+++ مدينة فاس +++
مدينة متوجة بتاريخ مجيد، كإكليل
منسوج بخيوط من لحمة حضارة عريقة متألقة مطعمة بسحر الشرق، بث في حاضرها
روعة وجمال وترك بصماته على كل مفرداتها، فتستطيع ان تلمسها في موسيقاها،
في مآكلها، فن العيش، وفن العمارة ، فأصبحت مركزاً دينياً وسياحياً
وجامعياً . ويتجسم هذا في جامع وجامعة القرويين، أول جامعة في العالم
الغربي، وكذلك الزوايا والأضرحة والقصور والأسواق والأحياء والصناعات
اليدوية التي ميزت المدينة وأعطتها هذه الروعة والبهاء ... تقع مدينة فاس في وادٍٍ خصيب، لذا فإنها
أصبحت وكأنها واسطة عقدٍ بين التلال التي تحيط بها من كل الجهات، والأشجار
التي صبغتها بلونٍ لازوردي جميل، يتناغم مع خضرة المرتفعات والغابات
المكتضة بأشجار الزيتون والأرز وزهر عود السند . تقع
مدينة فاس في أقصى الشمال الشرقي للمملكة المغربية، وتمتاز بغزارة مياهها،
لأنها تمتص الطبقات الكلسية في الأطلس المتوسط لتُكَوْن منطقة من المياه
الجوفية التي تتفجر في سهل يسمى سهل سايس، ولتمتد في هذه المدينة المياه
مثل الشرايين تروي جميع أجزاءها، وفي مدينة فاس تكثر أيضاً عيون نهر سابو
وروافده المتشعبة . تعد
مدينة فاس ثالث أكبر مدن المملكة، فعدد سكانها يزيد على 1,4 مليون
نسمة،وتاريخها يعود الى 808م عندما جعل ادريس الأول منها عاصمة الدولة
الإدريسية، وبذا يكون قد مضى على تأسيسها 1200سنة . تقسم
فاس الى ثلاثة أقسام، فمايسمى بفاس البالي وهي المدينة القديمة، وفاس
الجديد التي بنيت في القرن الثالث عشر ميلادي، والمدينة الجديدة التي
بناها الفرنسيون إبان فترة الإستعمار الفرنسي، ولعراقة المدينة وتنوع
فنونها التاريخية، أُختيرت كإحدى المواقع التراثية في العالم، من قبل
اليونسكو وذلك عام 1981م . يعود
تاريخ مدينة فاس إلى القرن الثاني الهجري، عندما قام ادريس الأول مؤسس
دولة الأدارسة ببنائها على ضفة نهر فاس اليمنى، وعندها وفدت الى هذه
المدينة العشرات من العائلات العربية من القرويين ليقيموا أول الأحياء
فيها، والتي سميت بعدوة القرويين، كما وفد اليها الأندلسيون الذين أرغموا
على الهجرة من الأندلس وليُكَونوا عدوة الأندلسيين،وكان هنالك حي خاص
باليهود، يسمى بحي الملاح . بعد
وفاة أدريس الأول بعشرين سنة اسس ابنه ادريس الثاني المدينة الثانية على
الضفة اليسرى من النهر، و قد ظلت المدينة مقسمة الى ان دخلها المرابطون
وامر يوسف بن تاشفين بتوحيدها، وصارت القاعدة الحربية الرئيسية في شمال
المغرب، للدول المتتالية التي حكمت المنطقة بالإضافة الى كونها مركزاً
دينياً وعلمياً في شمال أفريقيا،