أين العرب من مجال تكنولوجيا الفضاء .. ؟
الحديث
عن دخول العرب إلى عصر الفضاء ، حديث ذو شجون ككل حديث عن العرب فى مختلف
شئونهم الآن ، وقد يندهش الكثيرون فى حال معرفتهم بأن مصر اجتازت عتبة
تكنولوجيا الفضاء مع بداية الستينات ، عندما نجحت فى اجتذاب عدد من
العلماء الألمان من الذين عملوا مع العالم الشهير " فيرنر فون براون " فى
تصنيع الصاروخ الألماني ف- 2 ، ولقد استمرت محاولات مصر بين الفشل والنجاح
عامين أو يزيد ، حتى شهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر فى 21 يوليو 1962
إطلاق الصاروخين القاهر والظافر ، وكان مدى القاهر 600 كيلو متر ، بينما
كان مدى الظافر 350 متر ، وفيما بعد تم تركيب الصاروخين معاً ليكونا
صاروخاً واحداً متعدد المراحل ظهر فى العرض العسكرى فى 23 يوليو 1963 وسمى
الرائد ، حيث كان مداه 1000 كيلو متر ، وكان من الممكن بعد تطويره أن يصل
إلى القدرة على اختراق نطاق الجاذبية الأرضية وحمل أول قمر صناعى مصرى
عربى حول الأرض .
ومن الجدير بالذكر أن إسرائيل فى ذلك التوقيت لم تكن تملك أية صناعة للصواريخ .
ونتيجة
للضغوط الشديدة على القيادة السياسية فى ذلك الوقت من قبل الحكومة
الأمريكية من ناحية ، وتهديد العلماء الألمان بالقتل من قبل الإرهاب
الإسرائيلي من ناحية أخرى ، فقد رحل العلماء الألمان عن مصر فى عام 1965 ،
وانتهى المشروع نهائياً مع هزيمة 1967 .
وفى الآونة
الأخيرة يدور الحديث عن مشروع مصرى لارتياد الفضاء عن طريق تصنيع ثلاثة
أقمار صناعية ، تهدف إلى توحيد رؤية الأهلة والاستشعار من بعد ودراسة
الصحراء ، وقد بدأ علماء البرنامج الفضائي المصري في وضع اللمسات الأخيرة
للدراسات النهائية الخاصة بمشروع "مون سات" MoonSat، حيث يجري الآن بحث
وسائل التمويل تمهيدا لطرحه في مناقصة عالمية. ويقول رئيس مجلس بحوث
وتكنولوجيا الفضاء بأكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا الدكتور علي صادق
لصحيفة الشرق الأوسط ، فإن هذا المشروع يمثل أحد المشاريع الثلاثة التي
يقوم عليها برنامج الفضاء المصري.
ويهدف مشروع MoonSat
الى تصنيع قمر صناعي لتوحيد رؤية الأهلة في العالم الاسلامي ، بينما
المشروع الثاني في البرنامج الفضائي هو مشروع "مصرسات 1EgyptSat ويهدف إلى
تصميم وتصنيع واطلاق ونقل تكنولوجيا قمر صناعي مصري للاستشعار من بعد،
للتوسع في استخدامات التكنولوجيا الفضائية وتطبيقاتها في مجالات التنمية
المختلفة وذلك بالتعاون مع دولة أجنبية.أما المشروع الثالث فهو "صحراء
سات" DdesertSat وهو قمر صناعي بأيد مصرية يهدف إلى وضع التصميم المصري
لقمر صناعي للاستشعار من البعد واستخدام التكنولوجيا والخبرات المكتسبة في
EgyptSat في تصنيع هذا القمر .
جدوى ارتياد العرب الفضاء
لم
يعد تخلف العرب عن اقتحام الفضاء أمر له أية مبررات ، فمن يملك الفضاء سوف
يمتلك كل شيء فى المستقبل ، وفى هذا الإطار قام الدكتور مغاورى شحاته دياب
بصياغة عدد من النقاط التى تدلل على صحة المقولة السابقة فى مقالة له إلى
صحيفة الأهرام القاهرية منذ قرابة 4 سنوات تحت عنوان "مصر وإمكانات امتلاك
التكنولوجيا " ، ولقد رأيت ضرورة أن أورد هذه النقاط كاملة وبدون أى تدخل
منى ، وفى هذا الإطار يقول الدكتور مغاورى :
1 ـ إن
امتلاك تكنولوجيا الفضاء يعني امتلاك السيطرة علي الكرة الأرضية باعتبارها
نواة أو كرة معلقة في الفضاء تحيط بها أقمار صناعية يستطيع المشارك فيها
أن يكشف عن أسرارها من موارد وثروات.
2 ـ تسهم امتلاك
تكنولوجيا الفضاء فى تحقيق القدرة علي متابعة ثورة الاتصالات والمعلومات,
ومن المعروف أن صناعة تكنولوجيا الاتصال في طريقها لأن تصبح الصناعة
الأولي علي مستوي العالم.
3 ـ إن امتلاك تكنولوجيا الفضاء
سوف يحقق امتلاك تطبيقاتها في مجالات الملاحة الجوية والبحرية وسوف يساعد
علي المشاركة في التحكم في مسارات الطائرات والسفن وتنظيم حركتها وغير ذلك
من تطبيقات استراتيجية.
4 ـ يحمينا امتلاك تكنولوجيا
الفضاء من أن نكون صيدا سهلا لكاميرات التصوير عالية الدقة لمن يملك هذه
التكنولوجيا. ومن المعروف أن الرد الوحيد علي من يملك التكنولوجيا
المتقدمة هو امتلاكها.
5 ـ يتيح امتلاك تكنولوجيا الفضاء
إنشاء وتطوير صناعات أخري مرتبطة بها مثل الصناعات المرتبطة بالليزر
والمواد الجديدة والإلكترونيات والطائرات وأجهزة الملاحة والاتصالات
والبرمجيات.
6 ـ إن صناعة الفضاء أصبحت سوقا تجارية ضخمة
لما لها من تطبيقات مدنية وعسكرية وإن البقاء خارج هذه الصناعة سوف يؤدي
إلي فقدان العائد منها ، والذى يفوق تكاليف إنتاجها كثيراً .
7
ـ لقد أثبتت إسرائيل من خلال برنامجها الفضائي انها دولة تمتلك القدرة علي
امتلاك التكنولوجيا وأنها شريك أوحد للدول المتقدمة وعلي رأسها الولايات
المتحدة الأمريكية وأنها شريك لا يمكن الاستغناء عنه ومن هذا الموقع فإنها
تستطيع الحصول علي كل ما تريده من أسرار من الدول التي تشاركها, ومن ثم
تضع يدها علي الجديد في مفاهيم التكنولوجيا بالعلم, كما أنها تضع يدها علي
الدول الأقل تطورا في سوق الصادرات التكنولوجية العالية خاصة العسكرية
منها والسؤال: هل تترك لإسرائيل احتكار ساحة الفضاء وصناعته بما يترتب علي
هذا الاحتكار من سيطرة اقتصادية وعسكرية وإلي الأبد؟!
إذن لقد أصبح امتلاك العرب تكنولوجيا الفضاء أمرا حتميا والسؤال الآن: هل تمتلك مصر والعرب مقومات ذلك؟
هل نحن قادرون على ارتياد الفضاء
تحتاج
تكنولوجيا الفضاء لعناصر أساسية ثلاثة لكى تدخل مرحلة التنفيذ والإنجاز ،
هذه العناصر هى المال والقاعدة العلمية وأخيراً القرار السياسى ، فبالنسبة
للعامل الأول ، فإن الحاجة للدخول في هذه صناعة وما يرتبط بها لا يتطلب
إنفاقا هائلا علي البحث العلمي والتطوير الفني, كما هو متصور, ومن ثم فإن
التعلل بالأوضاع الاقتصادية وعدم مناسبتها حاليا للبدء في تمويل المشروعات
المرتبطة بتطوير التكنولوجيا ليس له ما يبرره.
ونحن نرى
الآن فى شرق وغرب العالم العربى الكثير من المشاريع التى ينفق عليها
المليارات ، وقد لا تكون بذات الأهمية نفسها ، التى يحملها المشروع
الفضائى العربى ، إن أهمية هذه الصناعة تعطيها أولوية تضارع أولويات أخري,
ومن ثم لم يعد إغفال تمويلها وارد ، ثم إن تجارب بعض الدول التي تملك
أوضاعاً اقتصادية وعلمية قريبة من أوضاعنا ، كالهند مثلاً قد نجحت فى
الدخول إلى نادى الفضاء الدولى .
والنموذج الإسرائيلي نفسه خير
شاهد على ذلك ، فبرنامجها هو الأصغر في مجال الفضاء ، وهو ما يعطينا الأمل
فى إمكانية اللحاق بها ، ولعل نجاحها فى اجتذاب العلماء الروس من اليهود
العاملين في برامج الفضاء الروسى ، من أهم العوامل التى ساعدت على نجاح
هذا البرنامج ، والسؤال الأن لما لا نستفيد نحن أيضاً بالعلماء الروس من
المسلمين الذين كانوا يعيشون فى الاتحاد السوفيتي قبل تفككه .
ويجدر
الذكر أننا لا نبدأ من فراغ ولكن لدينا كما هائلا من المعلومات والبحوث
المتنوعة والمتقدمة في معاهد وجامعات ومؤسسات مدنية وعسكرية مصرية وعربية
، وقد يحتاج الأمر منا إلى خلق مجالات علمية جديدة ، فما المانع فى الأمر
، كفانا رسائل للدكتوراه وأبحاث توضع على الرفوف وداخل المكاتب دون أية
فائدة .
وفى هذا الإطار ، يرى الدكتور أحمد فؤاد باشا فى
مقالة له حول الأمر ذاته ، أنه ليس بالأمر العسير علي الدول العربية التي
يتوافر بها حاليا الإمكانات البشرية والعلمية والفنية, بالإضافة إلي
القدرات المادية المتمثلة في توافر الصناعات الأساسية اللازمة لاستخدام
تلك التقنيات الجديدة, ومشاركة العالم في صنع المستقبل, ولعل الإسراع في
اتخاذ قرار إنشاء وكالة الفضاء العربية يكون البداية السليمة علي هذا
الطريق.
وهذي بعض الصور الملتقطه
الخيط الأبيض والخيط الأسود
هكذا يظهر الليل والنهار بالصور العادية،
الصورة التوضيحية لمدار الاقمار الصناعية الفضائية