غزوات الرّسول -2-
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
غزوة الأحزاب
وقَعت هذه الغزوة في
شوال سنة خمس كما قال ابن إسحاق ومن تابعه، وهو قول الجمهور. لم تضع الحرب
أوزارها بين مشركي مكة والمسلمين إلاّ بعد فتح مكة في العام الثامن
الهجري، ولذَا فمن البديهي أن تحاول قريش في كلّ مرّة القضاء على قوة
المسلمين الّتي ترى فيها تهديدًا مستمرًا لطرق قوافلها وخطرًا على مكانتها
بين العرب.
فأرادت قريش في هذه المرة أن تحسم هذا الصراع مع المسلمين
لصالحها، فحشدت له أكبر قوة ممكنة، حيث لجأت إلى التحالف مع كلّ مَن له
مصلحة في القضاء على المسلمين. كان أوّل ما فكّر فيه زعماء بني النّضير
الّذين خرجوا إلى خيبر أن يتّصلوا بقريش والقبائل الأخرى للثأر لأنفسهم
والطمع في العودة إلى ديارهم وأملاكهم في المدينة. فخرج وفد منهم إلى مكة،
فدعوا قريشًا إلى حرب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ووعدهم بالقتال
معهم، حتّى يستأصلوه، ثمّ اتجهوا بعد هذا إلى قبيلة غطفان النجدية الكبرى
وأغروها بالتّحالف معهم ومع قريش على حرب المسلمين، وكتب المشركون إلى
حلفائهم من بني أسد، فصاروا في جمع عظيم، فهُم الّذين سمّاهم الله تعالى
''الأحزاب''. فلمّا سمع بهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وما أجمعوا له
من الأمر، استشار أصحابه، وقد أشار عليه سلمان الفارسي بحفر الخندق في
المنطقة الوحيدة المكشوفة أمام الغزاة. لقد كفَى الله المؤمنين القتال،
فهزَم الأحزاب بوسيلتين: الأولى: تسخير الله نعيم بن مسعود ليخذل الأحزاب،
والثانية: الرياح الهوجاء الباردة.
وختم الله هذا الامتحان الرهيب بهذه
النهاية السعيدة، وجنّب المسلمين شرّ القتال، قال تعالى: {وَرَدَّ الله
الّذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرًا وكفَى الله المؤمنين القتال وكان
الله قويًا عزيزًا}.