إِنَ الحَمدَ لله نَحْمَدَه وُنَسْتعِينَ بهْ ونَسْتغفرَه ، ونَعوُذُ بالله مِنْ شِروُر أنْفْسِنا ومِن سَيئاتِ أعْمَالِنا
مَنْ يُهدِه الله فلا مُضِل لَه ، ومَنْ يُضلِل فَلا هَادى له ، وأشهَدُ أنَ لا إله إلا الله وَحْده لا شريك له
وأشهد أن مُحَمَداً عَبدُه وَرَسُوُله .. اللهم صَلِّ وسَلِم وبَارِك عَلى عَبدِك ورَسُولك مُحَمَد وعَلى آله وصَحْبِه أجْمَعينْ
ومَنْ تَبِعَهُمْ بإحْسَان إلى يَوُمِ الدِينْ وسَلِم تسْليمَاً كَثيراً .. أمْا بَعد ...
حياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام ، وطبتم وطاب ممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة
كيف يصوم اللسان؟
أحمد عبدالرحمن
اللِّسان من أهمِّ الجَوارح وأخطَرِها، وهو الجارحةُ التي تَنطِقُ بكلمة الإيمان أو الكُفر وتُعمِّر أو تُدمِّر
وتُصلِح أو تُفسِد.
فاللِّسان يُورِدك الجنَّة أو يَقذِفُ بك في النار؛ فلذلك للِّسان صيامٌ خاص في رمضان وغيره
ولكنَّه في رمضان يتأدَّب ويتهذَّب، ويجبُ على المسلم أنْ يُربِّي نفسَه على الكلام الطيِّب
ويجتنب سيِّئ الكلام.
وصدَق رسولُنا الكريمُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عندما قال لمعاذ:
((كُفَّ عليك هذا))
وأشار إلى لسانه
فقال معاذ: أوَإنَّا لَمُؤاخَذون بما نتكلَّم به يا رسول الله؟
فقال - عليه الصلاة والسلام -:
((ثكلتك أمُّك يا مُعاذ، وهل يكبُّ النَّاس في النارِ على وُجوههم إلا حَصائد ألسنتهم))
(رواه أحمد 5/ 231، وصحَّحه الألباني في "الصحيحة" 3/ 115 رقم 1122).
يقول الشاعر:
لِسَانُكَ لاَ تَذْكُرْ بِهِ عَوْرَةَ امْرِئٍ فَكُلُّكَ عَوْرَاتٌ وَلِلنَّاسِ أَلْسُنُ |
وكان ابن عباس - رضي الله عنهما - يقول للِسانه: يا لسان، قُلْ خيرًا تغنم، أو اسكُت عن شرٍّ تسلَمْ
رَحِمَ الله مسلمًا حبَس لسانه عن الخنا، وقيَّدَه عن الغِيبة، ومنَعَه من اللَّغْوِ، وحبَسَه عن الحَرام.
فحاوِلْ أيُّها الصائم في هذا الشهر المبارك أنْ تُربِّي نفسك على طيِّب الكلام؛ فتُحاسِب ألفاظك
وتُؤدِّب منطقك، وتزن كلامك؛ لأنَّك مُحاسَب على كلِّ كلمة تصدُر منك
سواء أكان ذلك في رمضان أم في غيره
يقول - تعالى -:
﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾
[ق: 18]
ويقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((مَن يضمن لي ما بين لحيَيْه وما بين فَخِذَيْهِ أضمَن له الجنَّة))
(رواه البخاري).
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -:
"والله ما في الأرض أحقُّ بطول حبسٍ من لسانٍ".
يريدُ الصالحون الكلامَ فيذكرون تبعته وعُقوباته ونتائجه فيصمتون.
فهل صامَ مَن أكَل لحوم البشر ونهَش أعراضَهم وأفسَد فيما بينهم؟
هل صام مَن كانت مجالسه عامرةً بأذيَّة المسلمين وهتْك محارمهم ونشْر الرَّذيلة بينهم؟
هل صامَ مَن أطلَق لسانه بالقيل والقال وقذَف الأبرياء وشوَّه سمعة الأتقياء؟
وكيف يصومُ مَن كذب واغتاب، وأكثَرَ الشَّتْمَ والسباب، ونسي يوم الحساب؟
يقول الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم -:
((المسلم مَن سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده))
(رواه مسلم)
هذا هو الإسلام؛ عمل وتطبيق، ومنهج انقِياد، وسُلوك وامتِثال.
قال - تعالى -:
﴿ وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ ﴾
[الإسراء: 53]
فاحرِصْ أخي الصائم على اجتِناب آفات وعُيوب اللسان وهي: الكَذِبُ، والغيبة والنميمة
والبذاءة والسب، والفحش والزور واللعن، والسُّخرية والاستهزاء... وغيرها.
واجعَلْ لسانَك طريقًا إلى الخير بذِكر الله - تعالى - وتسبيحه وتحميده واستغفاره وشُكره.