بارك الله فيكم
قال العلامة ابن باز-رحمه الله- في مجموع فتاويه(1) جوابا عن السؤال التالي:
السؤال : هل يمكن أن يستفاد من مدارسة جبريل عليه السلام للنبي - صلى الله عليه وسلم - القرآن في رمضان أفضلية ختم القرآن ؟
الجواب :
يستفاد
منها المدارسة وأنه يستحب للمؤمن أن يدارس القرآن من يفيده وينفعه ؛ لأن
الرسول عليه الصلاة والسلام دارس جبرائيل للاستفادة ؛ لأن جبرائيل هو الذي
يأتي من عند الله جل وعلا ، وهو السفير بين الله والرسل.
فجبرائيل
لا بد أن يفيد النبي - صلى الله عليه وسلم - أشياء من جهة الله عز وجل ،
من جهة إقامة حروف القرآن ومن جهة معانيه التي أرادها الله ، فإذا دارس
الإنسان من يعينه على فهم القرآن ومن يعينه على إقامة ألفاظه فهذا مطلوب ،
كما دارس - النبي صلى الله
عليه
وسلم - جبرائيل ، وليس المقصود أن جبرائيل أفضل من النبي عليه الصلاة
والسلام ، لكن جبرائيل هو الرسول الذي أتى من عند الله فيبلغ الرسول عليه
الصلاة والسلام ما أمره الله به من جهة القرآن ومن جهة ألفاظه ومن جهة
معانيه ، فالرسول عليه الصلاة والسلام يستفيد من جبرائيل من هذه الحيثية ،
لا أن جبرائيل أفضل منه عليه الصلاة والسلام بل هو أفضل البشر ، وأفضل من
الملائكة عليه الصلاة والسلام ، لكن المدارسة فيها خير كثير للنبي - صلى
الله عليه وسلم - وللأمة ؛ لأنها مدارسة لما يأتي به من عند الله وليستفيد
مما يأتي به من عند الله عز وجل.
وفيه
فائدة أخرى وهي أن المدارسة في الليل أفضل من النهار ؛ لأن هذه المدارسة
كانت في الليل ومعلوم أن الليل أقرب إلى اجتماع القلب وحضوره والاستفادة
أكثر من المدارسة نهارا.
وفيه
أيضا من الفوائد : شرعية المدارسة وأنها عمل صالح حتى ولو في غير رمضان ؛
لأن فيه فائدة لكل منهما ولو كانوا أكثر من اثنين فلا بأس يستفيد كل منهم
من أخيه ويشجعه على القراءة وينشطه ، فقد يكون لا ينشط إذا جلس وحده لكن
إذا كان معه زميل له يدارسه أو زملاء كان ذلك أشجع له وأنشط له مع عظم
الفائدة فيما يحصل بينهم من المذاكرة والمطالعة فيما قد يشكل عليهم كل ذلك
فيه خير كثير.
ويمكن
أن يفهم من ذلك أن قراءة القرآن كاملة من الإمام على الجماعة في رمضان نوع
من هذه المدارسة ؛ لأن في هذا إفادة لهم عن جميع القرآن ، ولهذا كان
الإمام أحمد رحمه الله يحب ممن يؤمهم أن يختم بهم القرآن ، وهذا من جنس
عمل السلف في محبة سماع القرآن كله ، ولكن ليس هذا موجبا ؛ لأن يعجل ولا
يتأنى في قراءته ، ولا يتحرى الخشوع والطمأنينة بل تحري هذه الأمور أولى
من مراعاة الختمة.
__________
(1) من ضمن الأسئلة الموجهة لسماحته المنشورة في رسالة : ( الجواب الصحيح من أحكام صلاة الليل والتراويح ).
وقال العلامة العثيمين-رحمه الله- في جلسات رمضانية:
السؤال
حرص بعض الأئمة على ختم القرآن في التراويح هل هو بدعة أم سنة؟
الجواب
لا
أعلمه سنة عن الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن أهل العلم يقولون: ينبغي
للإمام أن يقرأ جميع القرآن في صلاة التراويح من أجل أن يسمع المأمومين كل
القرآن، ويستحب أن يختم ختمة في كل رمضان.
وقال رحمه الله في برنامج نور على الدرب جوابا عن السؤال:
بارك
الله فيكم المستمعة أم هند من عسير بالمملكة العربية السعودية تقول ما حكم
تجميع ختمات القرآن الكريم في أيام معينة مثل أن يقرأ القرآن حتى الجزء
الثلاثين ليبدأ مرة أخرى حتى الجزء الثلاثين ثم يقرأ الجزء الثلاثين في
ليلة السابع والعشرين من رمضان.
فأجاب رحمه الله تعالى:
"
هذا السؤال غير واضح كما ينبغي لكن ينبغي أن يعلم أن الإمام الذي يصلى
بالناس في قيام رمضان لا يطلب منه أن يقرأ القرآن كله على سبيل الوجوب بل
يقرأ ما تيسر فإن تمكن من قراءة القرآن كله فهذا طيب حتى يسمع الناس جميع
القرآن في هذا الشهر الذي أنزل فيه القرآن وإن لم يتمكن من ذلك واقتصر على
بعض القرآن فلا حرج عليه لعموم لقوله تعالى (فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ
مِنْ الْقُرْآنِ) وقول النبي صلى الله عليه وسلم (اقرأ ما تيسر معك من
القرآن)..."
وأجاب رحمه الله في اللقاء الشهري بما يلي:
[
السؤال ]فضيلة الشيخ: نرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا المدة التي يختم فيها
القرآن الكريم وما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام؟
الجواب:
أدنى
مدة يقرأ فيها القرآن ثلاثة أيام، وإن كان قد ورد عن بعض التابعين أنهم
كانوا يختمون القرآن في رمضان خاصة في يوم وليلة، لكن الأفضل الاقتصار على
ثلاثة أيام، وإن جعلها خمسة أيام أو ستة أيام فلا بأس، وإن جعلها في الشهر
مرة أو مرتين فلا بأس، الأمر في هذا واسع، المهم أن يكون لرمضان مزية في
تلاوة القرآن.
وأجاب الشيخ عبد الرزاق عفيفي -رحمه الله- في فتاويه:
السؤال: سئل الشيخ هل من السنة المواظبة على ختم القرآن فى التراويح ؟
فقال الشيخ - رحمه الله - :
"المقصود
ختم القرآن فى رمضان لكن ليس المقصود ختمه فى الصلاة ودعاء ختم القرآن
مخترع وتخصيصه بوتر آخر رمضان لم يرد وتراجع رسالة الشيخ بكر أبو زيد"
دعاء ختم القرآن المنسوب لشيخ الإسلام لا يصح ! للإمام الألباني رحمه الله
قال الإمام الألباني رحمه الله تعالى :
( تنبيه ) :
إن
الدعاء المطبوع في آخر بعض المصاحف المطبوعة في تركيا وغيرها ، تحت عنوان
: ( دعاء ختم القرآن ) والذي ينسب لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى
، فهو مما لا نعلم له لأصلا عن ابن تيمية أو غيره من علماء الإسلام ، وما
كنت أحب أن يلحق بآخر المصحف الذي قام بطبعه المكتب الإسلامي في بيروت سنة
( 1386 ) على نفقة الشيخ أحمد بن علي بن عبد الله آل ثاني رحمه الله ، وإن
كان قد صدر بعبارة ( المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية ) فإنها لا تعطي أن
النسبة إليه لا تصح فيما يفهم عامة الناس ، وقد أمرنا أن نكلم الناس على
قدر عقولهم !
وما لا شك فيه أن التزام دعاء معين بعد ختم القرآن من
البدع التي لا تجوز ، لعموم الأدلة ، كقوله صلى الله عليه وسلم : ( كل
بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار ) وهو من البدع التي يسميها الإمام
الشاطبي ب ( البدعة الإضافية ) ، وشيخ الإسلام ابن تيمية من أبعد الناس عن
أن يأتي بمثل هذه البدعة ، كيف وهو كان له الفضل الاول – في زمانه وفيما
بعده – بإحياء السنن وإماتة البدع ؟ جزاه الله خيرا .
السلسلة الضعيفة – تحت حديث – رقم ( - 6135 – المجلد الثالث عشر - ص 315 )
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:
"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير, وكان أجود ما يكون في رمضان, وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان, يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن, فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة".
[متفق عليه]
قلت:
في الحديث دليل واضح على فضل مدارسة القرآن في رمضان وكثرة القراءة
قال
الإمام ابن رجب : دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع
على ذلك ، وعرض القرآن على من هو أحفظ له … و فيه دليل على استحباب
الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان.
[ لطائف المعارف 354،355 ].
وقال
رحمه الله : و في حديث ابن عباس أن المدارسة بينه و بين جبريل كانت ليلا
يدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلا فإن الليل تنقطع فيه
الشواغل و يجتمع فيه الهم ، ويتواطأ فيه القلب و اللسان على التدبر كما
قال تعـالى { إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا } [ لطائف المعارف
355 ]
قلت:
ولا أظن أن أحداً يقول بعدم استحباب ختم القرآن في رمضان أو في غير رمضان
فعن عبد الله بن عمرو قال: جمعت القرآن فقرأته كله في ليلة, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
إني أخشى أن يطول عليك الزمان وأن تمل فاقرأه في شهر,
فقلت دعني أستمتع من قوتي وشبابي, قال فاقرأه في عشرة, قلت دعني أستمتع من
قوتي وشبابي, قال فاقرأه في سبع قلت دعني أستمتع من قوتي وشبابي فأبي"
[صححه الألباني: ابن ماجه 1346]
ففي الحديث إذن عام من رسول الله صلى الله عليه وسلم بقراءة القرآن في شهر ومن باب أولى أن يكون الاجتهاد في رمضان. والله أعلم.