صحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم[امير المؤمنين معاوية إبن ابي سفيان رضي الله عنه
الحمد لله رب المشارق والمغارب..
خلق الإنسان من طين لازب..
ثم جعله نطفة بين الصلب والترائب..
خلق منهُ زوجهُ وجعل منهما الأبناء والأقارب..
تلطف به فنوع له المطاعم والمشارب..
وحمله في البر على الدواب..
وفى البحر على القوارب.
نحمده (تبارك وتعالى) حمد الطامع في المزيد والطالب.
ونعوذ بنور وجهه الكريم من شر العواقب..
وندعوه دعاء المستغفر الوجِل التائب..
أن يحفظنا من كل شرِ حاضر أو غائب.
ونشهد أن لا إله إلا الله القوى الغالب..
شهادة متيقن أن الوحدانية لله أمر لازم وواجب.
ونشهدُ أن نبينا محمدًا عبد الله ورسول الملك الواهب..ما من عاقل إلا وعلم أن الإيمان به حقُ واجب.
سَلِ العُدولَ وسَلّ.. هل عابهُ في الحق عائب..
سَلِ الشُهداء عن.. هل كانت له في الدنيا مئارب..
سَلِ صناديد قريش في طريق بدرِ عن الصادق ومن الكاذب..
سَلِ السيوف.. سَلِ الرماح.. هل حملها مثلهُ مُحارِب.
سَلِ الغار عن الحمامة حيث باضت.. فأغشت أعيُنًا كانت تُراقب..
سَلِ سُراقة عن قوائم حِصانهِ كيف ساغت في الصخر حتى المناكب..
سَلِ أُم مِعبدَ.. كيف سقاها اللبن والشاةً مُجهدة و عازب..
سَلِ الشمس.. سَلِ القمر عن نورِهِ إذا الكُل غارب..
سَلِ السماوات السبع.. هل وطِئَهَا قَبلُه راجل أو راكب..
سَلِ أبوابها كيف تفتحت.. ومَن استقبلهُ على كُل جانب..
سَلِ الروح الأمين.. لماذا توقف عند الحِجاب ومَن الحاجب..
سَلِ الصحابة حُبهم له.. والناس فيما يعشقون مذاهب..
سَلِ سِدرة المُنتهى.. عن كأسِ المحبة من الساقي ومن الشارب.
اللهم صلِّ على الحبيب المصطفى.. أهلِ الفضائل والمواهب..
وعلى الصَحب والآل ومن تَبِع.. عدد ما في الكون من عجائب وغرائب.
اما بعد
فهذه سلسة مباركة تعرفنا بصحابة رسولنا صلى الله عليه وسلم
الصحابة اللذين جاهدوا بأموالهم وانفسهم في سبيل ان يصل إلينا هذا الدين كاملا،وهم من تركوا الاموال
والأولاد ليبتغوا نصرة دين ربهم، فهم خير من مشي فوق الأرض بعد الانبياء والرسل
فمهما قلنا فيهم فلن نوفيهم حقهم.
امير المؤمنين
معاوية إبن ابي سفيان
رضي الله عنه
إسمه ونسبه:
هو معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، ولد في مكة قبل الهجرة بخمس عشرة سنة.
إسلامه:
اختلف هل أسلم معاوية رضي الله عنه قبل الفتح أوبعده
فقيل إن معاوية أسلم يوم الفتح أي أنه أسلم سنة ( 8 هـ ) ، وقيل أنه أسلم قبل الفتح في عمرة القضية ، وفي يوم الفتح كان سنه 23سنة.
جهاده في سبيل الله:
جاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين والطائف
وفي
خلافة أبي بكر ولاه قيادة جيش مدداً لأخيه يزيد بن أبي سفيان وأمره أن
يلحق به فكان غازياً تحت إمرة أخيه وكان على مقدمته في فتح مدن صيدا وعرقه
وجبيل وبيروت وهي سواحل دمشق ثم ولاه عمر ولاية الأردن « ولما توفي يزيد في
طاعون عمواس ولاه عمر بن الخطاب، عمل يزيد على دمشق وما معها« وفي عهد
عثمان جمع لمعاوية الشام كلها فكان ولاة أمصارها تحت إمرته
ولايته:
تولى
معاوية بن ابي سفيان ولاية دمشق في الشام سنة 21هـ في عهد عمر بن الخطاب
بعد موت أخيه يزيد بن أبي سفيان، وقاتل المرتدين في معركة اليمامة وقيل انه
ممن قتل مسيلمة الكذاب ووحد صفوف المسلمين وكان من أكثر العرب وجاهة وقوة
وحكمة ، ومن بعد ذلك أرسلهُ الخليفة أبوبكر مع أخيهِ يزيد لفتح الشام ثم
والياً عليها ثم أقّره الخليفة عثمان بن عفان على الولاية
عام الجماعة:
بايعه
المسلمون كافة سنة 41 هـ، فسميّ ذاك العام بعام الجماعة، لاجتماع كلمة
المسلمين فيه واصبح معاوية بن ابي سفيان خليفة جميع المسلمين وأتخذ من دمشق
عاصمة ومقراً للخلافة الأموية وعمل في فترة خلافتهِ على توحيد البلاد
الإسلامية وتقوية أواصر الدولة, وهو مؤسس لأكبر دولة إسلامية في التاريخ،
وهي الدولة الاموية.
وأستمر معاوية في الملك حتّى وفاته سنة 60 هـ،
فكان بذلك أميراً (20 عامًا)، وخليفةً (20 عاماً) أخرى. ووحد البلاد
الاسلامية شرقاً وغرباً وجعل من عاصمة الخلافة دمشق منارة للعلم والعلماء
ومنبراً يجمع المسلمين.
إجماع المسلمين:
أنتخب معاوية للخلافة انتخاباً عاماً، أي من جميع أهل الحل والعقد من المسلمين وذلك في ربيع الأول سنة 41هـ.
الفتوحات الإسلامية في عهده:
بعد
قيام الدولة الاموية وتولي معاوية بن ابي سفيان الخلافة وتقوية الدولة
الاسلامية استأنف الفتوحات الإسلامية ، في عهد معاوية بن أبي سفيان اتسعت
رقعة بلاد المسلمين جهة بلاد الروم، وبلاد السند ، وكابل ، والأهواز ،
وبلاد ما وراء النهر، وشمال أفريقيا ، حتى وصلت إلى أكبر اتساع لدولة في
تاريخ الإسلام الدولة الاموية ، وقد أنشأ معاوية أول أسطول حربي في تاريخ
الإسلام وفتح به جزيرة قبرص وصقلية ومناطق وجزر في البحر الأبيض المتوسط.
استطاع
معاوية أن يضيق الخناق على الدولة البيزنطية من حدود دولته بالحملات
المستمرة والاستيلاء على جزر رودس وأرواد ، وقد كان لجزيرة ارواد على
الساحل الشامي في سوريا أهمية خاصة لقربها من القسطنطينية، حيث اتخذ منها
الأسطول الإسلامي في حصارهِ الثاني للمدينة أو حرب السنين السبع 54 ـ 60 هـ
قاعدة لعملياته الحربية، وذلك أن معاوية أعد أسطولاً ضخمًا وأرسله ثانية
لحصار القسطنطينية, وظل مرابطًا أمام أسوارها من سنة 54 هـ إلى سنة 60 هـ،
وكانت هذه الأساطيل تنقل الجنود من هذه الجزيرة ارواد إلى البر لمحاصرة
أسوار القسطنطينية، وقد أرهق هذا الحصار البري والبحري والبيزنطيين كما
أنزل جيش المسلمين بالروم خسائر فادحة، وعلى الرغم من ذلك فلم يستطع
المسلمون فتح القسطنطينية.
ومن أجل بناء أسطول إسلامي بحري قوي،
أقام معاوية دارًا لصناعة السفن البحرية في مدن ساحل الشام وفي جزيرة
الروضة ، كما نفذ معاوية خطة لنقل أعداد من العرب المسلمين إلى الجزر في
البحر الأبيض المتوسط لحمايتها ونشر الإسلام على ربوعها. فتم نزول المسلمين
بصقلية عام 48هـ، واستطاع فضالة بن عبيد الأنصاري فتح جزيرة (جربة) عام
49هـ وقد سار إليها على رأس شاتية في ذلك العام.
حسن سياسته رضي الله عنه:
1-انشاء
الدواوين المركزيه: أ-ديوان الرسائل:هو الهيئه المشرفه على تحرير رسائل
الخليفه وأوامره وعهوده. ب-ديوان الخاتم:انشأ معاويه ديوان الخاتم لتحقيق
السريه والامان لمراسلات الدوله.ج-ديوان البريد:حيث ادخل نظام البريد الى
الدوله الاسلاميه. د-نظام الكتبه:حيث عين كاتبا لديوان الرسائل،وكاتبا
لديوان الخراج،وثالثا لديوان الجند،ورابعا لديوان، الشرطه وخامسا لديوان
القضاء.
2-توطين الامن في خلافته
: 1-الحاجب:حيث كان اول من اتخذ
الحاجب في الاسلام،لكي يتجنب محاولات الاعتداء عليه.2-الحرس:وهو ايضا اول
من اتخذ الحرس في الدوله الاسلاميه،خوفا من الخوارج الذين يريدون قتله.
3-الشرطه:وظيفتها المحافظه على الامن والنظام.4-حسن اختيار الرجال
والاعوان. 5-اتباع سياسه الشده واللين.6 - الاهتمام ببناء الجيش الاسلامي.
روايته رضي الله عنه:
حدّث
عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن أخته أمّ المؤمنين أمّ حبيبة، وعن أبي
بكر وعمر، وحدّث عنه: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن الزبير، والنعمان بن
بشير، وجرير بن عبدالله، وسعيد بن المسيّب وغيرهم. من ذلك حديث (من يرد
الله به خيرًا يفقّهه في الدين) وحديث (تفترق أمّتي ...) و (الطائفة
المنصورة...) وغيرها من الأحاديث.
اقوال النبي صلى الله عليه وسلم فيه والصحابة والتابعين:
ثبت
في الصحيح أنه كان فقيهاً يعتد الصحابة بفقههِ واجتهاده ؛ فقد روى البخاري
في صحيحه في كتاب المناقب عن أبي مليكة قال: "أوتر معاوية بعد العشاء
بركعة وعنده مولى لابن عباس ؛ فأتى ابن عباس فأخبرهُ، فقال: دعهُ؛ فإنه قد
صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية أخرى قيل لابن عباس: "هل لك
في أمير المؤمنين معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة، قال: أصاب فإنه فقيه .
وقد
كان لمعاوية شرف قيادة أول حملة بحرية، وهي التي شبهها النبي صلى الله
عليه وسلم بالملوك على الأَسِرَّة ؛ فقد روى البخاري في صحيحه من طريق أنس
بن مالك : "عن خالته أم حرام بنت ملحان قالت: نام النبي صلى الله عليه وسلم
يومًا قريبًا مني، ثم استيقظ يبتسم، فقلت: ما أضحكك؟ قال: أناس من أمتي
عرضوا علي يركبون هذا البحر الأخضر كالملوك على الأسرة، قالت: فادع الله أن
يجعلني منهم، فدعا لها، ثم نام الثانية، ففعل مثلها فقالت قولها، فأجابها
مثلها، فقالت: ادع الله أن يجعلني منهم، فقال: أنت من الأولين، فخرجت مع
زوجها عبادة بن الصامت غازيًا أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية، فلما
انصرفوا من غزوتهم قافلين فنزلوا الشام، فَقُرِّبَت إليها دابة لتركبها
فصرعتها فماتت.." .
وأخرج البخاري : من طريق أم حرام بنت ملحان ا قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أول جيش من أمتي يغزون البحر قد
أوجبوا"..قالت أم حرام: قلت: يا رسول الله أنا فيهم؟ قال: أنتِ فيهم، ثم
قال النبي صلى الله عليه وسلم "أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر ـ أي
القسطنطينية -مغفور لهم"..فقلت: أنا فيهم يا رسول الله ؟ قال: لا. ومعنى
أوجبوا : أي فعلوا فعلاً وجبت لهم به الجنة.." ، ومن المتفق عليه بين
المؤرخين أن غزو البحر وفتح جزيرة قبرص كان في سنة 27 هـ في إمارة معاوية
على الشام أثناء خلافة عثمان .
قال الصحابي سعد بن أبي وقاص عنهُ: ما رأيت أحدًا بعد عثمان أقضى بحق من صاحب هذا الباب ( يعني معاوية ) .
وروى
الإمام البخاري: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " أول جيش من أمتي يغزون
البحر قد أُوجِبوا ". وكانت أول غزوة بحرية بقيادة معاوية في عهد أمير
المؤمنين عثمان متجهة لفتح قبرص.
وروى الإمام الهيثمي: قال النبي صلى
الله عليه وسلم عن معاوية: " أول هذا الأمر نبوةً ورحمة، ثم يكون خلافةً
ورحمة، ثم يكون ملكاً ورحمة ". فمعاوية أول ملوك الرحمة مباشرةً بعد حقبة
خلافة الرحمة
وقال ابن عباس: " ما رأيت رجلاً أخلق للملك من معاوية، لم
يكن بالضيّق الحصر ". وعنه قال: " إذا ذهب بنو حربٍ ذهب حلماء الناس "،
-وحرب هذا جد معاوية لأبيه- .
وقال ابن عمر:: " ما رأيت بعد رسول الله
أسود من معاوية " -أي: من السيادة-، قيل: " ولا أبو بكر وعمر؟ "، فقال: "
كان أبو بكر وعمر خيراً منه، وما رأيت بعد رسول الله أسود من معاوية ".
قال كعب بن مالك: " لن يملك أحدٌ هذه الأمة ما ملك معاوية ".
وعن قبيصة بن جابر قال: " صحبت معاوية فما رأيت رجلاً أثقل حلمًا، ولا أبطل جهلاً، ولا أبعد أناةً منه ".
عن أبي إسحاق قال: " كان معاوية؛ وما رأينا بعدهُ مثله ".
_