الأستاذ لشهب يونس
المدير العام
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 29 تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1041873 توقيع المنتدى :
| موضوع: الالتفات عند أهل البلاغة الإثنين يونيو 20, 2011 11:34 am | |
| الالتفات عند أهل البلاغة والبيانالالتفات هو عند أهل البلاغة والبيان : التعبير عن معنى من المعانى بطريق من الطرق الثلاثة : التكلم والخطاب والغيبة . وهو من أجل علوم البلاغة ،وهو أمير جنودها،والواسطة فى قلائدها وعقودها ،وهو فن ملاكه الذوق السليم ، والوجدان الصادق . وسمى بذلك لأنه مأخوذ من التفات الإنسان عن يمينه وشماله ، فهو يقبل بوجهه تارة كذا ، وتارة كذا ، وكذلك يكون هذا النوع من الكلام خاصة ، لأنه ينتقل فيه من صيغة إلى صيغة، ومن خطاب إلى غيبة ، ومن غيبة إلى خطاب ، إلى غير ذلك من أنواع الالتفات . ويسمى أيضا بـ شجاعة العربية: لأن الشجاعة هى الإقدام ، وذاك أن الرجل الشجاع ، يركب ما لا يستطيعه غيره ، وكذلك هذا الالتفات فى الكلام ،ذلك أن اللغة العربية تختص به دون غيرها من اللغات .وله فى الأساليب العربية ست صور هى:- وهذه الصور توجد فى القرآن الكريم .ما عدا الصورة الثالثة والخامسة، وهى الانتقال من الخطاب إلى التكلم ومن الغيبة الى التكلم ، فلم أعثر لها على شاهد فى القرآن الكريم . الصورة الأولى : الانتقال من التكلم إلى الخطاب :- {وما لى لا أعبد الذى فطرنى وإليه ترجعون } فقد التفت من التكلم فى قوله :{وما لى لا أعبد الذى فطرنى} إلى الخطاب فى قوله :{ وإليه ترجعون}،لكى يخرج الكلام فى معرض مناصحته لنفسه ، وهو يريد نصح قومه ، تلطفا وإعلاما بأنه يريده لنفسه ،ثم التفت إليهم ، لكونه فى مقام تخويفهم ،ودعوتهم إلى الله ، وأيضا فإن قومه ، لما أنكروا عليه عبادته لله ، أخرج الكلام معهم بحسب حالهم ، فاحتج عليهم بأنه يقبح منه ألا يعبد فاطره ومبدعه ، ثم حذرهم بقوله : { وإليه ترجعون }. الصورة الثانية : الانتقال من التكلم إلى الغيبة .انتقل القرآن من التكلم فى قوله :{إنا فتحنا لك فتحا مبيناً} إلى الغيبة فى قوله: {ليغفر لك الله} تعليقاً لهذه المغفرة التامة باسمه المتضمن لسائر اسمائه الحسنى،ولهذا علق به النصر، فقال:{وينصرك الله نصراً عزيزاً} . ومنها قوله تعالى :{الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين , إياك تعبد وإياك نستعين ,اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين} الصورة الثالثة : الانتقال من الخطاب إلى التكلم . لا يوجد لها شاهد فى القرآن الكريم الصورة الرابعة:الانتقال من الخطاب إلى الغيبة:انتقل القرآن من الخطاب فى قوله:{جاءوك} إلى الغيبة فى قوله:{واستغفر لهم الرسول} تفخيماً لشأن الرسول ،وتعظيماً لاستغفاره، وتنبيهاً على أن شفاعة الرسول من الله بمكان ، وعلى أن هذا الوصف الشريف ، وهو إرسال الله إياه موجب لطاعته، وعلى أنه مندرج فى عموم قوله :{وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله} الصورة الخامسة : الانتقال من الغيبة إلى التكلم .لا يوجد لها شاهد فى القرآن الكريم الصورة السادسة:الانتقال من الغيبة إلى الخطاب.انتقل القرآن من الغيبة فى قوله:{الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم,مالك يوم الدين} إلى الخطاب فى قوله : (إياك نعبد وإياك نستعين)، لأن العبد إذا افتتح حمد مولاه بقوله : (الحمد لله) الدال على اختصاصه بالحمد، وجد من نفسه التحرك للإقبال عليه - سبحانه - فإذا انتقل إلى قوله :{رب العالمين} الدال على ربوبيته لجميعهم، قوى تحركه، فإذا قال:{الرحمن الرحيم} الدال على أنه منعم بأنواع النعم،جليلها وحقيرها ،تزايد التحرك عنده، فإذا وصل{مالك يوم الدين} وهو خاتمة الصفات الدالة على أنه مالك الأمر كله يوم الجزاء ، وجد من نفسه حاملا، لا يقدر على دفعه على خطاب من هذه صفاته بتخصيصه بغاية الخضوع، والاستعانة فى المهمات. وقيل: إن سر الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، هو التنبيه على أن مبدأ الخلق الغيبة منهم عنه - سبحانه - وقصورهم عن محاضرته ومخاطبته، وقيام حجاب العظمة عليهم ، فإذا عرفوه بما هو له ، وتوسلوا للقرب بالثناء عليه، وأقروا بالمحامد له . وتعبدوا له بما يليق به ، تأهلوا لمخاطبته ، ومناجاته ، فقالوا : {إياك نعبد وإياك نستعين}.وقيل : لأنه لما ذكر الحقيقة بالحمد، وأجرى عليه الصفات العظيمة من كونه ربا للعاملين ، ورحماناً ورحمياً ، ومالكاً ليوم الدين تعلق العلم بمعلوم عظيم الشأن ، حقيق بأن يكون معبوداً ، دون غيره، مستعاناً به ، فخوطب بذلك ، لتميزه بالصفات المذكورة تعظيماً لشأنه كله ، حتى كأنه قيل : إياك يا من هذه صفاته نخص بالعبادة والاستعانة لا غيرك. من إسرار الالتفات فى القرآن إن من يمعن النظر فى شواهد الالتفات فى القرآن ، يتضح له أنها تشتمل على كثير من الأسرار البلاغية ، واللطائف الأدبية ، التى تهز العواطف ، وتحرك الأحاسيس والمشاعر.ومن هذه الشواهد قوله تعالى حكاية عن حبيب النجار :ومنها قوله تعالى: {وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون}.انتقل القرآن من الخطاب إلى الغيبة، للمبالغة فى المدح . قال الزمخشرى: وقوله تعالى:{فأولئك هم المضعفون} التفات حسن، كأنه قال لملائكته، وخواص خلقه: فأولئك الذين يريدون وجه الله بصدقاتهم ، هم المضعفون ، فهو أمدح من أن يقول : فأنتم المضعفون . وتابعه فيما ذهب إليه الألوسى - رحمه الله - . وقيل: إنما اختير للحمد الغيبة، وللعبادة الخطاب؛ للإشارة إلى أن الحمد دون العبادة فى الرتبة، فإنك تحمد نظيرك ، ولا تعبده ، إذ الإنسان يحم من لا يعبده، ولا يعبد من لا يحمده ، فلما كان كذلك استعمل لفظ " الحمد" لتوسطه مع الغيبة فى الخبر ، فقال: الحمد لله " ، ولم يقل "الحمد لك" ، ولفظ (العبادة) مع الخطاب، فقال {إياك نعبد} ؛ لينسب إلى العظيم حال المخاطبة والمواجهة، ما هو أعلى رتبة ، وذلك على طريقة التأدب.-------------------------------------------
| |
|