الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1045633 توقيع المنتدى :
| موضوع: ¦¦๑¦¦ القراءة و الحداثة مقاربة الكائن والممكن في القراءة العربية [(1)] ¦¦๑¦¦ الجمعة فبراير 11, 2011 9:00 am | |
| ¦¦๑¦¦ القراءة و الحداثة مقاربة الكائن والممكن في القراءة العربية [(1)] ¦¦๑¦¦
إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه
ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالن
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله
صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه.
مقدمــــــــة
تروم كل قراءة إبستيمولوجية التماس الأسس التي تقوم عليها المعرفة، فتبني صرحها في إطار من الحقائق والتصورات التي تحدد آفاقها، من خلال مفهومات تعيد ترتيبها حتى تخدم الغاية التي قامت وتقوم من أجلها. وكل إشباع للمفهومات إنما يتم بتلاقح المعارف وتثاقفها أثناء عمليات النقد، والانتقاد، فتتهذب شوائبها وتستقيم قناتها، وتتعزز بما تفرزه من نتائج، وما تطرحه من أسئلة.
والقراءة الابستيمولوجية للفعل القرائي النقدي العربي، انطلاقاً من تفكيك آليات الفهم الأولية، ورصد مرجعياتها الفكرية إلى الإجراء الفعلي، وما يكتنفه من ظروف، وعوامل تتداخل في مساره سافرة أو على استحياء، فتعمل فيه عمل السلطة الموجهة حيناً، وعمل الباحث الخفي حيناً آخر. فتجعل ناتج القراءة حاصلاً فكرياً، لا يمكن تقييمه إلا من خلال رصد تقاطعات العوامل المؤثرة داخلياً على حدوده، والتي تسربت إليه، بفعل التقاطع الحضاري الحتمي، فلونت ناتجه بطابع خاص، تصب فيه مشارب عدة، وأذواق مختلفة وإن صهرت في بوتقة واحدة إلا أن ميزات تلك الروافد -ماضياً وحاضراً -ما زالت تحمل إليه خصائص كل لون وعرق وذوق، فتزداد آفاقه سعة وشمولاً.
القراءة والحداثة:
يطرح العنوان -الذي ارتضيناه لبحثنا- مفارقة منهجية، من خلال عطف الحداثة على القراءة، على المستوى المفهومي والإجرائي، توحي باللاتشاكل، وتثير مبدئياً جملة من التعارضات تجعل الصياغة ضرباً من المصادرة للمطلوب، ما دام منهج القراءة يؤطر الفعل القرائي، ويدرجه في منظومة فكرية تتراتب فيها الخطوات المنهجية منطلقة من:
أولاً : من مرجعية فكرية، ومذهبية ودينية وجمالية عامة، أي من صفة حضارية متميزة، تنبثق عنها جملة التصورات التي تنتظم الوجود مادة ومعنى، وإليها تكون إحالات القراءة بغية انتقاء آلياتها لإنتاج المعنى الإجرائي الذي يدخلها في تفاعل مع النص، من حيث هي خطوة ثابتة في منهج القراءة، تتسم بالجدل والحوارية، تكون فيه الكفاية المعرفية عرضة للتأثر والتأثير تحت ناتج الوقع وشدته، ينتهي بها إلى فحص المقروء.
ثانياً : استكناه أسرار النص، ورصد ملامح الجدة والتجاوز فيه، يطرح منهج القراءة -بهذه الصورة- على ثلاثة محاور كفاية معرفية تتحكم في الفعل القرائي، تصبغه وتوجهه، وتخلق آلياته، وتعين نوع القراءة المنجزة، وتحدد غايتها وملاحظة التفاعل الحاصل بين التصور والنص. وأخيراً فحص ملامح الانزياح عن المعيار، ورصد درجاته، وتلمس الأشكال الجنينية فيه مستقبلاً.
بيد أن المفارقة التي تطرحها فلسفة الحداثة -إزاء منهج القراءة- هي أخذها المحاور نفسها، ولكن بعكس خطواتها -رأساً على عقب- فتكون الخطوة الأولى رصد التجاوز، والانزياح، وخلخلة المعيار، وتلاشي سلطة الماضي، وانبثاق الشكل الجديد. أما الخطوة الثانية، فتتجسد في محاور تفسير جملة التفاعلات التي أدت إلى مثل هذا التحول، وتلك الثورة، وعندما يستقر التفسير على اقتناعات -ولو وقتية تنضاف في الخطوة الثالثة -إلى الرصيد المعرفي، فتثريه وتؤثثه، وتجعله قادراً على مواجهة مثل تلك التجاوزات وقبول مبدئها التطوري الكامن فيها.
والحداثة وهي تعود أدراج القراءة منهجياً، تؤسس الفعل القرائي وتغنيه، وتجعله قادراً على التجدد والاستمرار، إذ لولاها لتحجرت تصوراته المبدئية، لرضيت بواقعها، ومن ثم استحالت إلى اقتناعات راسخة، سرعان ما تتحول إلى قواعد ضابطة تحجب توثب القراءة، وتحد من تعدديتها.
إن ما كان يبدو لنا، مفارقة وتعارضاً في الصياغة، يتضح من خلال التصور المنهجي -على الأقل- في تشاكل تام مع متطلبات القراءة التي سنجريها في آليات القراءة العربية: إذ أن القراءة: "تبدأ من أبسط عمليات النقد سواء في الاستماع والذوق، أو في الموازنة والتثمين، وترقى إلى صيغ التجريد في المبادئ والأحكام. وبينها مراتب متابينة، تبدأ من أيسر السبل بالنقل والترجمة، وتنتهي إلى استقراء المواريث وابتعاثها بمجهر الفكر الحديث"(1).
وما دام النقد العربي -قديمه وحديثه- قد تدرج على مثل هذه الخطوات، وخلف وراءه تراثاً نوعياً عبر مراحله الزمنية، مشدوداً إلى خلفيات مرجعية متلونة، تمازج بين أصيل نابع من خصوصيتها القومية والفكرية والدينية والاجتماعية والسياسية والأيديولوجية وبين دخيل أملته عليها ظروف التخلف، والتبعية، والرغبة في تجاوز حاضرها. فإن هذا النقد قد سلك سبلاً متباينة تتأرجح بين هذا وذاك. فإذا هي لا تستبين معالمها في أحايين كثيرة، وذلك ما سوّغ لنا الإقدام على تتبع أنماطها وأطوارها، فجعلنا البحث في مدخل وبابين، يتشكل الأول من خمسة فصول.
أولاً: المدخل:
يحتم التصور الذي انطلقنا منه لقراءة القراءة، وسعياً وراء تواصل عناصر البحث، اصطناع مدخل نعده بمثابة "الفرش" الذي يضع بين أيدينا صورة للقراءة العربية القديمة، في سير أطوارها وأنماطها القرائية المختلفة، نقتطف من مادتها، ما يصلح لأن يكون دالاً عليها في خصائصها ودقائقها. والمدخل يحتم -من جهة أخرى- عدم التورط في مساربها وأغوارها ما دام استقراء القراءة القديمة، يضعنا أمام اختيارات صعبة، تتمثل في طريقة استكتاب ذلك التراث الضخم، بكيفية تخدم ما نبتغيه، من كشف لأدوات القراءة، فكان علينا أن نسلك مسلكا هينا مطواعاً، يوقفنا على أهم معالم التحولات، فجعلناه أربعة سبل:
1-مسار القراءة القديمة:
ننطلق فيه من أبسط صور القراءة: ابتداء من التعليق العابر والملاحظة الانطباعية إلى التحليل المنهجي الصارم وذلك من خلال ثلاثة مستويات:
أ-مستوى الانطباع : أو العجز عن المواجهة.
ب-مستوى التردد : بين داخل النص وخارجه
جـ-مستوى التأصيل : مواجهة النص.
وهي مستويات -فيما نعتقد- تتوزع مسار القراءة تباعاً، وتكشف عن عناصر التطور والتحول فتزداد عمقاً كلما تقدم بها الزمن.
2-أصول القراءة العربية القديمة:
لقد سمح لنا التركيز على عامل التطور، وما يحدثه في الثقافة العربية، من تجاوز للثابت، وبعث للمشكلات المستجدة في طريق القراءة، وتحسس العلماء تلك الحيرة -للكشف عن ثوابت راسخة، يتناقلها القراء تباعاً، فتؤسس أركان القراءة، وتجعلها تواصلاً مستمراً، يأخذ بأسباب بعضه بعضاً، تتوارى مقوماتها تحت أثواب الصياغة، عند هذا وذاك دون أن يتحول جوهرها.
وربما كان ظل الثوابت خفيفاً أمام سيل التحولات في الرؤى والأذواق، الأمر الذي جعل الثابت مصدر قلق مستمر، يؤرق النقاد ويثير مشكلات القراءة تترى كالفحولة، والانتحال، والقديم، والجديد، والموازنة، والوساطة.. والإعجاز..
3-آليات القراءة العربية القديمة:
ينتهي الحديث عن الثبات والتحول إلى خطوة ثانية نتتبع من خلالها، مظاهر الصراع بينهما أثناء الفعل القرائي، وفي خضم الإشكاليات المثارة، ولكننا فضلنا التوقف عند أعلام النقد: فكان ابن سلام، والآمدي، والقاضي الجرجاني، وعبد القاهر الجرجاني. محطات رصد لعوامل الثبات والتطور، ورسم صورة القارئ، والكشف عن عدته واقتداره، وإكسابه سلطة تمكنه من حسم المشكلات القائمة في طريق النقد.
4-تقاليد القراءة العربية القديمة:
أما وقد تحددت شخصية القارئ ووضحت سلطته، وتعينت أدواته، لم يبق لدينا سوى وصف التقاليد التي شاعت بين الشراح، وهم يتناولون النص الإبداعي من خلال ثلاثة مستويات: المستوى اللغوي، المستوى النحوي، المستوى الأسلوبي، مع اعتماد "قراءة القراءة" مدخلاً يبيح للمتأخر مراجعة قراءة المتقدم، والتفوق عليها في أحايين كثيرة. ولا بد للمدخل -على هذا النحو- أن يبتعد عن حشد الأمثلة والشواهد، إلا ما كان في خدمة العرض، وأن تجنح لغته إلى رصد ما وراء الظواهر النقدية، دون التعرض إليها تفصيلاً.
n ثانياً: الباب الأول
القراءة بين السياق والنسق:
ولولوج هذا الباب، كان علينا. ابتداء أن نقف على مفارقة زمنية صاغها تراجع الحاضر العربي عن الحاضر الغربي، في خضم المطالبة بالنهضة والتقدم. فألفينا القراءة العربية، وهي تطلب الجدة والتحديث، لا تواكب الحاضر الغربي، ولا تسايره، بل تعيش في حاضرها على ماضيه، وكل استفادة تقتبسها لفعلها القرائي العام (أدباء، وفكرا، وسياسة، واجتماعاً) إنما هي من قبيل ما تجاوزه الغرب، ونبذه وعرى عوراته، وكشف عن مزالقه وأخطاره. ومعنى ذلك، إن أجراءه مرة أخرى -في بيئة غير بيئته- ستنجر عنه أخطار تتعاظم، لجملة تلك الفروق أولاً. والاقتصار على النظرة العجلى، التي تسارع دوماً إلى إحلال الجديد (أي جديد) فكان السائد القائم.
ذلك ما نحاول رصده، في خلال تقسيم الباب إلى قسمين: السياق ثم النسق:
الفصل الأول:
القراءة التاريخية:
إن تحكيم التاريخ -مادة ومنهجاً- في النص الأدبي، وجعل السياسي باعثاً -دوماً- على الإبداع، من إخضاع تقسيم الأدب إلى القسمة السياسية، إلى تعميم الأحكام وسحبها على فترات طويلة، تتسم بالاضطراب الفكري والأدبي، تتمازج فيها الثقافات والأهواء. ثم بدا لنا أن هذا المسلك كرر إنتاجه شكلاً ومضموناً وفرض على الأذواق نمطاً واحداً للأدب والأدبية.
الفصل الثاني:
القراءة الاجتماعية:
كما خضعت القراءة التاريخية للتاريخ وفلسفته، خضعت القراءة الاجتماعية لعلم الاجتماع، وبدا الأدب حقلاً تجريبياً خصيب التربة، لا ترى فيه القراءة الاجتماعية، إلا مصطرعاً للإنسان ومشكلاته المادية، فابتليت القراءة الاجتماعية بآفة التعميم، والاحتفال بالجانب الاجتماعي، وإغفال النص في خصوصيته الإبداعية.
الفصل الثالث:
القراءة النفسية:
لقد بدت القراءة النفسية في حلة قشيبة، أول الأمر، وهي تطرح نفسها بديلاً للقراءات السالفة، حين تذرعت بالعلمية. إلا أن الاجراء أحالها على آفة الانتقاء، وحول نصوصها إلى وثائق مرضية تدين الأدب والأديب، وتتصيد في تاريخ الأدب شخصيات "قلقة" تجري عليها فحوصها، حتى تكررت القراءة عند هذا وذاك، وهي تتناول الشخص نفسه، وتبالغ في إدانته ووصمه، وانتهت هي الأخرى إلى تعميم مشين ينسحب على كل أدب وإبداع.
إن لجوء القراءة إلى مثل تلك "العلوم" جعل الأدب خادماً لا مخدوعاً. وضاعت جهود كريمة، وهي تحوم حول النص، تلتقط منه إشارات تغني بها مادتها، دون أن تشبع النص قراءة وتحليلاً. وربما كانت هذه القراءات جليلة، في ركن من أركان تحليل النص، تسلط أضواءها العلمية على زاوية من زواياه وحسب، ودون أن تدعي القول الفصل فيه.
الفصل الرابع:
نعتبره حلقة، يتمفصل فيها البحث، ليحول وجهه شطر القراءة النسقية، مبتدئاً من إقرار حقيقة تغييب النص في القراءة السياقية، محاولاً بسط الحديث عن جدل السياق والنسق في النص، محاولاً رسم صورة لجملة العوامل الخارجية والداخلية المشكلة لحقيقة النص في جهة، وحقيقة الأدبية فيه في جهة أخرى. وكأن معادلة النص تتموضع بين الواقع واللغة، في جملة من العلاقات المتشابكة تنسج حيثيات الأدبية فيه. ومن ذا أمكننا التولج إلى القراءة اللسانياتية، على اعتبار أنه الرحم الذي اضطربت فيه القراءات البنيوية المختلفة.
الفصل الخامس:
وتواصلاً مع ما سلف. كان الحديث عن القراءة البنيوية (شكلانية، وتكوينية، وأسلوبية) ينطلق من تحديد مصطلح البنية في استعمالاته الفلسفية والأدبية، ورصد خصائصه، للوقوف على محدودية عطائه- لو اقتصر عليه- في تقنيات التفكيك والتحليل. ومنه كانت قراءتنا للبنيوية الشكلانية، وجمود قوالبها، وجفاف نسغها، ورتابة نتائجها. ومنه كانت قراءتنا للبنيوية التكوينية، وهي تسعى إلى تخليص الاجتماعية والشكلانية على حد سواء من مأزقها في الاجراء، وذلك حين مازجت بين السياق والنسق لفك إشكالية النص الإبداعي. كما عملت القراءة الأسلوبية من جهة أخرى على تتبع روغان المعنى وكشف أدواته التركيبية.
ثم كان لا بد على "قراءة القراءة" أن تتشوف إلى الأطر الفكرية التي تؤسس الفعل القرائي، فالتفت البحث إلى نظرية القراءة يستعرض جديدها من مظانها الأولى. وللتدليل -كذلك- على جملة الملاحظات المسجلة على القراءة العربية. انتقلنا إلى حاضر الفكر النقدي الغربي، لنشهد فيه حركة البحث المستمر عن "الذات" بين الطرح المذهبي والإجراء المنهجي في تقلبه السريع بين أطراف الإشكالية، لا يستقر على حال، تقوم فرضياته على أنقاض أخرى، في منطق الهدم، لا منطق البناء. تنتهي كلها إلى تراجع الذات أمام سلطة الأداة. فكان الباب الثاني الذي قسمناه إلى أربعة فصول:
n ثانياً: الباب الثاني:
في نظرية القراءة
الفصل الأول:
فعل القراءة:
نحاول فيه إقامة "الفعل" على استعراض تاريخي، يجعله منفذ الإنسان إلى المعرفة، ومتابعة المجهول، مستخدماً فيه جملة طاقاته المادية والمعنوية، وهو يتدرج في إدراك الكليات والجزيئات على حد سواء، ليغدو الفعل القرائي بعدها باعثاً على اللذة والمتعة، في محاورته للنصوص والقراءات السالفة. وقد نعتبر الفصل الأول مدخلاً آخر لمجالات التنظير.
الفصل الثاني:
سوسيولوجيا القراءة:
ونروم في هذا الحيز كشف العلاقات وتقاطعها بين ثلاثة أطراف: الكاتب، الناشر، القارئ، ورصد حال الصنيع الأدبي، وهو اختمار في ذهن صاحبه، ثم مادة تجارية في يد الناشر، يتصرف فيه شكلاً ومضموناً، تصرفه في السلع التي ينتظمها قانون العرض والطلب، ثم صورته، وهو بين يدي القارئ، كتاباً يتميز بحجم ونوعية وطباعة وورق وسعر. وسوسيولوجيا القراءة، وهي ترصد هذا "الكل" تريد أن تكشف مسار النص واثر الأيادي الأجنبية التي اعتورت رحلته، وتتجاوز هذا الطرح إلى الكشف عن أنساق القراءة وأنماطها في بلد دون آخر، وفي منظومة فكرية دون أخرى، وما تمثله تلك الخلفيات من توجيه فكري أثناء معاشرة النص.
الفصل الثالث:
سيميائية القراءة:
إنّ الكشف الذي حققته القراءة السالفة، جعل القارئ لا يهتم بالمسطور (الشكل الخطي للنص) بل يحاول تجاوزه إلى ما تكتنزه إشارته من دلالات، فكانت القراءة السيميائية تخطياً للواقع من جهة، وإيغالاً في عالم النص، وما تتبطن به كتابته في سمات تتجاوز الحاضر إلى الماضي، وتجوب مسافة الزمن غير آبهة بحرفية النص.. ثم عرج البحث في هذا الفصل على أنواع القراءة السيميائية، متوقفاً أخيراً عند ما نراه مهما في قراءتنا، ألا وهو التحليل السيميائي وخطواته. وصاحبنا عبد الملك مرتاض في رحلته عبر مفاوز التحليل السيميائي، لنضع تصوراً إجرائياً لهذه القراءة.
الفصل الرابع:
جمالية القراءة:
نقترب من هذه القراءة، ونحن نقرر مع أربابها، صعوبة كتابتها، نظرا لجدتها، وتشعب مسالكها، خاصة وأنها لا تدعي الاستقلال بناتجها، بل تدعو إلى نوع من التكامل بين المعارف. ما دامت الأخيرة تشكل جوهر القراءة في انتقالها من حال إلى حال. فالقراءة هدم للاعتقاد السابق، وبناء جديد يتوقف على خيبة الانتظار. لأن النص الإبداعي هو الذي يدفع القارئ إلى مراجعة مواقفه ومعاييره، ويرغمه على متابعته نحو الجديد دوماً. ثم نحاول في خصم ذلك، التمييز بين التأثير والتلقي، والقراءة والتأويل، والنص والقارئ.
إنّ بحثنا دون خاتمة.. وتلك دلالة على انفتاح مجال القراءة ما دام في رحم الغيب، وما تحبل به الأيام فتحا أكيداً للقراءة والقراء. بيد أن انتقال هذا "الفكر" إلى الحاضر العربي لن يقدم له "اقتباساً" يطعم به أدواته الإجرائية، ويدفع بالقراءة للتقدم والعطائية. ولكن النظرة المتفحصة العارفة التي تدرك الواقعين إدراكاً جلياً، هي وحدها القادرة على تأسيس منهج للاستفادة، قبل الاندفاع وراء الترجمة والنقل، لأنماط تدرك إن معاول الهدم قد باشرت حفر أسسه منذ نهاية القرن التاسع عشر -مع هوسرل- وما زالت اليوم تواصل هدمها، دون كلال أو ملال -مع دريدا- وقد ينهار البناء وشيكا، وقد أعلنت نهايات عدة: الأديولوجيا، التاريخ، الإنسان.. وربط القراءة العربية بالقراءة الغربية -على الصورة التي نشهد- لن ينجيها من المصير المحتوم.
وأخيراً.. إن البحث في شكله لدي وصفنا -مغامرة صوب المجهول قد ينظر فيه بعضهم، فيجد فيه "فظائع"، خاصة وأنه يتخطى فسحة زمنية هائلة، لقد أردناه أن يكون "مسحاً" شاملاً للقراءة العربية، بين أصيل تشكل في رحاب النص القرآني.. ووافد لم يقدم إلا اجتراراً لأخطاء الآخر.. إننا نرجو أن تكون قراءة البحث من زاوية "فكرية" حتى تتكشف حقيقة المشكلة "الإنسان" العربي في مقابل "الإنسان الغربي". فإذا فهمت "الذات" حقيقتها استطاعت أن تقدم لنفسها المنهج، فلا يضرها التفات إلى غيرها، ولا يشينها. اقتباس، وقتها ستنعم بحظ المطارحة الفكرية أخذاً وعطاء.
ويجدر بي أن أنوه بالأستاذ الدكتور عبد الملك مرتاض الذي شرفني بالإشراف على هذا البحث، والذي وجدت فيه صورة "الإنسان" الذي نشدته في ثنايا البحث، وأردت إخراجه نموذجاً للقارئ العربي.
-والله ولي التوفيق
13/ ماي/ أيار 1995
سيدي بلعباس- الجزائر وفي الاخير لا يسعني الا بان اشكركم لأتحافكم موضوعي هذا ,,,, سأل المولى عز وجل بان يعلمنا العلم النافع ,,, وان يرزقنا من حيث لا نحتسب ,,, والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... | |
|
dhiaa05 عضو مميز
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 496 العمر : 29 تاريخ التسجيل : 10/01/2011 السٌّمعَة : 5 نقاط : 102151 توقيع المنتدى :
| موضوع: رد: ¦¦๑¦¦ القراءة و الحداثة مقاربة الكائن والممكن في القراءة العربية [(1)] ¦¦๑¦¦ السبت فبراير 12, 2011 7:06 am | |
| | |
|