيول، رفيع الذرا رحيب الذرا رأسه فوق الثريا، وأسه تحت الثرى، صهوته عالية و ثغوره حالية، ومهور عرائسه غالية، الجوزاء لخصره منطقة و الزهرة في أذنه كالشنف معلقة، يباهي الأفلاك ويسمو إلى السماك، ويعلو على الزواهر، ويخجل الشمس بنوره الباهر، ويعوق العيوق، و ينادم القمر عند الصبوح والغبوق: إذا ما سرى برق بدا من خلاله ... كما لاحت العذراء من خلل الحجب سوره منعطف كالسوار، و أبراجه تدهش بتبريجها الأبصار، وشرفاته تلمع كالمشرفية، وخبايا صياصيه عن الأوهام خفية. ممنعة مصادره و موارده، متسعة معالمه و معاهده، لايرى الوعل أعلى طوره، ولا يبلغ الطرف منتهاه لعجزه و قصوره، عروقه مؤتزرة بالتخوم، و فروعه متوجة بالنجوم، و بنيانه مرصوص، وخواتمه مرصعة بجواهر الفصوص، لايتصل الفناء بفنائه، وتظهر العزة على من يرجو تملك أرجائه. عقوده محكمة،وأحجاره مهندمة، وأركانه مشيدة، وملابسه مع القدم جديدة، وقواعده مرفوعة، وأقوال ديكته في السماء مسموعة. له عقاب عُقاب الجو حائمة ... من فوقها فهي تخفى في خوافيها وبوسطه دار دار بها فلك السعود، وأورق لطالب كنزها عود الوعود، وسحت عيون ساحتها ورفع في العقار فرش عقرها وباحتها، وتوقفت الكواكب لمراقبة عجائبها وغرائبها، وسال لعاب الشمس من الحيرة في ملاعبها. أنيقة المباني، مأهولة بأهلة المعاني، تنشرح الصدور في قاعاتها وبقاعها، وتخبر محاسنها بصنائع أهلها وحذق صناعها: إذا فتحت أبوابها خلت أنها ... تقول بترحيب لداخلها: أهلاً رحبة الأكناف، بديعة الأوصاف، تدل على أنها كانت منزل الأشراف، ومقر قرى الأضياف، ومقعد الوفود، ومحل الكرم والجود. تحار الأعين في وشي أزاهيرها، وتقصر الألسن عن تقريظ مقاصيرها. مياه بركها غزيرة، وجدرانها بالتمكين جديرة، وأشجارها لم تزل مورقة مثمرة، ولياليها لا تبرح بالسنا على مر السنين مقمرة: تتقابل الأنوار في جنباتها ... فالليل فيها كالنهار المشمس
كم بها من صدر مجلس مشروح، وسقف مرفوع وباب مفتوح،وبهو بالبهاء تراه أثرى، وإيوان يكسر بسهام قوسه جيش إيوان كسرى، وحدائق لم تنبت بالتراب، ولا جادتها أيدي السحاب، وتصاوير تحرك العارف بسكونها، وتفتن الألباب بحمرة خدودها وسواد عيونها، وتبعث الخواطر بمعانيها ومغانيها، ويكاد ماء الذهب يقطر من أعاليها، قد جل عن الترخيم رخامها، وتوفرت من المحاسن أقسامها، وابيضت وجوه مرمرها، وزادت بهجة جباهها وطررها، وتخلقت أثواب ساجها واجتمع شمل أبنوسها وعاجها، وعلت رتبة أرائكها، وغلت قيمة سبائكها، فلو ساجلها الروض لذهب مع الرياح عرفه ولو كحل بنورها الأعمى لارتد إليه طرفه: ديار عليها من بشاشة أهلها ... بقايا تسر النفس أنساً ومنظرا فلما أحاط علمي بغوره ونجده، وبلغ رائد فكري منه غاية قصده، أدخلته في زمرة عقائل المعاقل، ونظمته في سلك ما أتكلم عليه في المحافل، وسألته عن بانيه وساكنيه فلم يجب. ثم قال بلسان الحال: كل منهم بغمام الرغام قد حجب. فحققت أن الدهر يديل كل مصون، وتلوث: " كم تركوا من جنات وعيون " وخرجت منه معتبراً، وظلت في طريقي متذكراً: قلت يوماً لدار قوم تناءوا ... أين سكانك الكرام لدينا؟ فأجابت هنا أقاموا قليلاً ... ثم ساروا، ولست أعلم أينا؟ |
| |
|