اظهرت البيانات الأولية لمشروع تتبع السلاحف البحرية
عبر الأقمار الصناعية الذي تم إطلاقه مؤخراً من قبل جمعية الإمارات للحياة
الفطرية بالتعاون مع الصندوق العالمي للطبيعة “EWS-WWF”، أن هذه السلاحف
لم تستقر في الجانب الشرقي من الخليج العربي، بل اتجهت جميعها نحو الغرب
أو الجنوب، وأكدت هذه النتائج أهمية الخليج كموقع وفير بالطعام الملائم
لسلاحف منقار الصقر. ويهدف المشروع، الذي يقام بجهود مشتركة مع مؤسسة
البحوث البحرية “MRF” الشريك العلمي في البحوث الميدانية، إلى تتبع ما
يقارب 75 سلحفاة بحرية على مدى ثلاث سنوات. ومنذ إطلاق المشروع رسمياً في
مايو الماضي، وباستخدام برنامج تتبع عبر الأقمار الصناعية، رصدت حركة 20
سلحفاة في كل من إيران وسلطنة عمان والإمارات وقطر، ليتم كشف الستار عن
نتائج مثيرة للاهتمام.
وقال الدكتور نيكولاس بيلتشر، أخصائي السلاحف البحرية
والمستشار التقني للمشروع “تتميز سواحل إيران الجنوبية بوفرة شعابها
ورفوفها المرجانية، وعادة، تجذب مثل هذه التكوينات والبيئات البحرية سلاحف
منقار الصقر، ولكن المثير للاهتمام هنا أن جميع السلاحف التي تم رصد
حركتها سبحت بعيداً عن هذه المناطق لتتجه إلى بلدان أخرى”.
وفي أبريل الماضي، قام الفريق بإضافة أجهزة التعقب على
خمسة سلاحف في إيران (أحدها تمت رعايتها لاحقاً من قبل جيان لي مارش،
وأطلق عليها اسم “لونا”، لتظهر المعلومات التي استقبلتها الأقمار الصناعية
من هذه الأجهزة بأنها قد تحركت جميعاً نحو الغرب والجنوب الغربي، باتجاه
قطر والمملكة السعودية والإمارات. وتسكن اثنتان من السلاحف حالياً جزراً
في شمال أبوظبي، بينما سبحت اثنتان نحو الطرف الشمالي من شبه الجزيرة
القطرية، لتتخذ إحداهما مراعي الطعام البحرية التي تبعد حوالي 50 كيلو
مترا من الدوحة مسكنا لها، بينما استقرت الأخرى في الساحل الشمالي من قطر
قرب رأس ركن. أما السلحفاة الخامسة فقد استمرت بالسباحة متجاوزة كلا من
قطر والبحرين، لتستقر قرب سواحل المملكة السعودية. وكشفت نتائج البحث من
عمان أن السلاحف التي عششت في السلطنة انتهى بها الأمر بقضاء معظم وقتها
في السفر دون أن تستقر لفترات طويلة، لتصل المسافة التي قطعتها بعضها إلى
1500كم. ثلاثة من هذه السلاحف اتجهت جنوباً إلى جزيرة مسيرة. أما السلحفاة
رقم 53003 الأكثر فضولاً، فقطعت أول رحلة مسجلة لسلحفاة بحرية من عمان إلى
الخليج. وقالت ليزا بيري مديرة البرامج في جمعية الإمارات للحياة الفطرية
بالتعاون مع الصندوق العالمي للطبيعة “لقد كان الاعتقاد السائد بين
العلماء بأن حجم سلاحف الخليج الأصغر مقارنة بالسلاحف البحرية العمانية
وعزلتها الجينية جاءت نتيجة عدم وجود أي حركة بين النوعين، ولكن هذا
المشروع كشف لنا عكس هذه النظريات العلمية التي سادت لسنوات عدة”.
أما أول سلحفاة تم تتبعها في الإمارات، والمعروفة باسم
“الآنسة إيميغ” تيمناً بمجموعة الإمارات للبيئة البحرية، فقد تم إطلاقها
قرب ساحل جبل علي، على بعد كيلومترين من نخلة جبل علي. وقال بيلتشر “كنا
قلقين بأن ينتهي بها الأمر بين مشاريع البناء هناك، ولكن عن طريق تتبع
حركتها، اكتشفنا بأنها قد اتجهت عميقاً نحو الخليج، واجتازت كلا من مشروع
النخلة ومشروع العالم، لتتجه بشكل مستقيم نحو الشارقة وعجمان”.
وفي قطر، هاجرت السلحفاة “كيو” التي تبنتها ورعتها كلية
شمال الأطلنطي باتجاه الجنوب، لتجعل من الزاوية الواقعة بين المملكة
السعودية وقطر والإمارات مقراً لها. أما السلاحف الأربعة الأخرى، فاستقرت
قرب سواحل قطر، ليس بعيداً عن البحرين والمملكة السعودية