الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1045713 توقيع المنتدى :
| موضوع: ♥.•*`¯`* كوارث البحار (4).. !(( وثائقي ))....♥ الأربعاء يوليو 21, 2010 9:31 am | |
| للتحميل | |
|
المعلق:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في الثالث من آب عام 1991 رحلت سفينة "أوكيانوس" عن دولة إفريقيا الجنوبية في رحلة سياحية وعلى متنها خمس مائة وثمانون راكباً وبحاراً، اضطروا إلى مغادرة السفينة بسبب عاصفة، وهي الآن على وشك أن تغرق.. في التسعينيات بلغت متعة الإبحار والصيد والقيام برحلات بحرية تزايداً كثيفاً ومع تزايد أعداد ممارسيها زاد عدد الحوادث المأساوية.
البحر البسيط في صورته والهادئ في موانئه قد يخفي قسوة كبيرة، يرى بعض الناس البحر مضماراً للعمل، ويراه آخرون مكاناً للعب، هذه أوريجون على السواحل الأمريكية الغربية القريبة من ميناء "ديبوتي" الصغير.
في آيلول عام 1988 ركب ستة أشخاص قارباً كهذا وانطلقوا من ديبوتي لصيد أسماك التونة وبسبب خطأ مذهل انتهت الرحلة بمأساة وبعواقب بعيدة المدى على قوارب النزهات الصغيرة.
شاهد عيان:
كان الجو ممتازاً وجميلاً وكنت أنا وصديقي ريتشارد واقفين في مقدمة القارب وكنا نستمتع بمرورنا تحت ذلك الجسر بعد أن قمنا باصطياد أسماك التونة، ومن ثم وبعد الظهر وابتداءً من الساعة الثالثة تقريباً قال: إنه حان وقت العودة.
المعلق:
دون أن يدري أحد بدأت المشاكل تحدث على متن القارب "كوبلر"
شاهد عيان:
بعد مضي ساعة تقريباً على تسلم قيادة القارب شعرت أن القارب ليس على ما يرام وأحسست بثقل في مؤخرته، نزل القبطان إلى المركب فوجد أن المياه تتسرب إليه، وفي تلك اللحظة درت بالمركب وتوجهت مباشرة نحو البحر، من غير أن أفعل شيئاً.. قالوا: إنهم سيتصلون برجال خفر السواحل لإخراج المياه من المركب ليعودوا إلى الشاطئ بسلام.
ما أن بلغ مستوى المياه مجاري هواء المحرك حتى تعطل عن العمل.. دار القارب حول نفسه وبدأت المياه تتدفق من الجانب الخلفي بدأ يغرق.
عندما بدأ القارب بالغرق أمسك الركاب ببزات النجاة وقفزوا إلى المياه أصبحنا جميعاً في الماء.
المعلق:
أصبح تسعة أشخاص بمفردهم في المياه الباردة على بعد خمسة وأربعين ميلاً عن الشاطئ والمساء يقترب.
شاهد عيان:
لم تكن المياه باردة جداً حينما قفزنا إليها وبعد حوالي عشرين دقيقة أخذنا نرتجف وأخذت أيدينا تهتز وأسناننا تصطك من شدة البرد.
المعلق:
عندما حل الظلام ولم تصل إي فرقة إنقاذ اعترف القبطان بأمر مفاجئ.
القبطان:
أخبرونا أخيراً بأن جهاز الإرسال لا يعمل؛ لأنهم شاهدوا سابقاً في ذلك هذا النهار قوارب صيد وحاولوا الاتصال بها ولكنهم لم يفلحوا بذلك وكان الوضع سيئاً.
المعلق:
لم يسمع أحد نداءهم إذاً، أصبح السقيع لا يحتمل ومرت ساعة بعد ساعة مات القبطان أولاً ثم أخذ الركاب يموتون واحداً تلو الآخر.
شاهد عيان:
كان أحدهم يصرخ في ذلك الظلام ولا نراه، وكنا نسمع أنينه الحاد كما لو كان يحاول الكلام ولكننا لم نستطع فهمه وبعد ذلك يسكت وتكون تلك نهايته.
المعلق:
عندما أحس فروستي بدنو الأجل أخذ يودع أسرته في نفسه.
فروستي:
ما أن أدركت أنني لن أنجو حتى بدأت أصفي الأمور داخل ذهني، تحدثت إلى كل من أولادي الثلاث وحفيدتي التي هي عزيزة على قلبي، وبدأت أودعهم.
المعلق:
كانت النجدة في الطريق إليهم، لكنها جاءت متأخرة، عند منتصف الليل لم يعد قارب كوبلر فاتصل أحد الأقارب القلقين بخدمات الطوارئ، لكن لم يكن في وسع الناجين أن يشيروا إلى طائرات الإنقاذ التي يرونها فوقهم.
شاهد عيان:
في وسط الظلام رأيت طائرات البحث فوقنا فقد كانت الليلة صافية، لكن أثناء انتقالي من القارب إلى المياه اختفت المصابيح المضيئة لا أعلم أين ذهبت ربما وقعت من سترتي.
المعلق:
عند بزوغ الفجر بدأت الطوافات بالبحث فوق مساحة بلغت ألفي ميل، عند العاشرة صباحاً عثر على الناجين بعد ثماني عشرة ساعة من مغادرتهم القارب.
نداء:
بتمهل إلى الأمام واليمين .. بتمهل إلى الأمام واليمين.
المعلق:
عند ذلك الوصف كان القبطان ومساعده وثلاثة ركاب قد لقوا حتفهم، كتب الله النجاة لأندي ريفل وفوستي سلون وراكبين آخرين، وفق الحوادث السابقة كان من المتوقع وفاة الجميع، كانت هذه من أطول حالات البقاء في المياه الباردة على الإطلاق، إنها إرادة الله، لكن لماذا غرق قارب كوبلر في بحر هادئ؟
استدعي محققون من المجلس الوطني للسلامة للتحقيق في الأمر، لم تكن هناك أدلة ولا إثباتات فقط أصبح المركب في قعر المحيط.
لكن سريعاً ما علم المحققون أن القبطان أحدث مؤخراً تعديلات على القارب وأضاف إليه خزانات وقود تسعُ مئة وخمسين جالوناً، نتيجة لذلك أصبح القارب منخفضاً على نحو خطر في المياه، لكن ذلك لم يكن كافياً لتبرير الغرق، لا بد من سبب آخر وقد ظهر صدفة، حول عنق أحد الركاب الضحايا وجدت كاميرا وفيها فيلم مصور.
محقق:
لم نتصور أبداً بأننا سنتمكن من تظهير الفيلم فقد كان مغموراً في المياه المالحة لوقت طويل، لكن الصور ظهرت واضحة جداً استطعنا من خلالها الحصول على معلومات كافية عن كوبلر قبل الحادثة، أهم ما ظهر في الصور أنه في الصباح الباكر وفيما كان الجميع مشغولين بصيد الأسماك كانت هناك مياه على سطح المركب، ويظهر جلياً أن أحداً لم يكن مهتماً بالأمر.
المعلق:
كشفت هذه الصور لغز قارب كوبلر، لكل القوارب نقاط تصريف تسمح لمياه البحر بالخروج عن سطح المركب تسمى فتحات تصريف، أي أنها جنيحات تفتح إلى الخارج فقط فتسمع للمياه بالخروج ولا تسمح لمياه البحر بالدخول مجدداً، تُظهر الصور أن قبطان كوبلر قد وضع هذه الجنيحات من داخل المركب وهذا الأمر سمح لمياه البحر بالدخول ومنعها من الخروج إلى البحر.
محقق:
كانت المياه تنساب مع فتحات التصريف ومع ميلان القارب أخذت المياه تنساب نحو تلك الفتحات، لكن الجنيحات كانت تنغلق مانعة المياه على سطح القارب من الخروج فيما كان على الفتحات أن تسمح للمياه بالتدفق، ويقوم ضغط الأمواج بإغلاقها لمنع المزيد من المياه من الدخول، تسربت المياه إلى سطح المركب طوال النهار، وعندما أدركوا الخطر لم يكن في وسعهم عمل شيء، لم يدركوا أن المياه انسابت إلى داخل المركب، وأخذت حجرة المحرك تمتلئ بالماء ببطء، أُلتقطت الصورة التالية في وقت لاحق من عصر ذلك اليوم وأظن أنها ما بين الثالثة والنصف والرابعة.
يمكننا أن نرى راكبين يفرغان في سطح المركب مستخدمين برميلاً للنفايات، ويمكننا أن نرى في هذه الصورة كم ازداد فيضان المياه داخل المركب وقد أخذ الجميع يحاولون إفراغه، هنا فتوحات التصريف مفتوحة بالكامل، وتُظهر هذه الصور كم ارتفع منسوب المياه في المركب، وهو يتراوح من عشرة إلى اثني عشرة إنشاً.
المعلق:
تظهر صورة القارب الأخيرة الركاب المنهكين يقودون معركة خاسرة، القارب يميل بقوة إلى الميمنة، بعد دقائق من ذلك غرق تحت الأمواج، يعتقد المحققون أن سبب الخطأ الذي ارتكبه القبطان بوضع الجنيحات بشكل خاطئ كلفه حياته وحياة ثلاثة أشخاص آخرين.
كان للمأساة نتيجة إيجابية واحدة، أصبح الآن على كل قارب في أمريكا أن يخضع لمعاينة دورية ودقيقة من رجال خفر السواحل، على الرغم من المخاطر الكبيرة ما زالت الرياح والأمواج تجتذب الكثير من الناس كل يوم.
إن أكثر ما يمتع المترفين حول العالم هو ممارسة السباقات في المحيط.
متحدث:
إنها رياضة المضطربين، فالسباق في المحيط يحكمه السقيع والرطوبة لا وجود للمتعة أبداً ولا للراحة، لا يأكل المتسابق سوى القليل، إنها رياضة يختبر فيها المرء نفسه، البحر مكان خطر جداً وكلما ركبته سواء في سفينة أو قارب كنت مجازفاً حقاً.
المعلق:
غير سباق واحد تصور الجميع لهذه المخاطر، في الحادي عشر من آب عام 1979 تجمع ثلاثمائة يخت للمشاركة في أبرز حدث لليخوت في العالم، سباق لمسافة ستمائة ميل عبر القناة الإنجليزية إلى جنوب أيرلندا والعودة على المسار نفسه.
كانت "تيد تيرنر" الفائزة في سباق فاسنت عام 1979، لكن أحد لا يتذكر ذلك السباق، بل يتذكر أبرز مأساة في سباقات اليخوت، كان السباق الذي غير هذه الرياضة للأبد، عند انطلاق السباق لم يعلم المنظمون أن عاصفة لا تأتي إلا كل خمسين سنة كانت متوجهة نحو المحيط الأطلسي، بعد يومين من انطلاق السباق حلت العاصفة.
على متن اليخت " جاري ماركن " البالغ طوله خمسة وثلاثون قدماً كان " مات يوشن " البالغ سبعة عشرة سنة يشترك في سباقه الأول لم يسبق لأي من المتسابقين أن شهد عاصفة مثل هذه.
مات يوشن:
كانت الأمواج عالية جداً وتندفع بسرعة كبيرة وتهبط بدفعة واحدة على القارب، كانت تتقدم مثل جدران كبيرة من المياه أمكننا سماع صوتها وهي تقترب، ربما كان من أفظع الأمور أن تسمع صوتاً قوياً من دون أن تحدد مصدره، إلى أن يصيبك.
المعلق:
سريعاً ما واجه "جاري ماركن" المشاكل.
مات يوشن:
كان الوقوع الأول مفاجئاً بالنسبة لنا، فليس من المعتاد أن توقع الأمواج قارباً كهذا، كان المركب ينقلب بأكمله ويدور حول سقفه تماماً؛ ما ترك الطاقم في المياه، وعند صعوده مجدداً تجده مندفعاً على موجة كبيرة بسرعة عشر عقد، وتجده يجرك وراءه بحبل الأمان على بعد ثلاثة أو أربعة أقدام، وتحاول في الظلام أن تعود إلى متنه، لم يكن ذلك أمراً أُريدُ له أن يتكررأبداً.
المعلق:
كان ماثيو في المركب برفقة والده يرسلان نداء استغاثة عندما صدمتهما موجة كبيرة أخرى.
ماثيو:
انقلب المركب بأكمله رأساً على عقب وذلك عندما صدمته موجة، سقطت علبة طعام على رأس والدي وسببت له إصابة بالغة، مع صعود القارب من جديد أصبح والدي عائمًا في المياه ووجهه نحو الأسفل لم يعد في وسعنا أن نصل إليه.
المعلق:
على مسافة قريبة كان قارب آخر يواجه مشكلة كبيرة وهو "أريادني" فبعد أن فقد الساري شاهد "مات يوهان" البالغ سبعة عشرة سنة أحد رفاقه يقع خارج المركب.
مات يوهان:
صدمتنا موجة أخرى وانقلبنا بسرعة كبيرة، لم يكن في مقدورنا أن نتحكم بدوران المركب لقد درنا بسرعة كبيرة.
المعلق:
بعدئذٍ فعلوا ما اعتبروه صواباً وأقاموا بالخطوة التي يعرفها كل بحار وهي ركوب أطواف النجاة.
مات يوهان:
بعد صعوبة كبيرة تمكنا من جمع بعض الأغراض التي كنا بحاجة إليها، وقطعنا الحبل، وابتعدنا مع الأمواج عن قارب "أريادني" وضوئه الخافت.
المعلق:
اتجه طاقم جاري ماركن إلى أطواف النجاة.
مات يوهان:
ذلك أشبه بالجلوس في حوض للأطفال داخل بحر كبير، فهو مجرد حوض منفوخ بالهواء، كنا ندور على وجه الأمواج الكبيرة كمن يقوم برحلة في مدينة الألعاب، عصفت بنا الرياح ولم تنفتح الأثقال المائية وهي شبيهة بالمظلات الصغيرة المصممة لإبقاء طوف النجاة على سطح المياه، وذلك للتقليل من احتمال انقلابه، أصبحنا في خوف دائم من فكرة انقلاب الطوف
المعلق:
أنقذت الطوافة "ماك يوشن" ورفاقه، أما طاقم "أرياني" فقد توفاهم الله.
ماك يوشن:
انقلب طوف النجاة رأساً على عقب، فوقعنا جميعاً في المياه، كنا مقيدين بالطوف وفجأة فقدنا ما كان يمثل لنا الأمان، عدنا إلى المياه مشتبثين بطوف النجاة، لكن رحمة الله كانت قريبة، إذ كانت سفينة تجارية كبيرة تندفع نحونا ومع اقترابها منا شاهدنا سلماً يتدلى على جنبيها وبدا لنا أننا أصبحنا في أمان.
المعلق:
لم يطل ارتياحهم فقد سقط أحدهم من على سلم النجاة وابتلعته الأمواج، بعده أتى دور ماثيو.
ماثيو:
كانت تلك فرصتي الأخيرة، ولم أكن قادراً على تحمل المزيد، فعند اقتراب سفينة الشحن مرة ثالثة حررت نفسي من طوف النجاة وقلت للآخرين: افعلوا مثلما فعلت.
المعلق:
جلس على طوف النجاة فيما اقتربت منهم السفينة.
ماتيو:
تدلى الحبل نحونا تسلقت، وشعرت بأيدي البحارة الدافئة ترحب بي على سطح السفينة، لم ينجُ رفيقاي، لم تكن لديهم القوة الكافية، بلغ كلاهما السلم، لكنهما لم يستطيعا التسلق وجرفتهما الأمواج.
المعلق:
عندما انحصرت العاصفة كان قد قضى خمسة عشر بحاراً، من بينهم أربعة من "أريادني" واثنان من جاري مارتن، القاربان المتضرران جداً تحملا العاصفة وأعيدا إلى الميناء، بُعيد تلك الحادثة أعيد النظر في كل أوجه تصاميم اليخوت وخصصت عناية دقيقة بأطواف النجاة.. لماذا فشل جهاز مصمم لمثل هذه المحن هذا الفشل الذريع؟
محقق:
أطواف النجاة صُممتْ لمثل هذه المحن، ولم يسبق على حد علمي أن قُتل أحد في طوف نجاة، قتل أشخاص في القوارب وغرقوا فيها ولكن لم يغرق أحد في طوف نجاة، فقد غادروا قواربهم ظناً أنها تغرق، وفي معظم الحالات انقلبت القوارب بعد امتلائها في الماء وتحطم الكوات.
تعرض أشخاص لإصابات في الرأس كما قيل لهم فإن طوف النجاة موجود للظروف الصعبة، ولذلك ركبوا طوف النجاة، وجد الراكبون في أطواف النجاة أنها تنقلب بسهولة فائقة، وبعد ذلك وجدوا أنفسهم في المياه وعليهم أن يعيدوا الطوف إلى وضعه الصحيح، وذلك صعب جداً مع أمواج ورياح عالية، وهذا أمر لم يختبره أحد سابقاً.
المعلق:
لماذا انقلبت أطواف النجاة بهذه السهولة؟ لم يكن معروف الكثير عن طريقة عمل الأطواف في الظروف الصعبة، أجريت سلسلة من التجارب في النادي الملكي لسباقات المحيط.
أذهلت النتائج كل الخبراء انقلبت أطواف النجاة مراراً بعد أن صممت وجربت في مياه هادئة، لكن اتضح أنها غير مستقرة في الظروف الصعبة.
محقق:
كان من السهل على أطواف النجاة أن تنقلب، وقد اتضح أن أمرين يحولان بفاعلية دون حدوث ذلك: أحدهما هو تركيب جيوب ثقال أكبر حجماً تحت الطوف، كل من رأى طوف نجاة يعرف القسم العائم منه خارج المياه، لكن ما لا يعرفه هو الأكياس الكبيرة المتدلية أو جيوب الثقل التي تمتلئ بمياه البحر، عندما يوشك طوف النجاة أن ينقلب تبقيه هذه الأثقال الكبيرة في مكانه.
المعلق:
كما كشفت البحوث عن أهمية وجود مظلة عائمة أو مرساة.
محقق:
تميل الأمواج إلى رفع الطوف وقلبه، هذا إن كان الطوف مقيداً بحبل باتجاه الريح عندئذ يستطيع الحبل أن يثبته حتى تمر الموجة من تحته بسلام، ومجدداً أثبتت التجارب أن مرساة كبيرة أو مظلة مفتوحة جيداً تمنع الانقلاب، وقد أصبحت هذه التحصينات عالمية على أطواف النجاة.
المعلق:
أعادت مأساة سباق "فاسنيت" النظر في سبل الأمان على اليخوت البحرية.
بحار:
سباق فاسنيت هو مظلة كبيرة لفهمنا تقنيات معينة ولتشجيع الناس على تطوير أدوات جديدة ومن هذه التقنيات أن لا نثق بتاتاً بطوف النجاة، يفعل الناس ما وسعهم للأخذ بالأسباب، ركوب طوف النجاة عمل غير مجدٍ ما لم تكن وافقاً على الساري والمياه تغمرك لأنك إن ظننت أن البقاء في القارب مخيف فركوب الطوف مفزع.
المعلق:
بعد عدة سنوات واجه راكب يخت المعضلة نفسها في المحيط الجنوبي وهو من أبعد وأخطر المحيطات في العالم، أُدخلت تطورات كبيرة على معدات الأمان المستخدمة في سباقات المحيط، عندما انطلق المتسابقون في سباق "فاندي" المنفرد حول العالم عام 1997 كان بين أيديهم كل ما تقدمه التقنية من ملابس نجاة ومعدات طوارئ بواسطة الأقمار الصناعية، لكن الله وحده هو الذي ينجي.
كان أحد المتبارين الإنجليزي "توني بوليمار" على يخته "اكسايد تشالينجر" لم يكن من المتبارين المحبوبين، لكنه أصبح أشهرهم، بعد بداية السباق بستة وأربعين يوماً وخلال اجتياز القوارب بحاراً عاتية فقد المنظمون الاتصال اللاسلكي ببوليمار، التقط قمر صناعي إشارة من جهاز الطوارئ لديه.
يعمل الجهاز أوتوماتيكياً في حال انقلب القارب مما يعني أن حادثة وقعت لتوني بوليمار، كان الأسوأ أن الإشارة جاءت من أقاصي الجنوب في وسط المحيط الجنوبي على بعد ألف ميل من اليابسة.
انطلقت طائرة من سلاح الجو الأسترالي لتحديد مصدر الإشارة، تلاشت الآمال عندما بلغ الطيارون اليخت ووجدوه مقلوباً وقعره ممزقاً بسبب الأمواج، لم يُعثر على أثر لبوليمار توقعوا عندها الأسوأ، كان الأمل الوحيد يكمن في إنزال جهاز سونار وهو مايكروفون عائم يلتقط أي أثر لوجود حياة.
لكن فريق الإنقاذ لم يسمع سوى صوت طلاطم الأمواج، كحل أخير أرسلوا التسجيل الصوتي إلى القاعدة، إلى الرجل الوحيد الذي قد يلتقط أصواتاً لا تلتقطها أذن عادية، كان ملازم الطيران "جون بوستون" قد قضى حياته ينصت إلى أصوات الغواصات السوفيتية والأمريكية خلال اجتيازها البحار المحيطة بأستراليا.
دربت الباردة بوستون، يمكنه أن يحدد طراز وسرعة أي غواصة بواسطة صوت مروحيتها البعيدة، تواجه مهارته الآن تحدياً جديداً، أنصت إلى الأشرطة المسجلة بواسطة السونار، كان عليه العمل بسرعة، إن كان بوليمار حياً في جيب هوائي فسريعاً ما سينفد الهواء.
جون بوستون :
إننا ننصت إلى الشريط المسجل بسرعته الاعتيادية كما سمعه فريق الإنقاذ.
المعلق:
تمكن بوستون من تحديد صوت نقر خافت، لكن هل كان ذلك صوت ضجيج داخل هيكل المركب، التقط بوستون فروقات صغيرة في الفترات المتزامنة بين النقرات.
جون بوستون:
لدينا صوت متردد وليس متشابهاً في كل مرة من حيث التكرار، لكن الصوت هو نفسه، بانصاتنا إلى الشريط بربع سرعته يمكننا سماع تزايد في الطرق وهذا التزايد يتجمع في نهاية الصوت لينقطع فجأة.
المعلق:
ظن بوستون أنه صوت مضخة، لكن هل كانت مضخة كهربائية تدور وتنطفئ أوتوماتيكياً؟
جون بوستون:
لقد تحققنا من الصوت المجاور، لا تظهر آثار أصوات محرك كهربائي في الضجيج ومن المنطقي أن تكون هذه المضخة مضخة يدوية، وعلى الأرجح أنها مضخة صغيرة نظراً إلى التكرار، فنقرها كان متواصلاً مما يشير إلى أن هناك ناجياً على متن المركب يؤمن لنفسه المياه العذبة.
المعلق:
اقتنع بوستون أن بوليمار كان يستخدم مضخة يدوية لتحليلة المياه المالحة، واعتقد أن بوليمار ما زال حياً، بدأ السباق عندئذ لمحاولة إنقاذه.
بوليمار:
خرجت إلى المياه سباحة وعندما رأيت عدداً من الرجال ينظرون من فوق القارب شعرت بسعادة عارمة.
المعلق:
إرادة الله شاءت أن ينجو بوليمار في المحيط الجنوبي بعد خمسة أيام من فقدانه، كان بوليمار متمرساً وحسن التجهيز وأحسن فعل كل شيء لمضاعفة أمله في الحياة.
القبطان:
حافظوا جميعاً على الهدوء وأنصتوا إلى الضباط وطاقم السفينة.
المعلق:
عندما يسافر الركاب في سفن سياحية لا يتدربون على سبل النجاة بأنفسهم، في الثلاثين من تشرين الثاني عام 1994 اشتعلت النيران في سفينة "أكلي لاورو" وعلى متنها تسعمائة وتسعة وسبعون راكباً وبحاراً وسط المحيط الهندي.
القبطان:
الرجاء الانتباه لتعليمات النجاة سيبدأ أفراد طاقمنا وضباطنا بإرشادكم بهدوء إلى قوارب النجاة.
المعلق:
عندما نحجز غرفة في فندق لا نتوقع انهيار المبنى، عندما نحجز مقعداً على متن طائرة نثق أن أحداً ما في مكان ما قد تأكد من أنها صالحة للطيران، لكن عندما نسافر في مركب لا ندري شيئاً، عندما تحولت شعلة خفيفة إلى نيران قوية على متن "أكلي لاورو" غرقت السفينة فمات أربعة أشخاص.
السفن من وسائل النقل غير خاضعة لمراقبة دقيقة، تملك منظمات السلامة سلطة ضعيفة ترغم السفن على الالتزام بالقوانين، لأن الكثير منها يبحر تحت راية تلائمه، راية دولة تنظر بارتياح أكبر إلى قوانين الأمان الخاصة بها.
سفينة "برادايس" السياحية التي تزن سبعين ألف طن بنيت في صيف عام 1998 في مصنع للسفن يصنع سفينة سياحية واحدة كل خمسة عشرة شخصاً، كل واحدة منها أكبر من سفينة التايتانيك.
في آب عام 1998 اشتعلت النيران في سفينة "إكس تسي" قرب شاطئ ميامي, تدافع على متنها ثلاثة آلاف وخمسمائة راكب مرتدين بزات النجاة.
القبطان:
الرجاء من المسافرين إلتزام الهدوء وعدم القلق.
المعلق:
يُظن أن النيران اشتعلت في غرفة غسيل السفينة بشرارة من مشعل لحام، سفينة "إكس تسي" هي إحدى أفضل سفن الرحلات التي تملكها إحدى أشهر الشركات في العالم المعروفة باتباعها سبل الأمان، على بعد ستة أميال من الشاطئ ساعدت المراكب في إطفاء الحريق، لكن لو كانت السفينة على بعد ستمائة ميل من ميامي لكانت النتيجة مختلفة كثيرا،ً والله أعلم.
في الثمانينيات اشتعلت السفينتان قر شاطئ ميامي، وهما "اسكندنافيان صن" و"اسكندنافيان سي" المملوكتان لشركة "سي إس كيف" الأمريكية، لكن يملكها تجمع شركات عالمي مغمور.
محقق:
تستغل هذه السفن قدرتها على العمل هنا دون أن تضطر إلى الالتزام بالشروط المفروضة من الحكومة الأمريكية.
المعلق:
أصدر المجلس الأمريكي للنقل تقريراً انتقد فيه السفينتين لكنه لم يفرض القوانين عليهما بعد ذلك، صادف أن اشتعلت سفينة ثالثة هي "اسكندانافيان ستار" انتقد المجلس الأمريكي للنقل سبل الأمان لدى تلك الشركة، قامت شركة "سي إس كيف" بنقل السفينة لتعمل كعبارة بين الدنمارك والنرويج، سُمح لها بالعمل بين اثنتين من الدول الفارضة لقوانين الأمان دون إقامة تدريب واحد على مكافحة الحرائق، كان هذا قراراً ندمت عليه الدولتان بعد ذلك.
أبحرت "اسكنديفيان ستار" من النرويج في السادس من نيسان عام 1990 وعلى متنها تقريباً خمسمائة راكب وبحار، بحسب إفادة الركاب كان الأروقة مليئة بالأمتعة، تم جمع البحارة بتسرع من كل أطراف العالم، شكلت اللغة معضلة على السفينة، لم يتم التدرب على النجاة من النيران، كان على متن السفينة تلك الليلة "يان هارج" وزوجته الحامل "كريستين" وطفلهما الصغير "هارفور".
يان هارج:
كنت متزوجاً من كريستين قد مضى على زواجنا سنتان ونصف كان عمر زوجتي أربعة وعشرين عاماً، كان لدينا طفل يُدعى "هارفور" وكنا نتمنى من الله أن يرزقنا طفلاً أخر، في صيف عام 1990 أردنا أن نقضي أجازتنا في الدنمارك فاستقلينا سفينة "اسكنديفينان ستار" تأخر الوقت في المساء فذهبت كريستين وهارفور إلى السرير، أخذت أجول في السفينة لألتقي الناس وأعرف الأجواء، وبعد ذلك أذكر أنني أخذت كتاباً وقرأته بعض صفحاته، قرأت عن رجل حكيم.. قال مرة لديك الكثير من الأشياء الجيدة المتراكمة التي تكفيك عدة سنوات، عش حياتك هانئة وكل واشرب وكن سعيداً، ولكن تذكر أنك قد تموت في أي لحظة.. نداء:
استغاثة.. استغاثة.. هنا مركز خفر السواحل.. النار تشتعل على متن "اسكندنافيان ستار" حدد موقعك نحتاج إلى مساعدة عاجلة من فضلكم.
المعلق:
عند الثانية والربع من صباح السابع من نيسان أطلقت "اسكندنافيات ستار" نداء استغاثة، كانت على بعد ستين ميلاً من أقرب شاطئ.
يان هارج:
أيقظتني زوجتي وقالت: إن السفينة تحترق، عليك أن تعتني بالطفل.
المعلق:
خرجت الزوجة إلى أحد الأروقة المغمور بالدخان كانت تلك آخر مرة يراها فيها.
يان هارج:
حملت طفلي هارفور بين يدي وخرجت من الحجرة إلى الرواق ولم أستطع أن أرى أي شيء فقد كان الدخان عابقاً، لم أستطع أن أرى الجدار أمامي، حتى على بُعد متر ونصف المتر.
المعلق:
حريق هائل على على متن "اسكندنافيان ستار" كانت تلك بداية الكارثة.
يان هارج:
لم أشعر أننا في عالم الواقع، شاهدت ألسنة اللهب، لكنني لم أتصور أن تلك الحادثة تحدث، عم الذعر والفوضى، أخذ الناس يبحثون عن أصدقائهم وأقاربهم.
نداء:
اسكندنافيان ستار هنا طوافة الإنقاذ على القناة واحد ستة.
يان هارج:
دارت في ذهني مجموعة من الأفكار: أين زوجتي وما الذي يحدث؟
وكانت الأمور تتوالى بشكل سريع، فقد أفقْتُ من نوم هنيء لأجد نفسي في وضع مأساوي ومخيف.
المعلق:
لم يكن من الممكن مكافحة النيران ولا حل إلا بمغادرة السفينة.
نداء:
من ستيناساجا.. ستيناساجا إلى سفينة "اسكندنافيا ستار".
المعلق:
من الجيد أن عبارة ستيناساجا كانت قريبة.
يان هارج:
سمعت القبطان على المذياع يقول: إنهم يسيطرون على الأمور، فقد شوهدت سفينة ستيناساجا وسيتم إنقاذ الجميع وما إلى ذلك.
كانت قوارب النجاة قد بدأت تعج بالركاب ولم يعرف أحد كيفية إنزالها، وقد كثيرون من الوقوع في المياه نزلنا على سلالم الحبال.. قيدت طفلي بي وذهبت إلى أحد قوارب النجاة.
المعلق:
أسرع القبطان ومعظم أفراد الطاقم بمغادرة السفينة بعد إرسال تقرير أخير عبر جهاز الإرسال.
يان هارج:
أفاد القبطان أنه لم يبق أحد في السفينة.. هنا طوافة الإنقاذ 278 يوجد أشخاص على سطح المركب بعضهم يلوح لنا بيديه، يريدون إنقاذهم.. إذاً لا بد أن هناك أشخاصًا على السفينة.
المعلق:
رحل القبطان عن السفينة تاركاً وراءه ثلاثين راكباً على متن "ستيناساجا" عولج الناجون ومع عدم تواجد لائحة ركاب لم يعلم أحد كم راكباً كان على متن "اسكندنافيان ستار".
نداء:
على السفن في المنطقة أن تفي سفينة ستيناساجا بعدد الناجين.
المعلق:
في الصباح التالي حمد الناس الله على نجاة ثلاثمائة وخمسة وثلاثين راكباً وبحاراً، لكن العديدين لم يجدوا أصدقاءهم المفقودين وأقاربهم.
في البدء كان الظنُّ على أنهم على متن سفن إنقاذ أخرى، لكن بعد مرور ساعات أخذت لائحة المفقودين تكبر، بحث يان سدن عن زوجته تم جر اسكندنافيان ستار إلى أقرب مرفأ سويدي حيث أخمدت النيران، في تلك اللحظة تمكن رجال الإطفاء من دخول السفينة للقيام ببحث كامل، هالهم ما وجدوه، تكدست الجثث في الأروقة والحجرات حتى في الحمامات حيث كانوا يحاولون الفرار من الحريق، مات مئة وثمانية وخمسون راكباً، من بينهم تسعة وعشرون طفلاً، كان ذلك أسوأ حريق على متن سفينة.
ما الذي سبب نيراناً مدمرة بهذا الشكل لتسيطر على سفينة في غضون دقائق؟ شرعت السلطات بأكبر تحقيق بحري يقام في شمال أوروبا.
محقق:
عندما صعدت على متن اسكندنافيات ستار رأينا سفينة احترقت منذ عدة أيام، كان من المهم الوصول إلى موقع الحريق منفتحي الذهن، ولكي نفهم الحقيقة تحدثنا إلى الشهود لنعلم ما رأوا، ما الظواهر التي شاهدوها من دخان ونيران؟ وما الذي سمعوه؟ وما هو الوقت الذي سمعوا فيه أصواتاً مختلفة ورأوا فيه أشياء مختلفة؟
المعلق:
لم يظهر خطأ ميكانيكي ولا كهربائي يفسر الحريق، لكن البحث عن مصدر النيران سرعان ما أوصل إلى رواق في الطبقة الثالثة من السفينة، المنطقة بين الجدران المشتعلة والمنطقة غير المشتعلة دلت بأن النيران بدأت بشعلة ظاهرة أو متعمدة.
محقق:
هذا هو مصدر الحريق والوسيلة الوحيدة لاشتعاله هو شعلة ظاهرة.
المعلق:
كان قد وقع حريقان صغيران سابقاً ذلك المساء وتم إطفاؤهما، عُثر لاحقاً على جثة رجل محكوم عليه بالسجن سابقاً لاشعاله الحرائق في حجرة مباشرة فوق موقع اشتعال النيران، لن يعلم أحد أبداً ما إذا كان مسؤولاً عن اشتعال الحريق، لكن إن كان الحريق قد اشتعل بتلك الطريقة يظل السؤال: لماذا انتشر بسرعة؟
محقق:
كانت جدران الأروقة من الحرير الصخري، ويفترض بها أن تقاوم النيران -بإذن الله- لكن كيف حدث هذا الحريق؟
المعلق:
صنع المحققون نسخة متطابقة للرواق مستخدمين أجزاءً غير متضررة من "اسكندنافيان ستار" أشعلوها، لو كانت السفينة مجهزة بخراطيم مياه أوتوماتيكية لأُخمد الحريقُ في ثوانٍ، لكنها لم تكن مجهزة.
محقق:
عند نشوب حريق يكون الفرق بسيطًا بين الموت والحياة، توجد فروقات صغيرة، وعوامل مهمة جداً قد تسبب الكارثة أو لا تسببها.
المعلق:
في دقيقتين سيطرت نيران مروعة على الرواق، اكتشف المحققون أن الحرير الصخري أدى دوره بكفاءة وحبس النيران داخل الأروقة الضيقة، أخذت النيران المتلهفة للأكسجين تنفذ من رواق إلى آخر، وقد فاجأت حدة النيران المحققين أنفسهم، بعد اشتعال النيران بعشر دقائق وانتشار الدخان في أرجاء السفينة أخذ الركاب يطلقون نظام إنذار إطلاق الحرائق القديمة في السفينة.
محقق:
ما شاهده القبطان في حجرة القيادة كان إشارات إنذار عديدة قادمة من أروقة عدة، حيث ضغط الركاب على أزرار الإنذار لأنهم شاهدوا الدخان، وما قام به هو إغلاق أقسام عدة، وبالطبع لم يصدر إنذار من الرواق التي اشتعلت فيه النيران، إذ لم يكن هناك أحد ليضغط على الأزرار وبقيت الأبواب مفتوحة نحو السلالم والسلالم مفتوحة على طبقة الركاب، كما هي مفتوحة على جهة أخرى وطبقة السيارات أيضاً، لأن باباً لمكافحة النيران كان مفتوحاً.
المعلق:
أدت طريقة إغلاق أبواب مكافحة النيران إلى تهوية النيران وأوصلت إلى كارثة، "بول اسبينسين" من مجلس سلامة النقل الأمريكي الذي حقق سابقاً في الحريق على متن "اسكندنافيان سي" قدم ليشارك في التحقيق.
بول اسبينسين:
قلق مجلس السلامة من كون الحريق يتكرر على متن السفن ستار وسي وصن وعند تكرار الحادث على السفينة نفسها خشينا أن تكن بعض التوصيات التي قدمناها لم تنفذ قط، وُظف طاقم السفينة قبل يوم واحد من إبحارها، ولم يُجرَ لهم أي تدريب على وسائل مكافحة النيران، ولم يعلم البحارة أيضاً ما هي واجباتهم في حالة الطوارئ، لم تكن الممرات معلمة جيداً، عندما انخفض مستوى الدخان في إحدى الممرات الأساسية اختفت إشارة الأمان، في هذا الممر الطويل عثرنا على سبعين جثة.
كان من المروع أن أرى الناس مكدسين في الرواق وقد ماتوا جميعاً.
المعلق:
قدر الله لهؤلاء البشر أن يموتوا بهذه الطريقة.
يان هارج:
قضى معي أحد رجال الشرطة يوماً كاملاً وقد تحدثنا في كل تفاصيل الكارثة، ولكن السؤال الوحيد الذي كنت أود أن أطرحه هو أين عثر على كريستين، في المساء طرحت عليه السؤال، ودلني على المكان مستعيناً بخريطة تصميم السفينة وقال لي: إنها كانت موجودة في الممر السابع من السفينة.
المعلق:
في الدخان الكثيف انعطفت كريستين نحو رواق دون مخرج وماتت.
محقق:
هُرعَ الناس في الأروقة ظناً منهم أنهم يتوجهون نحو المخرج، لكنهم وصلوا إلى رواق مسدود، كانت هناك سبل للخروج ولكنهم لم يعرفوها ولم يكن هناك من يقوم بإرشادهم إليها، الموتى كانوا وكأنهم ناموا في حجراتهم بسلام، وأحياناً وجدنا أسراً كاملة مستلقية على الأرض ومتشبثة ببعض.
المعلق:
ظن المحققون أنهم عرفوا سبب الحريق وكيف انتشر، لكن الكثير من الجثث لم تحترق، ما الذي قتل الركاب؟ الجواب في الغطاء البلاستيكي الرقيق الذي يغطي جدران الحرير الصخري.
محقق:
اكشتفنا أن كمية كبيرة من سيانيد الهيدروجين أُطلقت بسبب الحريق، وهي كميات كبيرة في الواقع، فإن تعرضت لذلك الدخان لدقيقة واحدة تعرضت للموت لا قدر الله.
المعلق:
في البدء كان من بقي في حجرته آمناً، لأن نظام التهوية في السفينة كان يأخذ هواءً نظيفاً من الخارج ويضخه إلى الحجرات والأروقة، لكن بعد خمسين دقيقة من اشتعال الحريق أطفأ القبطان نظام التهوية كي يسيطر على الحريق.
محقق:
عندما أطفئ جهاز التهوية أصبح من الممكن للغازات والدخان الدخول إلى فتحات التهوية وفتحات الأبواب، وهذا بالتالي أدى إلى موت الركاب داخل مقصوراتهم.
المعلق:
قُتل أكثر من مئة شخص في المقصورات بسبب إطفاء جهاز التهوية، بحسب التقرير الرسمي كان السفينة غير صالحة للإبحار وكل ما قام به الطاقم غير المتدرب زاد من سوء الكارثة وهو إطفاء جهاز التهوية، ترك أبواب الحريق مفتوحة، لم ينظم الطاقم عملية الإجلاء، وأخيراً غادروا السفينة وتركوا بعض الركاب وراءهم.
محقق:
ليس على طاقم السفينة أن يرتب الغرف والأسرة ويهتم بالنظافة فقط، هذه أمور مهمة ولكن الأهم هو كيف يمكن للطاقم تدبر الأمر في حالة الطوارئ وهو واجب على كل فرد من أفراد الطاقم ولكن هذا الواجب ليس مفروضاً على أولئك البحارة لأنهم غير مدربين.
المعلق:
سُجن القبطان شهرين، لكن شركة "سي إس كيف" نفت مسؤوليتها في البدء، مدعية أنها باعت السفينة قبل يوم من إبحارها، قبلت الشركة لاحقاً الوثيقة الرسمية لدى حكومة البهاماز التي تظهر أن نقل الملكية تم بعد خمسة أشهر من الحادثة، لم يكن لدى أي أحد شك في هوية المسؤول.
محقق:
ادعت شركة "سي إس كيف" أن لا علاقة لها بتلك السفينة، لم أفكر في الأمر في ذلك الوقت ولكن ها هو مفتاحي إنه مفتاح الحجرة على السفينة بالطبع، كان المسؤولية تقع على الشركة بالمعاناة التي سببتها الكارثة كانت كبيرة ولا شيء يعوض الأرامل اللواتي فقدن أزواجهن أو الأطفال اليتامى إلا الصبر والتوكل على الله.
المعلق:
لربما كانت حادثة "اسكندنافيان ستار" من أسوأ حوادث الحرائق لكنها ليست الوحيدة، حدثت عشرة حرائق خطيرة على متن سفن للركاب منذ عام 1980 ما زالت القوانين لا تمنع السفن من العمل دون معدات كافية ودون بحارة متمرسين، قدرة البحر كبيرة، لكن قدرة الله أكبر. |
|
| |
|