المعلق:
نتوءات صخرية شاهقة وممرَّات عميقة، هذه هي الطبيعة المميزة لمنطقة "لِشتال".
أصبح هذا الوادي
مأهولاً قبل سبعمائة سنة، من الألمان سكان "آلّجوي" و"تيرول" من "إنّتال"
و"شتانزرْتال" كلهم جعلوا الجبل يضجّ بالحياة.
بودِن قرية جبلية
مثالية تقع على ارتفاع ألف وثلاثمائة وخمسين متراً، وسط جبال الألب في
"لِشتال"، إن حياة الإنسان هنا تتأثر بالطبيعة، بجمالها، لكن أيضًا
بقسوتها.
إن حادثة الانهيار
الثلجي التي حصلت في العاشر من فبراير عام ألف وتسعمائة وأربعة وثمانين ما
زالت في ذاكرة سكان القرية، "روزي لشلاتنير" دوّنت الحادثة في يومياتها.
روزي لشلاتنير:
فيما استمر تساقط الثلج
لليوم الرابع على التوالي وكأنّ السماء قد فُتحت، أصبح الأمر لا يطاق، كان
الثلج يتساقط والمنازل تغرق بنا، كيف سنتخلّص من كل هذا الثلج؟ كنا جميعاً
متعبين نتيجة إزالة الكثير من الثلوج، ولأننا قمنا بإزالة المزيد من على
بعض السطوح، غالباً ما كنت أدخل المقهى، لأنه بدا لي من غير المجدي القيام
بشيء، طالما أن الثلج ما زال يتراكم طبقة فوق طبقة، فجأة تعرّض سكان هذه
القرية الصغيرة لهزة ريحٍ عنيفة.
المعلق:
في صبيحة اليوم التالي،
صورة محزنة، فقد دمر الانهيار الثلجي المكان، تصدعت المنازل وهدمت مزرعة،
ودفنت الثلوج المتراكمة اثني عشر بقرة، وخسرت عائلتان كل ما تملكانه بين
ليلةٍ وضحاها.
استمرار تساقط الثلوج زاد من صعوبة أعمال التنظيف، ولم تجلب الطوافة المساعدات اللازمة إلا بعد مضي ثلاثة أيام على الحادثة.
انقضى عقدان من الزمن منذ حصول هذه الكارثة، بقيت "روزي" في "بودن"، لأنها أرادت الاستمرار بإدارة النّزل الذي يملكه أهلها.
تعتبر "بودِن" أولى المناطق المأهولة في "لِشتال" وهي اليوم تشكل مجتمعاً مستقلاً، بالرغم من أنها لا تضمّ سوى ثمانية وأربعين نسمة.
تقع قرية "بودِن" عند أطراف وادي "بشلا بزِر"، وهو أحد الأودية الجانبية الطويلة لوادي "لِشن" الألبي.
كيف اعتاد الناس هنا أخطار الطبيعة؟ يظهر ذلك في خطوط الانهيارات الاثنين والثلاثين، والتي تهدد سكان الجبل هنا.
لكن فوق القمم يطالعنا
منظر "بانوراما" يأخذ الألباب، طبيعة متنوعة وسلسلة جبال تشكّلت بقدرة
الله تعالى بسبب الضغط الهائل للكتل الجليدية.
"فالّوغا" هي إحدى
القمم المميزة، بنتوءاتها الصخرية المنحدِرة التي تشرف على الطبيعة
الألبية، من ينجح بتسلق هذه الصخور الشاهقة يكافأ بالتمتع بالمنظر الخلاب
عند القمة، يتنقل "دومنيكوس لورِنز" ذو السادسة والسبعين في منطقته
الجبلية عدة مرات في السنة.
دومينكوس:
قبل خمسين عاماً كنت
أقوم هنا بتنظيم رحلات تزلّج، هناك "سانت انتون" في الأسفل، و"سانت
كريستوف"، و"سانت ياكوب" و"تسورز"، و"ليش"، كانت تلك بداية عهد التزلج في
الماضي وما زالت حتى الآن.
هنا كانت حدود منطقة
التزلج، وفي "لشتال" خارج الوادي فالتزلج رائع أيضاً، تقع قرية "كايزرز"
خارج الوادي حيث كنت، وكانت هناك المراعي الكبيرة والهدوء.
في الخلف هناك
"فورالبرج" حيث تمتد منطقة "لِشتال" نحو روتيّي، لتصل إلى قمّة "زوكش
شبيتزي" وما زالت منطقة "سانت انتون" هادئة وجميلة حتى اليوم.
المعلق:
إن نوعية الحياة
الجيّدة لمنطقة "لشتال" في "تيرول" تزخر بأخطار طبيعية كثيرة، فالتهديد
الدائم للانهيارات الثلجية، منع هذه المنطقة من أن تمتلئ بالمصاعد، لخدمة
السيّاح الذين قد يأتون بأعداد هائلة.
بالرغم من ذلك فهناك
قرىً موجودة على سفوح الجبال المنحدرة، مثل قرية "كايزرز"، "كايزرز" هي
قريةٌ متكاملة تضمّ مدرسة ونزلاً وكنيسة، عالمٌ صغير، وسكانه فخورون
باستقلاليتهم لكونهم لا يحتاجون إلى أحداً في هذه المنطقة النائية.
سنة ألف وتسعمائة وستة
وتسعين شقت طريق من كايزرز إلى قرية "جانتزي"، وتغيرت بالتالي الحياة
الطبيعية، "والتر والش" هو صيّاد من "كايزرز" تأثر هو الآخر بذلك.
والتر والش:
الطبيعة العذراء لم تعد
موجودة، نتيجة شق الطرقات وقطع الأشجار، ونتيجة النشاطات الرياضية
المتعددة، لقد الوعل الأحمر المقوّمات الغذائية التي يعيش عليها في
الشتاء، ومن أجل الحفاظ عليه نقوم بإطعامه خلال أشهر الشتاء القاسية.
المعلق:
إن إطعام هذه الحيوانات
البرية، هو نتيجة تقلّص مناطق نفوذها، وبينما كانت تلجأ في الماضي إلى
الأودية الأكثر دفئاً، عليها الآن أن تبقى طوال السنة في المناطق الجبلية
العالية.
حوالي خمسين وعلاً من هذه الوعول الجميلة تأتي إلى مكان إطعامها، من شهر تشرين أكتوبر إلى شهر أيار مايو.
تنسحب الحيوانات نتيجة
عدم وجود طعام أحيانًا والنتيجة أضرارٌ في لحاء الأشجار نتيجة النقص في
الغذاء، ينقض الوعل الأحمر على لحاء الأشجار ويأكلها، ويسبب أضراراً جسيمة
في الغابات الجميلة.
إن المنافسة على الأرض
بالنسبة للإنسان والحيوان صعبة جداً هنا وتكون خَطِرةً أحيانًا، في كل
مكان يهدّد الموت الأبيض، "والتر والش" نجا بفضل الله من انهيار ثلجي حصل
بالقرب من مكان إطعام الوعول.
في طريقه نحو الوادي اقتلع الانهيار أشجارًا من جذورها، يبلغ عمرها مائتي عام ودفنها تحت الثلوج، بالإضافة إلى ذكر الوعل هذا.
أضرارٌ تنعكس خسائر
مادية، لأن صيد الوعول هو تقليد في وادي "كايزرز" وتكلِّف إجازة الصيد
حوالى ألفي يورو، وهذا مبلغ ليس كثيراً على الصياد لأن عدد الحيوانات
البرية انخفض إلى الثلثين نتيجة الصيد في هذه المناطق الطبيعية القاسية.
الشتاء قاسٍ في
"لِشتال" وقد يمتد ستة أشهر، أحيانًا كثيرة تمنع كثافة الثلج الدخول إلى
المزارع المتباعدة، التي تزداد اتحادًا على سفوح الجبل المغطّى بالضباب،
بالرغم من ذلك فالناس لا يعرفون الراحة.
ريتشارد شولّ يقوم مع مساعديه بنقل التبن إلى الوادي، وقد جمعه خلال الصيف من على ارتفاع فاق الألفي مترٍ.
"ريتشارد شولّ" و"دومنيكو لورِنز" هم آخر من في قرية "كايزرز" من الذين ما زالوا يستخدمون القوة الجسدية في الحصاد ونقل التبن.
منذ مئات السنوات
استخدم المرء هذه الطريقة لنقل التبن إلى الوادي، لكن حياة الفلاحين في
"كايزرز" تغيرت أيضًا ولم يعد يستطيع أحد العيش هنا من الزراعة، بالنسبة
إلى "والتر والش" فاستمرار الصيد هو مسألة وجود.
والتر والش:
الحياة قاسية هنا أيضًا
بالنسبة إلى الصياد، عندما يكون المرء مضطراً كل يوم للنهوض قبل شروق
الشمس، أحيانًا يكون الأمر موحشاً، لكن الصيد كان مهمّاً بالنسبة إلى
معيشة السكان.
وهو يسمح بفرصٍ للعمل
حيث إن الفرص ضئيلةٌ جداً، ويسمح للفلاحين بإحضار التبن لماشيتهم، هناك
أخطار والتعامل معها صعبٌ أحيانًا ولاسيما الانهيارات الثلجية وخطرها
الدائم.
المرء يكون وحده في
مكانٍ ما، وفجأة يحدث الأمر، ونحن نعيش في منطقة نائية، وصخرية، إن الخطر
موجود دائماً لكن يحاول المرء السيطرة على الوضع قدر الإمكان.
المعلق:
تفاجئ الطبيعة الإنسان دائماً، وغالباً ما تتضح أضرار كارثةٍ ما عند حلول الربيع، وبعد ذوبان الثلوج.
هذه الغابة لم تستطِع
الصمود في وجه الانهيارات الثلجية، فقد تضررت ستة هكتارات منها وفي
المنحدر المقابل بقيت كما هي، فقط عندما تبدأ الثلوج بالذوبان يمكن للحياة
أن تلتقط انفاسها في هذه الطبيعة الجبلية القاسية، انتظر الناس طويلاً هذا
اليوم.
ينابيع مياه تتدفق من الجبال تعلن نهاية فصل الشتاء، بالنسبة لآل "لِشلاتينِر" فقد حان وقت العمل.
روزي لِشْلاتينِرْ:
مع بداية السنة وقبل أن
يصعد الرعاة بماشيتهم إلى المراعي الجبلية كان علينا وضع السياجات حول
الأماكن الوعرة المنحدرة، وكنا نحضّر من ثلاثة إلى أربعة آلاف مترٍ من
السياجات، كنا في الماضي اثنتي عشرة عائلة من الفلاحين في القرية، وكانت
كل عائلة تنجز قسماً من السياج، الآن وبعد أن أصبحنا عائلتان فهذا يعني
كثيرًا من العمل.
أفكر أحيانًا في أنني
لست مضطرةً للقيام بهذا العمل، لأنه ليس سهلاً إطلاقاً، وهو يحتاج منَّا
الكثير من الطاقة، لكن عندما أفكر كيف قام أجدادنا لمئات السنين باستخدام
هذه الأرض الصغيرة، فهذا يحتاج كثيراً من الجلَد، فهل سأرمي كل هذا الجمال
وهذه القِيَم خلف ظهري؟ لا أستطيع القيام بذلك بالرغم من أن معظمنا قد
رحل، لكن جذوري ما زالت عالقة هنا، لا أريد أكثر من البقاء هنا، في مسقط
رأسي.
المعلق:
مع بداية الصيف نرى من "لشتال" وجهه الأجمل، إن حقول الأزهار تنتمي إلى أجمل الحقول التي يمكن رؤيتها في منطقة الألب.
طبيعةٌ برية وتقاليد
الفلاحين يمشيان جنباً إلى جنب في "لشتال" منذ مئات السنين، هذه البيئة
النظيفة هي اليوم مقصداً لعددٍ محدود من السياح.
جبالٌ مغطاة بالعشب
الندي تحيط بها صخور ضخمة، تدعو المرء إلى استكشافها، إن تنوُّع هذه
الطبيعة سيبقى على حاله بإذن الله، والمراعي الجبلية هي سبب ذلك.
بالرّغم من أن المرعى
فوق حدود الأشجار هو يمنح غذاءً للماشية لمدة ثلاثة أشهر فقط، فلا غنى عنه
بالنسبة للفلاحين؛ لأن تربية الماشية من أهم الموارد لكسب عيشهم.
لكن المرعى يعني أكثر من ذلك بالنسبة إلى لفلاحة "روزي لشلاتنير".
روزي لشلاتنير:
كنت في الثامنة من عمري
عندما بدأنا بالصعود إلى هنا لنرى الأبقار والعجول الصغيرة، كنا في الطقس
الجميل ننتقل للمساعدة في جمع التبن، وعندما يكون الطقس سيئاً كنا نبقى
بالقرب من البقر، لكي لا تذهب بعيدًا، لقد أمضينا الكثير من الوقت هنا
وكان علينا التأقلم مع الأخطار، لكي يعرف المرء ماذا يفعل، كي لا يخسر
ماشيته، عندما تأتي العاصفة.
عندما يتساقط البرد
بشدة تتراكض الماشية كالمجنونة، لا أحد هنا في هذه المنطقة، كنا وحدنا
وهكذا تعلمنا الكلام مع الحيوانات، مع الجبال والصخور، وتعلمنا مواجهة
الوحدة.
المعلق:
بالرغم من هذا الجمال الأخّاذ يمكن للحياة في الجبال العالية أن تتحوّل إلى كابوسٍ في وقت قصير.
إن الطقس العاصف غالباً
ما يترافق مع أمطارٍ غزيرة جداً، إن كميَّات البرد الهائلة تعجز الأرض عن
امتصاصها وتسقط في الوادي، فتصبح التربة في الوادي لينة،وتتحول إلى برك من
الأوحال والحصى، وتبدأ الأوحال مسيرتها.
إن كميات الحصى المتراكمة يجري نقلها من الأحواض إلى الوادي، يرفع منسوب المياه مئات الأطنان من الحصى إلى جرف النهر.
إن مهمَّة الغابة
مميَّزة جداً، فهي تحمي السكان من انجراف التربة والانهيارات الثلجية،
الغابة هي الدعم الأخضر للأراضي الجبلية والاهتمام بها هو كالاهتمام
بالطبيعة نفسها، والإنسان عرف منذ البداية أن نظاماً بيئياً سليماً يشكل
أفضل حماية من أخطار الطبيعة.
من أجل المحافظة على ثبات الغابات الجبلية على المرء أن يزيل أضرار العاصفة والانهيارات الثلجية بسرعة.
إن ثلث الغابات النمساوية هو محميّات طبيعية وبسبب قدَمْ هذه الغابات فإن تلوث الهواء لا يؤثر بها كثيراً.
إن صيانة الغابات المحمية أصبحن هدفاً سياسياً مهماً، وفي المناطق التي تتعرَّض الانهيارات الثلجية يجري تخصيص ميزانيات كبيرة.
عند سفح قرية "كايزرز"
المنحدر جرت إعادة تأهيل ثلاث عشر هكتاراً مربعًا من الغابات، بسبب
الانحدار القاسي للسفح يتطلب العمل مهارة عالية من عمال الغابات، من أجل
تأمين الطريق جرى استخدام تسعين شجرة.
إن مشاريع معقدة كهذه
تكمن في محاولة الإنسان السيطرة على الطبيعة، حوالي خمسة عشر ألف ساعة عمل
على هذا السّفح من أجل حماية "فيللر كين برج" والطريق المؤدية إلى
"كايزرز" من الانهيارات الثلجية.
إن جذوع الأشجار جرى
تثبيتها بالجذوع، وهذه طريقة بناء تحمي النباتات الصغيرة، فيما تنمو
الغابة تموت هذه السياجات شيئاً فشيئاً، بينما تبقى هذه الجسور الفولاذية،
فهي وحدها لا يمكن أن تقدم الحماية اللازمة لهذه الأرض المنحدرة.
على الأرض الصخرية سوف يستغرق الأمر طويلاً إلى أن تعود الغابة من جديد، لذلك يجب تشجير مساحات كبيرة.
ثمانية عشر ألف نبتة من السنديان والشوح، والصنوبر، والملّول سوف تنمو لتشكل غابة غنيّة بالأصناف ودرعاً يحمي لثلاث مائة سنة أخرى.
الصياد أيضًا مسؤول عن نمو الغابة، إن غابة صحية يمكنها أن تبعد خطر الانهيارات الثلجية لعشرات السنين.
أما الأمراض وأضرار
اللحاء فهي تعني الموت لأي غابة، من أجل منع حصول ذلك، على صيّاد
الحيوانات البرية أن يبعد الحيوانات عن الغابة ويحرص على تنفيذ خطّة
الغرامات.
في الصيف تعيش هذه
الوعول معزولة عند أطراف المنطقة الصخرية، يبدو أن الإنسان نسي أنه كانت
هناك في الماضي علاقة متبادلة بين الغابة وحيواناتها البرية لمدة طويلة،
قبل أن يأتي ويجعل الجبال مقرّه الدائم، نجح في تحويل الطبيعة إلى أرض
زراعية بعد عمل شاق، إن الزراعة أمَّنت له موطناً وسبيلاً للعيش.
هناك اليوم أشخاص
قليلون في "لشتال"، مثل "يتشارد شول" و"دومينكوس لورِنز" اللذين ما زالا
يقومان بالحصاد على السفوح المنحدرة وبالتالي يحافظان على الطبيعة.
ريتشارد شول:
كان المرء يحصد مئات
الهكتارات في الجبال في الماضي، وهذا ما يحافظ على صلابة التربة، كي لا
تحصل الانهيارات الثلجية، فعندما عندما يكون العشب قصيراً أي محصوداً،
يبقى الثلج في مكانه عندما يتساقط، بينما عندما يتساقط الثلج فوق العشب
الطويل ثم يتكرر تساقط الثلج، تزداد الخطر من أن تتحرك الطبقة العليا من
الثلج وتنهار كميات الثلج.
المعلق:
ريتشارد شول هو رجل الجبال، ولديه خبرة واسعة بأخطار الطبيعة وتحركاتها، كما يملك معرفة واسعة في الأعشاب الطبيعية العلاجية.
يقضي فصل الصيف فترته مع الماعز في مرعى "كايزرز"، ويطلق عليها الفلاحون اسم طبيب الأعشاب أو العالم بأحوال الطقس.
إن فترة الحصاد في "لشتال" تكون مناسبة سنوية جيدة بسبب الطقس الرطب على الدوام.
لدى آل "لِشلاتيز"
ثمانية عشر هكتاراً للحصاد ولهذا السبب فعندما يكون الطقس جيدًا تكون
العائلة كلها هنا، من الجدة التي بلغت الثمانين، إلى الحفيد الذي لم
يتجاوز الثامنة من عمره.
يعلق العشب على صقالات خشبية حتى يجف وكل سكان "لشتال" ينهمكون بهذه المناسبة.
حتى قبل سنوات قليلة
كانت العائلة كلها تصعد إلى المرعى في فصل الصيف، في هذا المنزل الخشبي
البسيط كان يسكن حوالي ثمانية أشخاص، وقد أصبح اليوم مكاناً للراحة لمن
يريد من الضيوف.
إن المرعى بالنسبة إلى
آل "لشلاتنير" لا يقدّر بثمن، إنه عملهم والعائلة مسؤولة عنه، في وقتٍ
تتأرجح فيه صورة فلاح الجبال بين مهتمٍ بالطبيعة وبين كونه عالة على
المجتمع، فمن الصعب المحافظة على تاريخه.
هذا الثوب التقليدي ما
زال منتشراً في بعض أودية "فورالبرج"، الخريف الذي يتسلَّل بهدوء إلى
الطبيعة لا يطمئن، نظرة واحدة إلى الجبل تكفي، لمعرفة مصدر الخطر ويحاول
المرء أن يعزّي نفسه ببناء الحواجز.
هناك حيث لا يمكن لنا ترك الثلوج تتراكم دون حماية، فعلى هذه السياجات الفولاذية أن تمنع حصول الانهيارات الثلجية.
هؤلاء الرجال ذاهبون
إلى مكان عملهم، الذي يقع في "زونن كوجِل" على ارتفاع ألفين ومائتين
متراً، وهو منحدر قاس بنسبة خمسة وأربعين درجة، إن إنشاء هذا الدفاع من
شأنه أن يحمي "فايلر فنكل" من الانهيارات الثلجية بإذن الله.
يتم انجاز العمل بواسطة
أحدث التقنيات؛ جسرٌ فولاذي يزن عدة أطنان يتمّ نقله إلى الجبل بواسطة
الطوافة ويثبّت في المكان الذي يجب تثبيته.
إن ظروفاً قاسية كهذه
تشكّل تحدياً حتى بالنسبة إلى رجال الجبال الذين يملكون الخبرة، إن كلفة
هذا المشروع تصل إلى مليونين وربع مليون يورو.
تمَّ وضع حوالي خمسة
عشر ألف متر من هذه الجسور الفولاذية في السنوات العشر الأخيرة في
"لشتال"، إنه استثمارٌ ضخم، من أجل المحافظة على المنطقة الجبلية.
أتى الخريف ليصبغ
الطبيعة بألوانه المضيئة، ومعه بدأ موسم الصيد، إن الصيد هنا يلعب دوراً
اقتصادياً مهماً منذ زمن طويل، بعدما لجأ الأجداد إلى الصيد للحصول على
غذائهم، اقتصرت هذه الهواية على نخبة القوم في عهد "كارل" الكبير، أما
اليوم فالكلمة هي لمن يؤجّر الأرض أملاكاً للصيد.
مهمة الصيّاد تكمن في
منطقة نفوذ معينة، في أن يمنع اصطياد أكثر من العدد المسموح به، احتاج
الأمر إلى بندقية بخمس طلقات، لقتل هذا الوعل، لكن "والتر والش" لا يصطاد
للحصول على جائزة فقط، إنما يصطاد الوعل من أجل لحمه.
غالباً ما يسمح بالصيد
لشركات أو مصانع، لكي يزداد الاهتمام بالمنطقة، إن الصيد في منطقة الألب
له وظيفة أخرى، فهو يخفف من الأضرار التي تحصل للغابة.
هنا في "كايزرز" وعلى مساحة ستة آلاف هكتار هناك حوالي مائتي حيوان من الوعول، وتقضي خطة الصيد بأن يتم اصطياد ثلث هذا العدد سنوياً.
والتحدّي الذي يواجهه
الصياد هو في التوغل في مناطق يصعب الوصول إليها، ما يتطلب مهارة معيَّنة،
لقد تسبب الشتاء في تحويل الطبيعة إلى عالمٍ خال حزين.
بالنسبة لسكان "بودِن" يمكن لتساقط الثلج الكثيف أن يكون تهديداً جديداً، ويخشى من أن تقفل الطريق بسبب احتمال حصول انهيارات ثلجيّة.
إنَّ التحصينات التي أقيمت لمنع حصول انهيارات ثلجية خفَّفت من قلق سكان القرية، لكن والدة روزي تبقى غير مطمئنَّة.
ماريا فريدل:
أصبح الأمر أفضل الآن،
أفضل بكثير، لأن الانهيارات لم تعد تضر كثيراً، بسبب التحصينات التي
أقيمت، لكن على المرء أن يتوقع كل شيء، لكننا لم نعد نخاف كثيراً طالما
التحصينات هنا، بالرغم من ذلك أفكر أحيانًا، ماذا لو سقطت هذه التحصينات،
قال أحدهم ذات مرَّةً إن هذه التحصينات سوف تسقط علينا يوماً ما، لكنني لا
أعتقد ذلك، فهي متينة ومثبّتة جيداً.
المعلق:
إن الخوف من الطبيعة ما زال كامناً داخل نفوس سكان "لشتال".
اسم البرنامجأرض الجبال القاسيةعدد الحلقات1اسم الحلقةأرض الجبال القاسيةللتحميل[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]