فضائيات الأطفال وتأثيرها على سلوكيات أبنائنا(1)لها أون لاين
أطفالنا
دخل
جهاز التلفاز كل بيت وكل غرفة لدرجة أنه أصبح خبزاً يومياً يتناوله
الأطفال مع وجبات الطعام، وآخر ما تلتقطه عيونهم قبل النوم، حيث يتشربون
منه سلوكياتهم وأفعالهم اليومية، محاولين تقليد كل ما يصدر عنه دون وعي.
لذلك يعد التلفاز أكثر وأهم وسيلة تؤثر في تنشئة الطفل؛ لأن الطفل يبدأ
بمشاهدة التلفاز قبل تعلم القراءة والكتابة وقبل التحاقه في المدرسة،
وكذلك نجد أن أغلب الأطفال يقضون ساعات طويلة في مشاهدته. و يعتبر تأثير
التلفاز على الأطفال أقوى من تأثير أي وسيلة أخرى من وسائل الإعلام، وذلك
لارتباط الصورة بالصوت وعدم الحاجة إلى الكتابة والقراءة ، ومن ثم فإن
دراسة ما يعرض من خلال القنوات الفضائية الخاصة بالأطفال أمر في غاية
الأهمية لمعرفة ما يتم بثه لأبنائنا والقيم التي يتم تنشئتهم عليها.
وخلال الدراسة التي أعدتها الطالبة "بسمة باسم الغلاییني" بعنوان (برامج الأطفال على قناة نكلودین، "دراسة وصفیة") تشير الباحثة إلى عدد من الآثار السلبية لهذه القنوات.
وبإطلالة سريعة على القنوات الفضائية الموجهة للأطفال نجد ما يلي :
1-
قنوات أطفال عربية تعيد عرض منتجات الأطفال الإعلامية الغربية من كارتون،
ومسلسلات، وأغاني، ومسابقات، وألعاب سحرية، وبرامج أطفال إرشادية سواء
كانت علمية أو تربوية غربية، بدون التحفظ على ما يعرض من تجاوزات أخلاقية
وعقدية ، ومن هذه القنوات من تقوم بعملية الدبلجة إلى العربية، وفي أحيان
كثيرة يتم عرض المنتج الإعلامي كما هو وبلغته الأصلية.
٢-
هناك قنوات أطفال عربية أخرى تحاول تقديم مواد إعلامية من إنتاجها، لكن
مشكلاتها تكمن في أن العقول الصائغة لهذه المواد والمشرفة على عملية
إعدادها إما أنها غربية تمت الاستعانة بها كخبرة غربية جاهزة، وبالتالي
تخرج المواد الإعلامية بصياغة وروح غربية، أو عقول شرقية ولكنها تتحرك
بمنطلقات علمانية فتجرد المنتج الإعلامي من أية هوية إسلامية.
٣-
قنوات أطفال عربية يمكن وصف أصحابها بأنهم من ذوي النوايا الطيبة نحسبهم
كذلك، لكن الإشكالية تكمن في أن غالب ما يقومون بعرضه عبارة عن أغان
وأناشيد وحفلات غنائية، قد يكون لها نوع من المكونات التربوية، لكنها تكرس
طول الوقت لثقافة الغناء والمرح، وهذا لا ينشئ جيل متزن يحمل هم الأمة
الإسلامية، خاصة وأن هناك قطاع عريض من الأطفال منجذب إلى هذا النوع من
القنوات، ويحفظ أغانيه عن ظهر قلب، وأحسب أن هذه القنوات لو تعاقدت مع
مجموعة من العلماء والمستشارين التربويين ذوي الانطلاقات العقدية
المنضبطة، لخرجت ببرامج أطفال ستثري كثيراً في التشكيل الصحيح لوعي أطفال
الأمة الإسلامية.
٤-
قنوات أطفال عربية ذات توجهات إسلامية سنية، لها أهداف تربوية ملموسة
للمتابع، وإن كان ينقصها التنوع والحنكة الإعلامية والتربوية في إنتاج
مواد الأطفال، ويأخذ عليها البعض أنها قنوات مشفرة وتحتاج إلى اشتراكات
مالية شهرية في وقت تبث فيه باقي قنوات الأطفال مجاناً.
٥-
قنوات أطفال شيعية تسعى إلى توجيه خطابها التبشيري الشيعي نحو أطفال أهل
السنة والجماعة باللغة العربية وعبر أقمار أهل السنة أنفسهم، والخطر
الرئيسي والأعظم من مشاهدة أطفالنا لمثل هذه القنوات خاصة في ظل غياب دور
الأسرة هو خلخلة الأساس العقدي لأطفال أهل السنة بما يخدم الضلالات
الشيعية.
٦- بعض القنوات الغربية أو الناطقة بالإنجليزية لكن ملكيتها عربية، وهي قنوات في الغالب تكرس للثقافة الغربية في كافة محتوياتها.
وخلال أسبوع تابعت فيها الباحثة إحدى القنوات (قناة nickelodeon ) حيث بلغت المدة التي تابعت فيها الباحثة هذه القناة ( ١٠ ساعات، لـ ٢٠ حلقة في ١٢ برنامج)، ومن خلال المتابعة تبين أن:
وجود
كثير من المشاهد والحلقات التي تحوي سلوكيات ضارة وغير مهذبة ومشاهد غناء
ورقص وإيحاءات جنسية وكذب وعنف ومشاهد تخريب وتدمير واختلاط وسخرية وسحر
وشعوذة وكهانة وعدم احترام الكبير.
ومن التأثيرات السلبية :
• أولاً :التأثير العقدي
من خلال تقديم مفاهيم عقدية أو فكرية مخالفة للإسلام ، ومن ذلك : زعزعة
عقيدة الطفل في الله سبحانه وتعالى ، واشتمالها على بعض العبارات القادحة
في العقيدة ؛كالتذمر من القدر والاعتراض على تدبير الله ، والتمجيد للسحر
، وغير ذلك .
• ثانياً :التأثير الأخلاقي ، المتمثل في العري أو الغزل أو ملاحقة فتيات أو الصداقة بين فتى وفتاة يعيشان حياة المغامرة سويّاً ويواجهان الصعاب ، وبهذا يعيش الطفل في حالة تناقض بين ما يراه ويتمتع
بمشاهدته في هذه الوسائل وبين ما يعيشه في مجتمعه ويتلقاه من تعليمات
وتربية من أسرته أو مدرسته . ومن الأمثلة عل ذلك برنامج ( كابتن ماجد )حيث
يصوّر حضور الفتيات للمباريات وتشجيع اللاعبين والرقص والصراخ والمعانقة
بين الجنسين حال تسجيل الهدف يصوّره أمراً عاديّاً جداً ، ومن ثم تلاحق
الفتاة لاعبها المفضل وتقدم له الهدية تعبيراً عن المحبة !!
• ثالثاً :التأثير الأمني ، و يتمثل في صورتين :
أ- ما تبنيه هذه البرامج من سلوك يدعوا للعنف والجريمة والاستخفاف بالحقوق والدماء.
ب-
زعزعة روح انتماء وولاء الطفل لأمته بحيث يرتبط فكره وسلوكه وحبه وولاءه
ونصرته لما تبنيه وترسخه هذه البرامج من قيم وثقافات مناقضة لثقافة أمته .
والرسوم
المتحركة في أكثر الأحيان تروّج للعبثية وغياب الهدف من وراء الحركة
والسلوك ، والسعي للوصول للنصر والغلبة في خضم حمى السباق والمنافسة بكل
طريق ، فالغاية تبرر الوسيلة !! كما تعمل على تحريف القدوة ؛ وذلك بإحلال
الأبطال الأسطوريين والخرافيين بدل الأئمة المصلحين والقادة الفاتحين ،
وعلى سبيل المثال تجد الرجل الخارق Super man ، والرجل الوطواط Bat man ،والرجل العنكبوت Spider man ، وغيرهم من الشخصيات الوهمية التي لا وجود لها بحيث تضيع القدوة في خضم القوة الخيالية المجردة من أي بعد إيماني .
· رابعاً : التأثير الاقتصادي الاستهلاكي
وذلك بما تعرضه قنوات التلفزة أثناء تقديمها لبرامجها من الدعايات
والإعلانات المبهرة لمختلف المنتجات ، فيتأثر الأطفال بها بل يحفظوا
ألفاظها ، وتكون لديهم رغبة ملحّة في اقتناء تلك المنتجات بصرف النظر عن
قيمتها المالية والغذائية !! وقد يوافقهم الآباء على ذلك تحت الإلحاح
والإصرار .
• خامساً : التأثير الجسمي ( البدني )
ويظهر
ذلك في التأثير على بناء شخصية الطفل وعلى صحته ، وجاء في التقرير الذي
نشرته مجلة اليونسكو عن نتائج الاستطلاع الياباني المتعلق بتأثير وسائل
الإعلام على الطفل : (( إن فيض المعلومات التي تقدمها وسائل الإعلام يعطّل تطور القدرات التأمليّة الخلاّقة لدى الأطفال )) .
المراجع:
- برامج الأطفال على قناة نكلودین، "دراسة وصفیة" ، الباحثة بسمة باسم الغلاییني
- محاضرة للدكتور/ إبراهيم بن حماد الريس الأستاذ المشارك بكلية التربية بعنوان " أثر وسائل الإعلام في تربية الطفل ".