~~ •.♥.• الإعجاز فى الحيوان ~~ •.♥.• جزء 2
كيفية تعرّف أفراد العائلة الواحدة على بعضهم البعض
ينبغي
على أفراد العائلة الواحدة أن يملكوا آلية خاصة للتعرف على بعضهم البعض،
وبواسطة هذه الآلية الخاصة للتعارف تستطيع الكائنات الحية التي تعيش على
شكل مجموعات كبيرة أو مستعمرات أن تتعرف على صغارها أو أزواجها وحتى على
آبائها أو أمّهاتها أو أشقّاءها. ووسيلة التعرف تختلف من حيوان لآخر،
فالطيور التي تبني أعشاشها على الأرض مثلا تتعرف على فراخها عن طريق الصوت
والشكل الخارجي، ومنها طائر النورس الذي يقتات على سمكة الرّينكا. و يعيش
هذا الطائر ضمن مجموعات كبيرة العدد ويستطيع أن يميز صوت فراخه وسط
الزّحام الهائل دون أن يختلط عليه الأمر بين باقي الأصوات حتى وإن كانت
الفراخ بعيدة عن بصره. وعند دخول طائر صغير آخر إلى المكان الذي توجد فيه
الفراخ سرعان ما يطرد من تلك المنطقة .(25)
أما اللبائن فتستطيع
التعرف على صغارها عن طريق الرائحة، وتقوم الأمّ بشم ولدها لحظة ولادته
وفيما بعد تصبح هذه الرائحة وسيلة للتعرف على الصّغار (26).
و
يعتبر البطريق من أنجح الحيوانات في استخدام وسيلة التعرف, ويبدو لنا
الأمر شبه مستحيل عند التّعرف على طير وسط طيور متشابهة تماما. والمحير أن
البطريق يستطيع بسهولة التعرف على أفراد عائلته دون خلط وخصوصا الأنثى,
فهي تغيب مدة 2-3 أشهر لجلب الغذاء وعند عودتها لا تجد أية صعوبة في
التّعرف على ذكرها وصغيرها من بين مئات البطاريق.
والأغرب
من ذلك قيام طيور البطريق بجمع صغارها في محلّ واحد شبيه بروضة من رياض
الأطفال ثم تذهب إلى البحر، و هذه الطيور الصغيرة تتراص جنبا إلى جنب, و
هذه العملية مهمة للحفاظ على الصغار من شدة البرد. والمسألة المهمة هنا هي
كيفية تعرف طيور البطريق البالغة على صغارها عند الرجوع من الصيد من بين
مئات الصّغار؟
غير أن طائر البطريق لا يصعب عليه حل هذه المشكلة
لأن البطريق البالغ يبدأ في إصدار أصوات مرتفعة ويستطيع الصغير أن يتعرف
على أمّه وأبيه فيسرع باتجاههما(27).
ولاشك أن وسيلة الصّوت هذه
أنجع وسيلة لتعرف أفراد مستعمرة البطريق على بعضهم البعض من بين الآلاف من
البطاريق. ولكن كيف أمكن لهذه الطيور المتشابهة فيما بينها إلى حد التطابق
أن تمتلك أصواتا مختلفة بعضها عن بعض؟ وكيف اكتسبت هذه الطيور قابلية
التمييز بين الأصوات المختلفة؟ من المستحيل أن تكون طيور البطريق قد
اكتسبت هذه القابلية بمحض إرادتها، إذن من الذي وهبها هذه الميزة الفريدة ؟
ما
هو العنصر من عناصر الطبيعة الذي تولى هذه المهمة؟ هل هو الجليد في
المنطقة القطبية ؟ أم الصخور ؟ الجواب قطعا ليست هذه العناصر أو أحدها
لأنّ هذه العناصر التي يتحدث عنها دعاة التطور بدورها مخلوقة، إذن فالجواب
الواضح الذي لا لبس فيه هو أن الله هو الذي وهبها ميزة الصوت المختلف وجعل
هذه الطيور ذات قدرة على تمييز الأصوات المختلفة وهو الذي يسر لها معيشتها
بهذه الصورة المعجزة وهو البارئ المصور .