التلوث الحراري
iتتعرض
المصادر المائية إلى تغيير مفاجئ في درجات حراراتها نتيجة قيام بعض
الصناعات وبالأخص صناعات توليد الطاقة الكهربائية والصناعات النفطية بطرح
المياه الساخنة إلى هذه المصادر حيث تسحب هذه الصناعات كميات كبيرة من
مياه المصدر المائي لأغراض التبريد ويعود معظم هذه المياه إلى المصدر
المائي بعد أن يسخن. ونظرًا لضخامة كمية المياه الساخنة المصروفة فإنها
تؤدي إلى رفع درجة حرارة المصدر المائي بضع درجات مسببة بذلك خللا في
التركيبة الحياتية والطبيعية للمصدر المائي، ويؤدي رفع درجة حرارة المصدر
المائي إلى تغيير الخصائص الطبيعية والكيميائية للماء كما تؤثر درجات
الحرارة المرتفعة على الأنشطة البيولوجية للأحياء المائية.
مصادر التلوث الحراري :
يُعد
التلوث الحراري معضلة صناعية على الرغم من أن الفضلات المدنية تسبب، هي
الأخرى، تغييرًا محدودًا في درجات حرارة المياه المستقبلة لهذه الفضلات.
وأهم مصادر التلوث الحراري هي صناعات الطاقة الكهربائية بنوعيها النووي
والحراري، أما الصناعات الأخرى كصناعة الحديد والصلب - صناعة الورق -
مصافي تكرير النفط وغيرها فهي جميعًا تعد مصدرًا ثانويًا للتلوث الحراري.
1 - مصادر توليد الطاقة الكهربائية :
تنشأ
هذه المحطات على مقربة من الموارد المائية وذلك لعظم كميات المياه التي
تحتاجها هذه المحطات للتبريد. ويتم استخدام مياه البحر بجميع المبادلات
الحرارية لغرض تكثيف البخار بالمحطات البخارية ولأغراض التبريد بالمحطات
البخارية والغازية وتكتسب هذه المياه الداخلة في عملية التبريد درجة حرارة
عالية عند خروجها وتصرف إلى البحر وهذا يسبب ظاهرة التلوث الحراري لمياه
البحر حيث يبلغ معدل المياه المستعملة في عمليات التبريد لجميع المحطات
(محطات التوليد بالجماهيرية) حوالي 4,800,000 متر مكعب/يوم.
غالبًا ما
تكون الكفاءة الحرارية لمحطات الطاقة النووية أقل من تلك التي تستخدم
الوقود الاحفوري وعليه فإن الحرارة المتبددة في مياه التبريد من هذه
المحطات ستكون كبيرة ويرجع انخفاض كفاءة المحطات النووية إلى سببين
رئيسيين: الكفاءة في التوليد والأمر الآخر يتعلق بمحطات الوقود الاحفوري
حيث يتم طرح جزء من هذه الحرارة إلى الجو عن طريق المداخن في حين يتعذر
ذلك في المحطات النووية لاعتبارات بيئية وحذرًا من التسرب الاشعاعي وبسبب
هذين العاملين فإن محطة توليد الطاقة الكهربائية النووية تطرح 50% من
الطاقة الحرارية إلى الموارد المائية أكثر من نظيرتها التي تستخدم الوقود
الاحفوري.
2- الصناعات النفطية والمصافي :
تستخدم
المصافي النفطية كميات كبيرة من المياه في التبريد والعمليات الصناعية
المختلفة وتطرح هذه المياه خلال دائرة مفتوحة وعلى الأخص بالنسبة للمصافي
الواقعة على شواطئ البحر مثل مصفاة والتي تبلغ 10-30 مرة من كمية النفط
الخام المعالج حيث تؤدى هذه المياه إلى خفض كميات الأكسجين الذائب مما
يسبب خللا في الأحياء المائية الدقيقة إضافة إلى ذلك أن المياه الراجعة
إلى المصدر المائي تحتوي على زيوت وشحوم وهذا بدوره يؤدي إلى تلوث شواطئ
البحر بالزيت.
3 - صناعة الحديد والصلب :
صناعة
الحديد والصلب من أكثر الصناعات استهلاكاً للطاقة وبالتالي من أكثرها
تلويثاً للبيئة ومن المعروف أنه لإنتاج طن واحد من الحديد والصلب نحتاج
إلى صرف 460 مترًا مكعبًا من الغاز و59 جرامًا من الزيت واستهلاك 1400
ك.و.س من الكهرباء وهكذا ندرك ما يمكن أن يترتب على هذا من تلوث للهواء
والماء والتربة. ونظرًا للاستخدام الضروري للمياه في صناعة الحديد والصلب
ينتج تلوث للمياه وإحداث ضرر على البيئة ومن أهم استخدامات المياه
الصناعية التبريد بشقيه المباشر وغير المباشر فينتج عن التبريد المباشر
للمنتوجات إزالة القشور من على أسطحها وتختلط المياه بالقشور وكذلك
بالزيوت والشحوم المستعملة للدرافيل، فيحدث تلوث لهذه المياه وتختلط
بالشوائب وتظهر مؤشرات التلوث المتمثلة في الحرارة والزيوت كذلك بعض
المعادن الثقيلة وعسر الماء وغيرها من مؤثرات التلوث. وتستخدم المياه
أيضًا كعامل مساعد لكبت أنواع مختلفة من عناصر التلوث الناتجة عن طريق
مناولة مكورات الحديد خلال عمليات الاختزال المباشر وكبت لغازات العادم
الناتجة من عمليات الاحتراق بمصانع الاختزال المباشر.
نظم التبريد في محطات توليد الطاقة الكهربائية :
توجد
عدة اعتبارات عند اتخاذ قرار بشأن نظم التبريد التي يمكن أن تعتمدها
المحطة وهذه الاعتبارات مرتبطة بالعامل الاقتصادي وموقع المحطة وصرامة
التشريعات البيئية وهذه النظم المألوفة هي:
1 - النظام المفتوح :
يستخدم
الماء المسحوب من المصدر المائي لمرة واحدة للتبريد ثم يعاد إلى المصدر
وقد يبرد الماء قليلا بواسطة بركة قبل إعادته إلى المصدر المائي.
2- نظام التبريد التبخيري :
وغالبًا
ما يكون هذا النظام مغلقاً حيث تعاد المياه المبردة بواسطة التبخير إلى
المحطة ثانية ولا يسحب من المصدر المائي إلا القدر الكافي لتعويض ضائعات
التبخير. ويجرى التبريد إما بواسطة برك التبريد التي تصمم وفق الظروف
المناخية والمعطيات التصميمية للمحطة.
3- النظم الجافة :
وتعتمد
النظم الجافة على امرار تيار هوائي يتلامس مع الأنابيب الحاوية للمياه
الساخنة فيبرده ونادرًا ما يستخدم هذا النظام بنجاح في محطات توليد
الكهرباء لأسباب اقتصادية ولكنه قد يكون فعالاً في الأجواء الباردة جدًا.
تأثيرات التلوث الحراري على المصادر المائية :
1-
التأثيرات الطبيعية :
الزيادة
في درجة حرارة المصدر المائي بحد ذاتها يمكن أن تكون مفيدة أو مضرة
بالمصدر وذلك حسب طبيعة استخدام ذلك الماء الذي تقل فائدته لأغراض التبريد
الصناعية في حين يقلل من كمية الكيماويات المستخدمة لتصفية هذه المياه في
محطات التحلية كما يؤثر ارتفاع درجة حرارة الماء على كل خصائصه الطبيعية
كالكثافة والشد السطحي وذوبان الغازات في الماء واللزوجة وغيرها