هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم
إنتظروا منا الأعمال المميزة يوميا
(https://rafik4educ.yoo7.com/) أين تجد العديد من الملفات الأخرى في منــــتديات الرفـــيــق للتــعلـــيم يمكن تحميلها من روابط مباشرة و بسهولة تامة مجانا ، من أجل إستمرار الموقع و إستفادتنا من العديد من المزايا الأخرى من طرف صاحب الاستضافة للموقع نرجوك أن تقوم بالضغط على الاعلانات الموجودة في الموقع عند زيارتك له.مع تحيات مدير الموقع :حسام الدين وتواصلوا معنا عبر البريد الالكتروني :houcem43@gmail.com
الجنـسية : المزاج : الـبـلـد : نوع المتصفح : الهواية : المهنة : الجنس : الْمَشِارَكِات : 21381 العمر : 30تاريخ التسجيل : 01/02/2009 السٌّمعَة : 751 نقاط : 1045713 توقيع المنتدى :
موضوع: ☆ « الكون المنتفخ » ☆ الثلاثاء أغسطس 09, 2011 8:58 am
☆ « الكون المنتفخ » ☆
نشرت مجلة العلوم الأمريكية في عدد خاص في عام 1991م أهم الإنجازات العلمية التي حققها البشر في القرن العشرين وقد حصرتها في خمس مواضيع رئيسية وهي الكون المتوسع واكتشاف جزيئات الحياة واكتشاف بنية المادة وأنظمة الاتصالات والحواسيب وأخيرا الصفائح التكتونية وانجراف القارات. وما يهمنا من هذه الإنجازات في هذه المقالة هو ما يتعلق بالنظريات التي تشرح الطريقة التي نشأ بها هذا الكون من العدم حيث نجحت هذه النظريات إلى حد كبير في تفسير الظواهر الكونية المختلفة التي يشاهدها البشر من فوق الأرض التي يعيشون عليها بعد أن كانت ألغازا حيرت فلاسفة وعلماء البشر. ظهرت أولى هذه النظريات وهي نظرية الإنفجار العظيم في العشرينات من القرن العشرين وقد هزت نتائجها الأوساط العلمية حينئذ حيث أنها قد حسمت الجدل نهائيا فيما إذا كان هذا الكون حادث له بداية أم أزلي بلا بداية. ولقد جاءت نظرية الإنفجار العظيم لتؤكد على حقيقتين مهمتين ذكرهما القرآن الكريم أولاهما أن هذا الكون حادث وليس أزلي وثانيهما أن المادة الخام التي صنعت منها أجرام هذا الكون كانت على شكل دخان من الجسيمات الأولية. وعلى الرغم من أن نظرية الإنفجار العظيم قد نجحت في رسم صورة واضحة لنشأة هذا الكون تمكن من خلالها العلماء من حل كثير من ألغازه إلا أنها لم تتمكن من حل بعض المشاكل كمشكلة الأفق ومشكلة التسطح ومشكلة التجانس ومشكلة الأقطاب المغناطيسية الأحادية. وفي عام 1979م ظهرت نظرية جديدة تسمى نظرية الكون المنتفخ أو المتضخم (The inflationary universe) حاول من خلالها الفيزيائي الأمريكي ألن كوث إيجاد حل للمشاكل الموجودة في النظرية التقليدية للانفجار العظيم. فعندما قام هذا العالم بتطبيق معادلات الجسيمات الأولية على مادة الكون لحظة انفجاره أظهرت النتائج حدوث ظاهرة فيزيائية غريبة نتج عنها تمدد مفاجئ للكون بمعدلات أكبر بكثير من المعدلات التي توسع بها الكون طبقا لنظرية الانفجار العظيم. ولا بد هنا من التأكيد على أن نظرية الكون المنتفخ تتفق تماما مع نظرية الإنفجار العظيم في جميع تفصيلاتها وأحداثها ما عدا حدوث هذه الظاهرة الغريبة التي بدأت وانتهت خلال جزء واحد من ترليون ترليون ترليون جزء من الثانية. وعلى الرغم من أن هذه الظاهرة قد عملت في مادة هذا الكون لفترة زمنية لا تكاد تذكر إلا أنها تمكنت من حل معظم المشاكل التي عجزت نظرية الانفجار العظيم عن حلها. ولم تقتصر نظرية الكون المنتفخ على حل التناقضات الموجودة في نظرية الإنفجار العظيم بل جاءت بنتائج غريبة ومدهشة فقد بينت هذه النتائج أن التمدد المفاجئ للكون في لحظاته الأولى قد أدى إلى ظهور مناطق على شكل فقاعات يفصل بينها حواجز قوية ( Domain Walls) وقد شكلت كل فقاعة من هذه الفقاعات كونا خاصا بها تحكمه قوانينه الخاصة وما الكون المشاهد الذي نعيش فيه إلا أحد هذه الأكوان. لقد سببت نظرية الكون المنتفخ إحراجا للملحدين لا يقل عن الإحراج الذي سببته لهم نظرية الإنفجار العظيم فقد جاءت نتائجها مؤكدة ومتطابقة مع الصورة التي رسمها القرآن الكريم لهندسة هذا الكون قبل أربعة عشر قرنا. فقد نص القرآن الكريم على وجود أكوان غير الكون الذي نشاهده أطلق عليها اسم السموات السبع وبين بعض خصائصها والتي جاءت متوافقة مع نتائج هذه النظرية. ومن حسن حظ هؤلاء العلماء أن في القرآن الكريم ما يدعم بعض نظرياتهم والتي لا سبيل لإثباتها بطرق تجريبية كوجود أكوان غير الكون المشاهد ليعلموا بذلك أن الله قد أحاط بكل شئ علما وصدق الله العظيم القائل "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا" الطلاق 12. لقد ظهرت نظرية الإنفجار العظيم بعد أن قام الفلكي والرياضي الروسي الكسندر فريدمان في عام 1922م بإعادة حل معادلات النسبية العامة التي وضعها ألبرت أينشتاين في عام 6191م وتبين له من الحل أن الكون في حالة توسع دائم وذلك على عكس ما توصل إليه أينشتاين من أن الكون ساكن. وقد اعترف أينشتاين فيما بعد بأنه ارتكب أكبر غلطة في حياته عندما اختار قيمة أحد الثوابت في معادلاته ليبقى على الكون ساكنا تمشيا مع الاعتقاد السائد في الأوساط العلمية آنذاك. وفي عام 1929م اكتشف إدوين هابل بالاعتماد على مقادير الإزاحة الحمراء في الطيف المنبعث من أعداد كبيرة من المجرات أن المجرات البعيدة تنحسر عنا بسرعة أكبر من المجرات القريبة ثم قام بوضع القانون الذي يربط ما بين المسافة التي تفصلنا عن هذه المجرات وبين سرعة انحسارها أو ما يسمى بقانون هابل. إن مثل هذه الظاهرة لا يمكن تفسيرها إلا من خلال افتراض أن هذه المجرات قد انطلقت من مكان واحد في هذا الكون وتطايرت في جميع الاتجاهات. وفي عام 1931م اقترح القس البلجيكي جيرجس لامتير سيناريو للطريقة التي نشأ بها الكون وهو أن هذا الكون قد ظهر نتيجة لانفجار ما يسمى بالبيضة الكونية والتي كانت تحتوي على جميع مادة وطاقة هذا الكون وقد أطلق على هذا الإنفجار فيما بعد اسم (Big Bang) أي الانفجار العظيم. وبناءا على هذه الحقيقة بدأ علماء الفيزياء الفلكية بدراسة سلسلة الأحداث التي مر بها الكون منذ لحظة انفجاره إلى الآن وذلك بعد أن قاموا بتقدير كمية المادة والطاقة الموجودة في الكون في الوقت الراهن حيث يقدر العلماء عدد المجرات في الكون المشاهد بثلاثمائة بليون مجرة يحتوي كل منها في المتوسط على مائة بليون نجم. وإذا ما سلم العلماء بصحة سيناريو الانفجار العظيم فإن هذا العدد الهائل من المجرات وما تحويه من نجوم كان يوما ما محصورا داخل كرة لا حجم لها عند ساعة الصفر ثم بدأت تكبر شيئا فشيئا إلا أن أصبحت بالحجم الذي هي عليه الآن. وللقارئ أن يتخيل كم ستكون كثافة المادة إذا ما تم ضغط جميع مادة هذا الكون في كرة قطرها كيلومتر ثم متر ثم سنتيمتر ثم ميليمتر وهكذا إلى أن تصبح كرة بلا قطر أو ما يسميه العلماء بالنقطة المفردة (Singularity). ومن الجدير بالذكر أن انهيار نجم بحجم شمسنا إذا ما نفد وقوده يؤدي إلى تحوله إلى قزم أبيض بحجم يقل قليلا عن حجم الأرض وتصل كثافة المادة فيه إلى عدة أطنان في السنتيمتر المكعب الواحد. أما إذا ما زاد حجم النجم عن حجم الشمس وبحيث لا يتجاوز ثلاثة أضعاف حجمها فإن انهياره سيحوله إلى نجم نيوتروني بحجم لا يتجاوز عدة عشرات من الكيلومترات وتصل كثافته إلى عدة ملايين من الأطنان في السنتيمتر المكعب الواحد. أما إذا ما زاد حجم النجم عن ثلاثة أضعاف حجم الشمس فإن انهياره سيحوله إلى ثقب أسود تتركز جميع مادته في نقطة مفردة أي أن كثافته تؤول إلى اللانهاية أما جاذبيته فستبلغ من العلو بحيث لا يمكن حتى للضوء أن يفلت منه. وإذا كان هذا هو حال كثافة المادة عند انهيار نجم واحد فقط فماذا سيكون حال كثافة المادة عند انهيار جميع مجرات الكون لتكون داخل كرة بحجم كرة القدم أو أصغر من ذلك! إن كونا بدأ بهذه الكثافة الهائلة لا يمكن له أن بنفجر من تلقاء نفسه أبدا وذلك بسبب جاذبيته اللامتناهية إلا إذا وجد من يفجره وهو القائل سبحانه وتعالى في محكم تنزيله "أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ" الأنبياء 30. وما كان بإمكان علماء الفيزياء الفلكية دراسة الحالة التي كان عليها الكون وخاصة في الثواني الأولى من الانفجار بسبب القيم البالغة العلو لدرجة الحرارة والكثافة التي كانت عليها مادة الكون لولا الإنجازات العلمية المذهلة في مجال فيزياء الجسيمات الأولية وكذلك استخدام مسرعات الجسيمات العملاقة. لا يعرف العلماء على وجه التحديد ماهية المادة الأولية التي انبثق منها هذا الكون ولا من أين جاءت ولماذا اختارت هذا الوقت بالتحديد لكي تنفجر ولا يعرفون كذلك أيّ شيء عن حالة الكون قبل الانفجار وصدق الله العظيم القائل "مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا" الكهف 51. ويغلب على ظن العلماء أن مادة الكون كانت عند بداية الانفجار مادة صرفة ذات طبيعة واحدة وتحكمها قوة طبيعية واحدة وقد بدأت هذه المادة الصرفة بالتمدد بشكل رهيب وبسرعات غاية في الكبر نتيجة لهذا الانفجار لتملأ الفضاء من حولها. لقد كان الكون الأولي على شكل كرة نارية متجانسة تملؤها سحابة من المادة الصرفة العالية الحرارة والكثافة حيث قدر العلماء درجة حرارة الكون عند لحظة الانفجار برقم هو حاصل رفع الرقم عشرة للأس 35 درجة بينما قدرت الكثافة برقم هو حاصل رفع الرقم عشرة للأس مائة وعشرين إيرج لكل سنتيمتر مكعب. ومع إزدياد حجم هذه الكرة المتوسعة بدأت درجة حرارتها وكذلك كثافتها بالهبوط تدريجيا نتيجة لتوزع طاقتها على حجم أكبر. وبعد هبوط درجة حرارة هذه المادة إلى رقم عشرة مرفوع للأس 28 درجة كلفن بدأت الجسيمات الأولية كالكواركات واللبتونات والفوتونات بالتشكل من هذه المادة الصرفة وبدأت كذلك قوى الطبيعية الأربعة التي كانت موحدة في قوة واحدة بالانفصال عن بعضها البعض تدريجيا. ومع استمرار تناقص درجة حرارة هذا الكون الناشئ إلى الرقم 10 مرفوع للأس 14 درجة كلفن بدأت مكونات الذرة الأساسية الثلاث وهي البروتونات والنيوترونات والإلكترونات بالتشكل من خلال اندماج أنواع الكواركات والليبتونات المختلفة مع بعضها البعض تحت تأثير القوى الطبيعية المختلفة. أما بقية الأحداث التي مر بها الكون فقد شرحناها في مقالة "خلق الأرض في يومين" ومقالة "وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام" المنشورتين على موقع موسوعة الاعجاز العلمي في القرآن والسنة. وعلى الرغم من أن نظرية الإنفجار العظيم قد رسمت صورة واضحة للطريقة التي نشأ بها هذا الكون وتمكنت من حل كثير من ألغازه إلا أن العلماء من خلال دراستهم للأحداث التي تمت في الثانية الأولى من الانفجار اكتشفوا بعض الثغرات فيها. فقد فشلت النظرية في التوفيق بين ما تمخضت عنه حسابات العلماء النظرية من نتائج حول ما جرى في تلك اللحظات من عمر الكون وما هو موجود فعلا في الكون الحالي. ومن هذه المشاكل ما يسمى بمشكلة مسافة الأفق حيث وجد العلماء أن حل معادلات النموذج التقليدي للانفجار العظيم قد أظهرت أن نصف قطر الكون المشاهد يزيد عن مسافة الأفق وهي المسافة التي قطعها الضوء منذ لحظة الإنفجار العظيم. أما المشكلة الثانية فهي مشكلة تتعلق بالتوزع المنتظم لمادة الكون في جميع أرجائه والتي لم يجد العلماء تفسيرا مقنعا له حيث أن خللا طفيفا في مادة الكون في اللحظات الأولى من الانفجار لا بد وأن يؤدي إلى كون غير منتظم على النطاق الواسع. أما المشكلة الثالثة فتتعلق بما يسمى تسطح الكون حيث أن الكون الحالي يبدو مسطحا وهذا لا يمكن أن يحدث إلا إذا كانت كتلة الكون تساوي تماما الكتلة الحرجة التي تظهر في معادلات النسبية العامة. أما المشكلة الرابعة فتتعلق ببعض الجسيمات الثقيلة كالأقطاب المغناطيسية الأحادية والتي أظهرت الحسابات أن الكون في لحظاته الأولى أنتج كميات كبيرة منها ولو أنها كانت موجودة بالفعل لما كان الكون على الصورة التي هو عليها الآن إذا ما علمنا أن شدة المجال المغناطيسي لكل قطب من هذه الأقطاب المغناطيسية الأحادية تعادل شدة مجال أحد الأقطاب المغناطيسية للأرض وأن كتلته تزيد برقم يساوي 10 مرفوع للأس 16 عن كتلة البروتون ولكن العلماء لم يعثروا على أي منها في الكون المشاهد. وفي عام 1979م تمكن أحد الفيزيائين الأمريكيين وهو ألن كوث من معهد ماسوتشوتس للتكنولوجيا من وضع نموذج جديد للإنفجار الكوني أطلق عليه اسم الكون المنتفخ وقد تم نشر بحثه في عام 1981م في مجلة (Physical Review) بعنوان (الكون المنتفخ: حل محتمل لمشكلتي الأفق والتسطح). وفي عام 1982م قام باحث آخر وهو الفيزيائي الروسي أندريه لندي من إجراء بعض التعديلات على نظرية الكون المنتفخ وقام بنشر نتائج بحثه في مجلة (Letters Physical) بعنوان (سيناريو جديد للكون المنتفخ: حل محتمل لمشاكل الأفق والتجانس والتناظر والقطب الأحادي الإبتدائي). وملخص نظرية الكون المنتفخ هو أنه في خلال الثانية الأولى من الانفجار العظيم ونتيجة لحدوث ظاهرة فيزيائية غريبة يطلق عليها اسم التأثير النفقي بدأ الكون بالتمدد بمعدلات أكبر بكثير من المعدلات التي نصت عليها نظرية الانفجار العظيم. ولقد أظهرت النتائج أن الكون قد ازداد حجمه خلال أجزاء لا تذكر من الثانية بمقدار يساوي الرقم 10 مرفوع للأس 50 وقد أدى هذا التضخم أو الإنتفاخ المذهل للكون إلى ظهور كون يخلو من التناقضات التي ظهرت في النموذج التقليدي للإنفجار العظيم. وفيما عدا هذه الفترة الزمنية البالغة القصر التي حدث فيها الإنتفاخ المفاجئ لمادة الكون فإن النظرية الجدبدة تتفق مع النظرية القديمة تماما في طبيعة الأحداث التي جرت في أرجاء ما يسمى بالكون المشاهد. إن الفرق الجوهري بين النموذج التقليدي ونموذج الكون المنتفخ هو أن النموذج التقليدي افترض أن الكون قد بدأ حارا منذ لحظة انفجاره وأن الكرة النارية التي تمدد منها الكون كانت مملؤة بالجسيمات الأولية ذات الطاقة الحركية البالغة العلو وبناءا على هذه الافتراضات اضطر العلماء لوضع شروط ابتدائية كثيرة وصارمة جدا لكي يكون الكون على الصورة التي هو عليها الآن. أما في نموذج الكون المنتفخ فقد تبين للعلماء أن التمدد المفاجئ للكون في لحظاته الأولى قد أزال معظم الشروط الإبتدائية الصارمة وبهذا فإن الكون سيكون على الحال الذي هو عليه الآن بغض النظر عن الشروط الإبتدائية التي يتطلبها حل المعادلات الفيزيائية المتعلقة بعملية الانفجار. وعلى العكس من نموذج الكون الحار فإن نموذج الكون المنتفخ قد أظهر أن الكون كان في لحظاته الأولى باردا جدا (supercool) وكانت جميع مادة وطاقة الكون كامنة في حالة أشبه ما تكون بالفراغ أو ما يسمى بالفراغ الزائف والتي لا وجود فيها للجسيمات الأولية وتغيب فيها كذلك قوى الطبيعة الأربعة حيث أنها كانت موحدة في قوة واحدة لا زال العلماء يجهلون الطريقة التي عملت بها على مادة الكون الأولى. وفي مثل هذه الحالة للمادة يمكن للكون أن يتمدد بدون أي مشكلة تذكر فلو أن قوة الجاذبية قد ظهرت قبل هذا التمدد المفاجئ لما أمكن للكون أن ينفجر بسبب جاذبيته البالغة العلو وحتى لو انفجر فإن مادته ستتطاير بشكل غير منتظم ولن يكون الكون بهذا التجانس والتماثل المذهل والذي فشل نموذج الكون الحار في إثباته. وطبقا لنموذج الكون المنتفخ فإن هذه المادة الصرفة الأشبه ما تكون بالفراغ قد تمددت بسرعات مذهلة قد تفوق بكثير سرعة الضوء وعندما وصل حجمها لحجم حدي معين وكذلك كثافتها بدأت طاقتها الكامنة بالتحلل بشكل منتظم في جميع أرجاء الكون آنذاك ليمتلئ الكون بالجسيمات الأولية والطاقة ويتحول الكون من كون بارد إلى كون حار ومن ثم بدأت أحداثه تتم وفقا لنموذج الكون الحار التقليدي وصدق الله العظيم القائل "ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ" الزخرف 11. ولم يقتصر دور نظرية الكون المنتفخ على حل التناقضات الموجودة في نظرية الإنفجار العظيم بل جاءت بنتائج مدهشة تدعم الصورة التي رسمها القرآن الكريم عن هندسة الكون. فقد بينت النتائج التي تمخضت عنها هذه النظرية أن التمدد المفاجئ للكون في لحظاته الأولى قد أدى إلى ظهور مناطق مادية على شكل فقاعات يفصل بينها حواجز قوية وقد شكلت كل فقاعة من هذه الفقاعات كونا خاصا بها. وتؤكد النظرية بالنص على أن هذا الكون العظيم الذي نشاهده لا يشكل إلا جزءا يسيرا من هذه الأكوان التي لم تستطع النظرية تحديد عددها. فلقد جاء في مقدمة مقالة الكون المنتفخ المنشورة في مجلة العلوم الأمريكية عام 1991م ما نصه (نظرية جديدة في علم الكون تقترح أن الكون المشاهد مكنون في داخل منطقة كبيرة جدا من الفضاء الذي انبثق بمعدل نمو استثنائي في بداية الثانية الأولى بعد الإنفجار العظيم). ومن المشاكل التي تمكنت هذه النظرية الجديدة من حلها مشكلة الأقطاب المغناطيسية الأحادية وأنواع أخرى من الجسيمات الثقيلة وقد جاء الحل داعما أيضا للصورة التي رسمها القرآن الكريم عن بناء هذا الكون. فقد أظهرت نتائج النموذج التقليدي لنظرية الانفجار العظيم أن الأقطاب المغناطيسية الأحادية وبقية الجسيمات الثقيلة قد تولدت بكميات كبيرة في الكون في مراحل نشوءه الأولى. ويقول العلماء أن وجود هذه الجسيمات الثقيلة وبهذه الكميات الكبيرة في بداية نشوء الكون قد يمنع تكونه على الصورة التي هو عليها الآن ولهذا فإنهم لم يعثروا على أي منها في هذا الكون المشاهد وهذه هي أحد مشاكل النموذج القديم. وفي المقابل أظهرت نظرية الكون المنتفخ أن الأقطاب المغناطيسية الأحادية وبقية الجسيمات الثقيلة قد تولدت بالفعل في اللحظات الأولى للانفجار ولكنها لحسن الحظ قد تجمعت في الحواجز التي تفصل ما بين الأكوان العديدة التي ظهرت نتيجة التمدد المفاجئ لمادة الكون الأولى. وإذا ما علمنا أن شدة المجال المغناطيسي لكل قطب من هذه الأقطاب المغناطيسية الأحادية تعادل شدة مجال أحد الأقطاب المغناطيسية للأرض وأن كتلته تزيد برقم يساوي 10 مرفوع للأس 16 عن كتلة البروتون يتبين لنا متانة هذه الحواجز التي تفصل ما بين هذه الأكوان والتي أكد عليه القرآن الكريم كما سنبين ذلك لاحقا. لقد أشارت الآيات القرآنية الكريمة إلى كثير من الحقائق المتعلقة بنشأة هذا الكون والظواهر التي تجري فيه ومن أهم هذه الآيات قوله تعالى "قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ" فصلت 9-12. لقد تفرد القرآن دون بقية الكتب السماوية السابقة بذكر حقيقة أن مادة الكون الأولية كانت على شكل سحابة من الدخان بينما أطلق عليعا علماء الكون اسم الغبار أو الغاز. أما الحقيقة الكبرى التي ذكرها القرآن الكريم وجاءت نظرية الكون المنتفخ لتؤكدها فهي حقيقة وجود أكوان أخرى غير الكون الذي نشاهده بأعيننا أو تصل إليه مراصدنا. ولقد حدد القرآن الكريم عدد هذه الأكوان بسبعة أكوان أطلق عليها اسم السموات السبع وبين بعض خصائصها. فذكر أنها على شكل طبقات حيث تطبق كل سماء على السماء التي دونها ولا يكون ذلك إلا إذا كانت هذه السموات على شكل كرات كل واحدة تحيط بالتي دونها وبحيث يكون مركزها المكان الذي حدث فيه الانفجار الكوني العظيم مصداقا لقوله تعالى "أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا" نوح 15 وقوله سبحانه "الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ طِبَاقًا مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِنْ فُطُورٍ" الملك 3. ولقد وصف القرآن الكريم هذه السموات بالشدة والمتانة وقد جاء هذا الوصف مطابقا تماما لما اكتشفه العلماء في نظرية الكون المنتفخ وهي أن الحواجز بين الأكوان المختلفة مكونة من أقطاب مغناطيسية أحادية القطبية وذلك في قوله تعالى "وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا" النبأ 12 وقوله سبحانه "ءأنتم أشدّ خلقا أم السماء بناها رفع سمكها فسوّاها" النازعات 27-28. إن هذه الأبنية الضخمة قد تم بناؤها بدون استخدام أعمدة تركتز عليها رغم ثقلها ورغم ما تحمل فوقها من أثقال لا يعلم ماهيتها إلا الله وصدق الله العظيم القائل "اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا" الرعد 2 والقائل سبحانه "تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ" الشورى 5. وعلى الرغم من متانة هذه السموات فإنه سيأتي اليوم الذي ستتشقق فيه هذه السموات عندما يأذن الله بذلك وذلك مصداقا لقوله تعالى "وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ" الحاقة 16 وقوله تعالى "يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ" المعارج 8. ولولا وجود السماء الدنيا لما كان الكون الذي نعيش فيه على الحال الذي هو عليه الآن فهذه السقف المرفوع الذي يحيط بكوننا كالكرة هو الذي يحفظ طاقة كوننا من أن تتبدد خارجه وصدق الله العظيم القائل "وَجَعَلْنَا السَّمَاءَ سَقْفًا مَحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ" الأنبياء 32 . ولقد أتى القرآن الكريم على ذكر أجرام في هذا الكون أكبر من السموات السبع ككرسي الرحمن الذي يحوي في داخله هذه السموات السبع مصداقا لقوله تعالى "وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ وَلَا يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ" البقرة 255. إن حجم هذا الكرسي وما يحويه من السموات السبع لا تكاد تذكر مع حجم العرش الذي استوى عليه الرحمن سبحانه وتعالى فقال عز من قائل " قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ" المؤمنون 86. ولقد أشارت بعض الأحاديث النبوية الشريفة إلى الضخامة البالغة لهذا الكون فقد جاء في أحد هذه الأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما السموات السبع في الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وفضل العرش على الكرسي كفضل تلك الفلاة على تلك الحلقة " سلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني.
»»يرجى التسجيل بايميل صحيح حتى لا تتعرض العضوية للحذف و حظر الآى بى .:: لمشاهدة أحسن للمنتدى يفضل جعل حجم الشاشة (( 1024 × 780 )) و متصفح فايرفوكس ::. جميع المواضيع و الردود تعبر عن راي صاحبها ولا تعبر عن رأي إدارة منتديات الرفيق للتعليم بــتــاتــاً »»إبراء ذمة إدارة المنتدى ، امام الله وامام جميع الزوار والاعضاء ، على مايحصل من تعارف بين الاعضاء او زوار على مايخالف ديننا الحنيف ، والله ولي التوفيق