يشب بعض الأطفال منطوين على أنفسهم، خجولين يعتمدون اعتمادًا كاملاً على والديهم، ويلتصقون بهم، لا يعرفون كيف يواجهون الحياة منفردين، ويظهر ذلك بوضوح عند بداية احتكاكهم بالعالم الخارجي.إن لدى الطفل الخجول ـ كما يقول الأطباء النفسيون ـ حالة عاطفية وانفعالية معقدة تنطوي على الشعور بالنقص، وهو طفل متردد في قراراته، وسلوكه يتسم بالانعزال والجمود والخمول، وينمو محدود الخبرة لا يستطيع التكيف مع الآخرين.
وتعد الوراثة أحد الأسباب الرئيسة لولادة طفل خجول، إضافة إلى جملة من الأسباب (الرئيسة أيضًا)، هي: الحرمان من الاحتياجات الأساسية مثل المأكل والمشرب، ومكان النوم الملائم (
المسكن) وسوء التغذية، وسوء العلاج الصحي أو الطبي.
الحرمان العاطفي كغياب الحنان والدفء والتعامل الرحيم مع الطفل ووضعه في
أولويتنا، فمن الضروري مخاطبة الطفل وإشعاره بالارتباط النفسي والمعنوي،
خاصة في حالة إعطائه وجبة غذائية أو تبديل ملابسه. فالطفل لديه القدرة على
تخزين هذه المضامين فيعكسها في مرحلة يكون فيها قادرًا على الحديث والتكلم.
الحرمان التربوي. ونقصد هنا ضرورة تحضير الجو المناسب والمستلزمات المناسبة للطفل لتنميته فكريًا وعقليًا مثل الألعاب، وضرورة وجود الوالدين فترة معينة خلال اليوم مع الطفل لإكسابه معايير تربوية جديدة.
مخاوف الأم الزائدة في حماية أطفالها، فهذه المخاوف تساعد في نمو صفة
الخجل في نفسية أبنائها، حيث ينشأ الأبناء ولديهم خوف من كلما يحيط بهم
سواء في الشارع أو مع الأقران، ويتولد لديهم شعور أن المكان الآمن الوحيد
لهم هو وجودهم بجوار الأم.
عيوب الطفل الجسمية أو المادية، مثل قصر القامة، أو هزال الجسد، أو ضعف
السمع، أو السمنة المفرطة، أو قلة المصروف، كلها أمور تؤدي إلى إصابة
الصغار بالخجل في مواجهة الآخرين.
التدليل المفروط من جانب الوالدين للطفل. كعدم سماح الأم لطفلها بأن يقوم
بالأعمال التي أصبح قادرًا عليها، اعتقادًا منها أن هذه المعاملة من قبيل
الشفقة والرحمة للطفل، وعدم محاسبتها له حينما يفسد أثاث المنزل، هذه
المعاملة المتميزة والدلال المفرط للطفل من جانب والديه بالطبع لن يجدها
خارج المنزل. فغالبًا ما يؤدي ذلك إلى شعور الطفل بالخجل الشديد، وخاصة
إذا قوبلت رغبته بالصد، وإذا عوقب على تصرفاته بالتأنيب والعقاب والتوبيخ.
إن أكثر فئة من الأطفال الانطوائيين هم أولئك الذين يعانون حالات التنكيل الجسدي والنفسي والجنسي وحالات الإهمال.
ويمكننا أن نقي أطفالنا من مشاعر الخجل والانطواء على الذات من خلال اتباع التعاليم الآتية: توفير جو هادئ في المنزل بعيدًا عن التوتر وعدم
تعريضهم للمواقف التي تؤثر في نفوسهم وتشعرهم بالقلق والخوف وعدم
الاطمئنان، ويتحقق ذلك بتجنب القسوة في معاملاتهم، وبتجنب المشاحنات
والمشاجرات التي تتم بين الوالدين.
يتحتم على الآباء أن يوفروا لأولادهم الصغار قدرًا معقولاً من الحب والعطف
والحنان، وعدم نقدهم وتعريضهم للإهانة أو التحقير، وخصوصًا أمام أصدقائهم
أو أقرانه، لأن النقد الشديد والإهانة أو التحقير يشعر الطفل بأنه غير
مرغوب فيه، ويزيد من خجله وانطوائه.
ابتعاد الآباء عن إظهار قلقهم الزائد على أبنائهم، وإتاحة الفرصة أمامهم
للاعتماد على أنفسهم، ومواجهة بعض المواقف التي قد تؤذيه بهدوء وثقة، فكل
إنسان (
كما يؤكد علماء النفس) لديه غريزة
طبيعية يولد بها تدفعه للمحافظة على نفسه وتجنب المخاطر. وبالتالي فهو
يستطيع أن يحافظ على نفسه أمام الخطر الذي قد يواجهه بغريزته الطبيعية.
تعويد الطفل الحياة الاجتماعية
سواء باستضافة الأقارب في المنزل أو اصطحابه في زيارتهم، أو إشراكه في
ألعاب جماعية أو الطلب منهم برفق أن يتحدثوا أمام غيرهم، سواء كان المتحدث
إليهم كبيرًا أو صغيرًا. هذا التعويد يضعف في نفوسهم ظاهرة الخجل ويكسبهم
الثقة بأنفسهم.
ويقع على الأم بعض المهام الخاصة مع طفلها الانطوائي، هي: امتداح كل إيجابياته الاجتماعية كمساعدته لأحد إخوته، أو اللعب معهم، أو حين يبدأ في الحديث مع الآخرين.
تدريبه كيف يثق بنفسه من خلال التحدث عنه أمام الآخرين بفخر وإعزاز، وتركه يتصرف في شؤونه بطريقته دون الإملاء عليه ما يجب أن يفعل.
عدم التدخل للمدافعة عنه في المواقف الخلافية بينه وبين إخوته، بل تركه يتصرف من تلقاء نفسه.
تشجيعه على ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة، فهذا يمنحه لياقة بدنية، فيزداد ثقة بنفسه.
تشجيعه (
في بعض الأحيان) على اللعب مع أقاربه أو جيرانه أو زملائه بالمدرسة الأصغر سنًا (
أصغر بسنة أو سنتين فقط بحد أقصى)، حتى يتعلم القيادية لا التبعية.
التمثيل معه في لعبة الضيوف (
كل له دوره)، ومن خلال هذه اللعبة يمكن تعليم الطفل كيف يحسن التصرف سواء كان ضيفًا أو مضيفًا.
ترك الحرية له في اختيار أصدقائه وطريقة لبسه حتى في حالة عدم الموافقة على هذه الطريقة.