-ظواهر فلكية -

-ظواهر فلكية -

{أَوَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي
مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ
عَسَى أَن يَّكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ
يُؤْمِنُون} [سورة الأعراف: الآية: 185]

الشمس مثل فرن ذري كبير تصدر منها
-بقدرة الله تعالى- إشعاعات بقوة أربعمائة تريليون تريليون وات. إنها
تُحول في كل ثانية أربعة ملايين طن من المواد الخام إلى قوة من الطاقة
-بإذن الله؛ لتبث الحرارة والإنارة وأشياء أخرى كثيرة من أشعة إكس إلى
أشعة الراديو. ولكن مع تحول الهيدروجين إلى هليوم ومع انتشار الغاز في
الفضاء تتقلص عمليات البث المحسوسة من الشمس.

الرياح الشمسية.. التيارات
المستمرة من الجزيئات المكهربة، تحتاج أربعة أيام كي تصل إلى الأرض،
ولكنها لا تلامس الكوكب. نحن -بفضل الله- محميون بحقلنا المغناطيسي أو
الدائرة المغناطيسية وهي فقاعة عملاقة تردع الرياح الشمسية كمقدمة السفينة.

عادةً ما تصل سرعة الريح إلى
أربعمائة كيلو متر في الثانية، ولكن انفجارات شمسية كهذه يمكن أن تتحول
إلى قوة عاصفة بسرعة ثمانمائة كيلو متر في الثانية، وهي تؤدي على الأرض
إلى عواصف جيومغناطيسية تصيب خطوط الكهرباء وتطفئ الأنوار في المدن، يمكن
أن تجعل الأقمار الصناعية تدور حول نفسها، حين فقدت الهند اتصالات أقمارها
الصناعية هبطت أسعار الأسهم في البورصة.

الانفجارات الهائلة في الشمس ليست
متوالية، لكن هنا في القناع الشمسي يمكن تقدير قوتها، عندما نتعرض لعواقب
هذه العواصف تعتصر الدائرة المغناطيسية فنصاب بعاصفة جيومغناطيسية.

بين هذه التيارات العنيفة تصدر عن
الشمس تيارات أكثر استقرارًا من الجزيئات المكهربة، وهي تقترب من الأرض
فقط عند القطبين، حيث توجهها خطوط القوة المغناطيسية نحو الكوكب -بقدرة
الله؛ لينجم عن ذلك ما يُعرف بالشفق القطبي، هذا ما يبدو عليه الشفق
القطبي من الأقمار الصناعية هي حلقات من الجزيئات المكهربة التي تتفاعل مع
مجالنا الجوي الأعلى.

يحيط الشفق القطبي بمناطق القطب
الشمالي ويسمونه في القطب الجنوبي الشفق الاسترالي، أما من الأرض فيبدو
أشبه بالحلم، نشاهد الآن تأثير الجزيئات المكهربة التي تنزل لولبيًا على
خطوط القوة المغناطيسية، فهي تصطدم بذرات وجزيئات من الأكسجين
والنيتروجين. عندما تتغير كثافتها تتغير الألوان أيضًا. إنه الشفق.

كلما أصبح القمر على مستوى موازي للأرض نشاهد عرضًا فضائيًا من نوع آخر، فسبحان الله..!!

منذ العصور القديمة وهذه
الاستعراضات تدهشنا؛ لأن العنصر الرئيس فيها هي الشمس. إنها محاصرة أشعة
الشمس لحظة الموازاة التي تؤدي إلى الخسوف -بأمر الله، الجسم الدخيل وهو
الأرض في هذه الحالة تولد الظل.

كي نفهم آلية عمل الخسوف سوف نبدأ بخسوف القمر.

يميل القمر بدورانه حول الأرض بنسبة
خمس درجات نحو الأفق، كل سبعة وعشرين يومًا في المدار يمر القمر مرتين
بنقطة التعارض، وهي ما نسميه العقدة، هنا.. وهنا.. عندما تشع الشمس من
نقطة أدنى. يحدث الخسوف فقط عندما تتوالى الأرض والقمر عبر نقطة الاعتراض.

الخسوف القمري، والكسوف الشمسي.

حين تشرق الشمس من اليسار يتجه
القمر نحو الظل القمعي للأرض، هنا في البياض، فتكون النتيجة خسوفًا قمريًا
كاملاً ليصبح لون القمر أحمر، السبب هو المجال الجوي للأرض؛ ذلك لأنه
ينحني ويصفي أشعة الشمس فيعكس النور الأحمر.

والآن كسوف الشمس، ولكن بما أن مدار
القمر بيضي نسبيًا لا يعد الخسوف كاملاً، القمر في أبعد مسافة له عن الأرض
والظل القمعي لا يصل إلينا تمامًا، لهذا نرى كسوفًا هلاليًا من الأرض،
فالقمر بعيد جدًا ولا يتمكن من تغطية الشمس بالكامل، لهذا بالنسبة إلى
المريخ حيث قمر "فوبوس" صغير جدًا لا يمكن أن يكتمل الكسوف، أما هذا
فيمكنه، فالقمر قريب بما يكفي للظل القمعي بأن يغطي الأرض.

هنا ظل كسوف آب-أغسطس عام 1999
للميلاد يرتفع فوق أوروبا ليعبر البحر الأسود، يمر الظل بأدنى سرعته عبر
الأرض بسرعة طائرة كونكورد، أي ألفي كيلو متر في الساعة، ولكنه يمكن أن
يضاعف السرعة ثلاث مرات.

عام 1998 للميلاد، شوهد عبر جنوبي
البحر الكاريبي عندما أصبحت الأرض والقمر والشمس على صف واحد. إلى جزيرة
"كوراساو" جاء المتحمسون من مختلف أنحاء العالم لمشاهدة كسوف كامل للشمس.
عُززت آلات التصوير والمناظير وغيرها بأجهزة تصفية خاصة، هي الطرق الوحيدة
حاليًا لمراقبة الشمس بأمان.

الاتصال الأول.. ولكن ما إن بدأ
القمر يعبر اسطوانة الشمس حتى هددت الغيوم بإفساد المشهد، بعد أن صفت
السماء استمر هذا العرض الجزئي ساعة ونيفًا، وُجهت المناظير للحصول على
صورة توأم للهلال الشمسي.

الاقتراب الكامل. تم تغطية قرص
الشمس بالكامل من قبل القمر -بقدرة الله عز وجل، وبسرعة رُفعت المرشحات،
يمكن أن نشاهد الإكليل مدة ثلاث دقائق ونصف، وهو المجال الجوي الخارجي
للشمس.

غطى القمر اسطوانة الشمس بالكامل.
إنه أصغر من الشمس بأربعمائة مرة، ولكنه أقرب إلينا بأربعمائة مرة، هنا
وعلى الرغم من الكسوف فإننا نرى كوكبي عطارد والمشتري.

قال عليه الصلاة والسلام: ( إن الشمس والقمر آيتين من آيات الله، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ).

{إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِب} [سورة الصافات: الآية: 10]

يسبح بين "المريخ" و"المشتري" حزام
من الكواكب السيارة كل في مداره -بقدرة الله تعالى، هي صخور ربما يعود
تاريخها إلى ولادة المنظومة الشمسية. إنها تعيش حياة هادئة رغم وقوع
الحوادث بينها، إن أي اصطدام أو ارتجاج ناجم عن جاذبية "المشتري" قد يخرج
الكوكب السيار من مداره، بعد أن تسحبه جاذبية الشمس وبدفع من "المريخ"
يتحول هذا الجبل الفضائي إلى ما يشبه القذيفة.

يظن العلماء أنه قبل خمسة وستين
مليون عام ربما اصطدمت كتلة تعادل عشرة كيلو مترات من الصخور والمعادن
بالأرض، فكانت سبب انقراض الديناصورات، تعرضت الأرض لشتاء فضائي وإبادات
شاملة.

ويظنون أيضًا أن اصطدامًا أكبر من
هذا ربما حصل قبل أربعة بلايين عامًا ونيف أدى إلى ولادة القمر، أصيبت
الأرض بكوكب بحجم المريخ، الصخور التي تبعثرت في السماء إما أنها تماسكت
معًا لتشكل القمر -بإذن الله-، أو أنها عادت إلى الأرض ثانية؛ ذلك أن سرعة
دوران القمر أبطأ من سرعة دوران الأرض، بالمقابل أصبح القمر ساكنًا لا
محيطات، وربما لا شيء يختفي خلف صخوره، يمكن من خلال المنظار الفلكي رؤية
هذه الصخور بوضوح تام.

هناك ثلاثون ألف حفرة تقريبًا تغطي
سطح القمر، كل منخفض ربما يشهد على اصطدام ما، بما أنها لم تتآكل بسبب
احتكاك الماء أو الريح ما زالت تسجل وقع الضربات الفضائية، يفترض
الفضائيون أنه لو تلقت الأرض هذه النسبة من الضربات في الكيلو متر المربع
لفقدت مجالها الجوي، والبحار، والنباتات، والحركة الجيولوجية.

مازالت الصخور تصطدم بالكواكب حتى
اليوم إليك "المشتري" عام 1994 للميلاد، ما أدى إلى هذه السلسلة من
اللؤلؤ، اكتشفت قبل عامين من ذلك وهي بقايا من المذنب نفسه، "شوميكر ليفي
9" حين مر على مسافة قريبة شطرته جاذبية المشتري -بقدرة الله- إلى أكثر من
عشرين قطعة، وكأنه غبار تمتصه مكنسة كهربائية؛ لتتوجه صخوره إلى الكوكب
بسرعة ستين كيلو مترًا في الثانية.

ربما بسبب وجود قوة الجاذبية
الهائلة لدى "المشتري"؛ قلت أعداد المذنبات التي تصطدم بالأرض -بفضل الله
عز وجل، تخيل هذه البقع على سطح كوكبنا الصغير..!!

الهالة التي تنجم عن الاصطدام تزيد من شعلة الشفق، والموجة الناجمة عن الصدمة قد تساوي حجم الأرض.

تخيل النتائج لو أن هذه الصخور
اصطدمت بنا، عام 1972 للميلاد كادت هذه الصخرة الفضائية تفعل ذلك، كان
قطرها يبلغ ثمانين مترًا وهي تتحرك بسرعة عشرة كيلو مترات في الثانية ما
يعني أنها تستطيع أن تحطم مدينة كاملة، ولكن من رحمة الله أنها انحرفت عن
المجال الجوي الخارجي ثم عادت إلى الفضاء.

عام 1992 للميلاد كان جمع يتمتع
بلعبة كرة القدم في مدرسة على الشواطئ الشرقية لأمريكا حين أوقفت كرة لهب
اللاعبين، ولكنها انشطرت وتمكنت من الوصول إلى الأرض.

في سيبيريا عام 1908 لم تتمكن هذه
الصخرة التي بلغ قطرها ستة عشر مترًا من الوصول إلى الأرض بل انفجرت في
المجال الجوي وكأنها قنبلة نووية. أكثر من ألف كيلو متر مربع من الغابات
غير المأهولة سويت بالأرض، لو أن ذلك جرى في لندن؛ لقُتل الملايين من
البشر.

يشكل حزام الكواكب السيارة ما يشبه
الطريق الدائري السريع، ما يبقى منها في الوسط يكون آمنًا، أما الذي يخرج
من هناك فهو يهددنا، ما لا يقل عن مائة ألف كوكب سيار عبرت المجال الجوي
للأرض ألفان منها كل واحد كبير بما يكفي لأن يسبب لنا كارثة.

يتم إرسال الآلي المستكشف لتحديدها،
وقد خرج هذا كي يلتقي بكوكب "آيروس" السيار، لن يسبب "آيروس" أي أذى في
مداره الحالي، ولكنه بعد مائة ألف عام قد يكون في طريقه ليستهدف الأرض، قد
يحدث مثل هذا الأمر، يبلغ قطر "آيروس" أربعين كيلو مترًا، أي أربعة أضعاف
النيزك الذي يظن العلماء أنه قضى على الديناصورات، ويخمنون أنه إذا بقينا
هنا ولم نعمل على إيقافه ربما لن يبقى أحد أو أي شكل من أشكال الحياة على
الأرض.

عام 1990 للميلاد قام آلي بدراسة
نيزك خطير آخر، وهو الآن قريب من فلك مدار المريخ إلا أن دفع الجاذبية
يمكن أن يرسله -بقدرة الله نحونا، يتولى الآلي الإبلاغ عنه.

هذه المركبة "روسيتا" بُرمجت للقاء
أقرب من ذلك، حين أُطلقت عام 2003 للميلاد حلقت إلى جانب نيزكين آخرين،
وتسير إلى جانب مذنب "فيرتانين"، ثم تحط لتحليل النواة.

يعج فضاء الأرض بمجموعات من
المذنبات والنيازك العابرة مقابل كل واحد منها ربما هناك عشرون قد يتم
اكتشافها لاحقًا، ربما يشكل بعضها تهديدًا على الكرة الأرضية بالكامل،
يتوقع العلماء أننا يمكن أن نبني مرآة مظلية ننصبها في الفضاء؛ حيث تُركز
أشعة الشمس وتعكسها على نيزك يهدد الكرة الأرضية لتبعده عن المسار -بقدرة
الله.

الأسلوب الآخر هو إرسال مظلات
عملاقة تُثبت على سطح النيزك المعادي؛ لتشكل شراعًا هائلاً يضم الرياح
الشمسية ويحمل الخطر بعيدًا -بإذن الله.

وماذا عن هذا الأسلوب الذي هو أشبه
بمحرك فضائي يسير بالنيزك إلى وجهة آمنة؟ ولكن لنفترض أن الإنذار جاء
متأخرًا، وأن صخرة فضائية ستصطدم بنا خلال أسابيع، هل نلجأ إلى الخيار
النووي؟

تُعد هذه الضربة الخام البسيطة
السلاح الأخير، ستشكل ما يشبه الضربة المباشرة، ولا أحد يعرف إلا الله
-تعالى- ما إذا كانت ستحمي الكوكب إن حدث ذلك فعلاً. أخذ الرغبة السياسية
بعين الاعتبار قد يُمكِّن -بفضل الله- برامج الأبحاث العالمية من إبعاد
معظم النيازك والصخور الفضائية التي تهدد الأرض، من خلال الإنذار المسبق
يمكن أن يتم تحريك الدفاعات اللازمة، ولكنا ما زلنا أمام كابوس الأحداث
على حافة المنظومة الشمسية في الأعماق الجليدية لغيوم "أورت".

ذبذبة الجاذبية لكوكب مجاور تجعل
المذنب يضطرب ويبدأ رحلة مليون عام باتجاه الشمس، لا يخضع تسعون بالمائة
من سمائنا للتفتيش عن الزوار، ما يعني أن المذنبات يمكن أن تفاجئنا، بقطر
عشرة كيلو مترات، وسرعة عشرون كيلو مترًا في الثانية قد يكون بحجم قاتل
الديناصورات وفق حسابات العلماء.

الفناء.. انفجار بقوة مائة مليون
ميجاتون يدمر مدينة نيويورك يصل قطر الحفرة إلى مائتي كيلو متر، أما
الموجة الانفجارية فتنطلق بعيدًا، تسوي كل ما في طريقها بالأرض حتى تسافر
عبر الكوكب، إلى أن يعم فصل شتاء فضائي قد يسدل الستار على مملكة الجنس
البشري حسب ما يجنح به خيال العلماء، ولكن مقادير الخلائق كلها بيد الله
عز وجل، يصرفها كيف يشاء.