الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 30 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1045713 توقيع المنتدى :
| موضوع: الرقابة الخضراء ومكافحة الفساد البيئي! الخميس سبتمبر 01, 2011 7:30 am | |
| الرقابة الخضراء ومكافحة الفساد البيئي! |
يشكل النظام العام للبيئة ولائحته التنفيذية الصادرة بالمرسوم الملكي رقم (م/34) وتاريخ 28/7/1422 نقطة تحول مهمة في مسيرة العمل البيئي بالمملكة وخاصةً في ضوء تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية القائمة. ولذلك بدأت الضغوط تتزايد على الجهات الحكومية والشركات والمؤسسات في القطاع الخاص نتيجة ظهورالنظام وتطويرالقوانين البيئية التي تدعم اتجاه التنمية المستدامة والمحافظة على البيئة، فزادت تكاليف الالتزام بالأنظمة البيئية، والتي تدخل في إطارها تكاليف الغرامات والمخالفات واختيارتكنولوجيا ومعايير تتوافق مع حماية البيئة ومكافحة التلوث. ونتيجة لتلك الضغوط كان لابد من وجود نظام رقابي فعّال على معالجة قضايا البيئة، وكيفية الالتزام بالأنظمة والتعليمات والقواعد والنظم التي تتعامل معها، فظهر نوع جديد من أنواع الرقابة يسمى (المراجعة البيئية)، وبدأت محاولات وضع أهداف محددة له، وتحديد لمجال عمله والأساليب التي يمكن استخدامها للوفاء بأهدافه، وكان من أهم تلك المحاولات مؤتمرالأجهزة العليا للرقابة (الأنكوساي) المنعقد في القاهرة عام 1995، والذي أوصى بوضع دليل إرشادي يتضمن توجيهات ومنهجيات لتنفيذ عمليات الرقابة ذات التوجه البيئي، مستندين في ذلك على معايير الرقابة الحكومية الصادرة عن المنظمة الدولية (الانكوساي). وقد يتساءل البعض عن سبب تدخل المنظمات الرقابية في القضايا البيئة بالرغم من وجود جهات معنية بذلك، مثل وزارات البيئة في دول العالم، والرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة في المملكة، والتي من مهامها الرئيسة الرقابة على البيئة، وبالتالي لا حاجة إلى وجود رقابة من قبل الأجهزة الرقابية الأخرى مثل ديوان المراقبة العامة؟ وفي الحقيقة إن السبب الرئيس في هذا التدخل يتمثل في الشعور بضرورة وجود رقابة مستقلة ومن جهات محايدة على الأنشطة البيئية، والتقارير الصادرة من الجهات ذات العلاقة بالشأن البيئي، بما فيها الجهات المسؤولة عن الإشراف البيئي مثل الرئاسة العامة للأرصاد وحماية البيئة. وفي المملكة تبنى ديوان المراقبة العامة الرقابة البيئية، وجعلها من ضمن استراتيجياته ومهامه، بل وجعلها عنصراً رابعاً من عناصر رقابة الأداء، والتي تعتبر من اختصاصاته الرئيسة، فقد نصت معايير الديوان على: "عند تطبيق عناصر مراجعة الأداء (الاقتصادية، الكفاءة، الفعالية)، يجب الأخذ في الاعتبار المحافظة على البيئة وتنميتها ابتداءً، فإن كان ولابد من تأثير سلبي على البيئة فيجب أن يكون عند أدنى مستوى ممكن". وبالرغم من أهمية قيام الديوان بهذا النوع من الرقابة، وكذلك الدور الرقابي والإشرافي للرئاسة، إلا أن هناك تحديات وصعوبات تواجه العمل البيئي في مجال الرقابة على أرض الواقع، تتمثل في الجهات الحكومية والشركات والمؤسسات ذات العلاقة بالشأن البيئي. ومن أهم هذه التحديات ما توصلت إليه إحدى الدراسات المهتمة بالبيئة في المملكة من نتائج تتمثل في الآتي: • الانخفاض في مستوى مزاولة المحاسبة البيئية، والإفصاح عن المعلومات البيئية من قبل الشركات العاملة في المملكة مقارنة بالشركات العاملة في الدول المتقدمة. • انخفاض مستوى الوعي الاجتماعي بالأمور البيئية، وعدم وجود الاهتمام الكافي من الجهات الحكومية ذات العلاقة بالبيئة والجهات التشريعية المحاسبية وانعدام التنسيق فيما بينها، وعدم الاهتمام من قبل إدارات المنشآت، وأخذ زمام المبادرة بتبني سياسات وإجراءات بيئية تؤدي إلى قياس وتحليل وعرض آثار مزاولة تلك المنشآت لأنشطتها على البيئة. • الإفصاح من قبل الشركات تطوعي وحسب رغبة إدارة المنشأة، ويتم من خلال الصحافة، وليس بطريقة منتظمة من خلال تقارير دورية، علماً بأن تلك المعلومات المفصح عنها لا يمكن التأكد من مصداقيتها من خلال طرف ثالث محايد. وبالرغم من أهمية نتائج الدراسة السابقة وتسليط الضوء على أهم التحديات التي تواجه الرقابة البيئية، إلا أنها تركز على الرقابة والمحاسبة البيئية من الناحية المالية فقط، وعلى وجه الخصوص في الشركات والمؤسسات، ولكن ماذا عن الالتزام بالأنظمة والقوانين البيئية وماذا عن الأداء البيئي؟ وماذا عن الجهات الحكومية أيضاً؟ لذا أجد من المناسب هنا التطرق إلى دور إدارات المراجعة الداخلية، سواء كانت في الشركات والمؤسسات أو في الجهات الحكومية، فحسب مفهوم الرقابة البيئية الذي أقرته المنظمات الدولية، فإن هذه المسؤولية تقع على عاتق هذه الإدارات أيضاً، إلا أن الملاحظ أن المهنة لم تستوعب ذلك النوع من المراجعة في المملكة، وتتم ممارسة أعمال المراجعة البيئية بعيدا عن أقسام المراجعة الداخلية، هذا إن وجدت في الأساس، ومما لاشك فيه أن عدم ممارسة ذلك النوع من الرقابة داخل أقسام المراجعة الداخلية، سيؤدي إلى عدم الوصول إلى الفعالية الكاملة لنظم الرقابة المطبقة، حيث إن أحد المخاطر الرئيسة بالجهة والخاصة بالبيئة لا يقرر عنها المراجع الداخلي. وتجدر الإشارة هنا إلى أن اللائحة الموحدة لوحدات المراجعة الداخلية، وكذلك الدليل الإرشادي الخاص بها والصادر عن ديوان المراقبة العامة؛ يشير صراحةً إلى أن من المهام الرئيسة لهذه الوحدات قيامها بالرقابة على الأداء، والتي من ضمنها عنصر الرقابة على البيئة، لذا من الضروري جداً إلزام هذه الوحدات بالرقابة على البيئة، وتأهيل المراجعين الداخليين للقيام بأعبائها. وليس هذا فحسب، بل يستلزم الأمر قيام المراجع القانوني للشركات والمؤسسات بالمراجعة البيئية بالكفاءة المطلوبة، فلابد له من تقييم مدى ملاءمة المراجعة الداخلية ومدى تأثيرها على خطة عمله بخصوص المراجعة البيئية، وذلك حتى يمكنه الوفاء بالتزاماته نحو التأكيد على مدى وفاء الشركة بالتزاماتها نحو الأنظمة والقوانين البيئية. كما آمل من الهيئات المهنية والحكومية إصدار معايير رقابية في المجال البيئي تلزم جميع الأطراف والجهات بالوفاء بها، ولا يفوتني هنا أيضاً أن أشير إلى دور الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والمتمثل في كشف قضايا الفساد ذات الأثر البيئي وذلك في ممارسة أعمالها مستقبلاً.
| | |
|