الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1045433 توقيع المنتدى :
| موضوع: الإعتماد على الحساب الفلكي في إثبات دخول شهر رمضان وخروجه للشيخ ابن باز رحمه الله السبت يوليو 23, 2011 4:22 am | |
| الإعتماد على الحساب الفلكي في إثبات دخول شهر رمضان وخروجه للشيخ ابن باز رحمه الله الإعتماد على الحساب الفلكي في إثبات دخول شهر رمضان وخروجه ص -393- الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله محمد، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فقد كثر الكلام حول العمل بالحساب الفلكي في دخول شهر رمضان وخروجه، وتحديد الأعياد؛ فرأيت إيضاح الحكم وبيانه لعامة الناس في هذه البلاد وغيرها ليكونوا على بصيرة في عبادتهم لربهم، فأقول وبالله التوفيق: إن الله سبحانه وتعالى علق بالهلال أحكاما كثيرة، كالصوم والحج والأعياد والعدد والإيلاء وغيرها؛ لأن الهلال أمر مشهود مرئي بالأبصار، ومن أصح المعلومات ما شوهد بالأبصار، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الحكم بالهلال معلقا على الرؤية وحدها؛ لأنها الأمر الطبيعي الظاهر الذي يستطيعه عامة الناس؛ فلا يحصل لبس على أحد في أمر دينه كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب؛ الشهر هكذا وهكذا، يعني مرة تسعة وعشرين ومرة ثلاثين"، وقال: "لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه؛ فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين". ومن هذا يتبين أن المعول عليه في إثبات الصوم والفطر وسائر الشهور هو الرؤية أو إكمال العدة، ولا عبرة شرعا بمجرد ولادة القمر في إثبات الشهر القمري بدءا وانتهاءً - بإجماع أهل العلم المعتد بهم - ما لم تثبت رؤيته شرعا، وهذا بالنسبة لتوقيت العبادات، ومن خالف في ذلك من المعاصرين فمسبوق بإجماع من قبله وقوله مردود؛ لأنه لا كلام لأحد مع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. أما حساب الشمس والقمر فلا يعتبر في هذا المقام لما يأتي:
ص -394- أ- إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالصوم لرؤية الهلال والإفطار لها في قوله: "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته"، وحصر ذلك فيها بقوله: "لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه"، وأمر المسلمين إذا غم ليلة الثلاثين أن يكملوا العدة، ولم يأمر بالرجوع إلى علماء النجوم، ولو كان قولهم هو الأصل وحده أو أصلا آخر مع الرؤية في إثبات الشهر لبين ذلك، فلما لم ينقل ذلك بل نقل ما يخالفه دل ذلك على أنه لا اعتبار شرعا لما سوى الرؤية أو إكمال العدة ثلاثين في إثبات الشهر، وأن هذا شرع مستمر إلى يوم القيامة، وما كان ربك نسيا، ودعوى أن الرؤية في الحديث يراد بها العلم أو غلبة الظن بوجود الهلال أو إمكان رؤيته لا التعبد بنفس الرؤية مردودة؛ لأن الرؤية في الحديث متعدية إلى مفعول واحد فكانت بصرية لا علمية، ولأن الصحابة فهموا أنها رؤية بالعين، وهم أعلم باللغة ومقاصد الشريعة من غيرهم، وجرى العمل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهدهم على ذلك، ولم يرجعوا إلى علماء النجوم في التوقيت. ولا يصح أيضا أن يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: "فإن غم عليكم فاقدروا له" أراد أمرنا بتقدير منازل القمر لنعلم بالحساب بدء الشهر ونهايته؛ لأن هذه الرواية فسرتها رواية "فاقدروا له ثلاثين" وما في معناها، ومع ذلك فالذين يدعون إلى توحيد أوائل الشهور يقولون بالاعتماد على حساب المنازل في الصحو والغيم، والحديث قيّد القدر له بحالة الغيم. ب- إن تعليق إثبات الشهر القمري بالرؤية يتفق مع مقاصد الشريعة السمحة؛ لأن رؤية الهلال أمرها عام يتيسر لأكثر الناس من العامة والخاصة في الصحاري والبنيان، بخلاف ما لو علق الحكم بالحساب فإنه يحصل به الحرج ويتنافى مع مقاصد الشريعة؛ لأن أغلب الأمة لا يعرف الحساب، ودعوى زوال وصف الأمية بعلم النجوم عن الأمة غير مسلّمة، ولو سلمت فذلك لا يغير حكم الله؛ لأن التشريع عام للأمة في جميع الأزمنة. ج – إن علماء الأمة في صدر الإسلام قد أجمعوا على اعتبار الرؤية في إثبات الشهور القمرية دون الحساب، فلم يعرف أن أحدا منهم رجع إليه في ذلك عند الغيم ونحوه، أما عند الصحو فمن باب أولى. د- تقدير المدة التي يمكن معها رؤية الهلال بعد غروب الشمس لولا المانع من الأمور الاعتبارية الاجتهادية التي تختلف فيها أنظار أهل الحساب، وكذا تقدير المانع؛ فالاعتماد على ذلك في توقيت العبادات لا يحقق الوحدة المنشودة، ولهذا جاء الشرع باعتبار الرؤية فقط دون الحساب رحمة للأمة، وحسما لمادة الاختلاف، وردا لهم إلى أمر يعرفونه جميعا أينما كانوا.
ص -395- هذا وينبغي الانتباه إلى أن اختلاف المطالع من المسائل التي حصل فيها الاختلاف بين أهل العلم، وقد درستها هيئة كبار العلماء في إحدى دوراتها السابقة واتخذت قرارا بالأكثرية مضمونه: أن الأرجح قول من قال إن لكل أهل بلد رؤيته، وعليهم أن يرجعوا إلى علمائهم في ذلك؛ عملا بما رواه مسلم في صحيحه من حديث كريب عن ابن عباس ونصه: "عن كريب أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية في الشام، قال: فقدمت الشام فقضيت حاجتها، واستهل علي رمضان وأنا بالشام فرأيت الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة آخر الشهر فسألني عبد الله بن عباس، ثم ذكر الهلال فقال: متى رأيتم الهلال؟ فقلت رأيناه ليلة الجمعة، فقال: أنت رأيته؟ فقلت: نعم ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال: لكنا رأيناه ليلة السبت؛ فلا نزال نصوم حتى نكمل الثلاثين أو نراه؛ فقلت: أولا تكتفي برؤية معاوية؟ فقال: لا هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشك يحيى بن يحيى في نكتفي أو تكتفي". ا?. فأما قول من قال إنه ينبغي أن يكون المعتبر رؤية هلال مكة خاصة؛ فلا أصل له ولا دليل عليه، ويلزم أن لا يجب الصوم على من ثبتت رؤية الهلال عندهم من سكان جهات أخرى إذا لم ير الهلال بمكة. وختاما أسأل الله أن يمن على المسلمين بالفقه في دينه، والعمل بكتابه وسنة نبيه، وأن يعيذهم من مضلات الفتن، وأن يولي عليهم خيارهم إنه سميع قريب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين. |
| |
|